الصلاة في مسجد "بيت الشيخ" في خربة طانا شرق نابلس... تثبيت للحق الفلسطيني في أرضه

رغم كل محاولات منعهم وإغلاق الطريق في وجههم، نجح العشرات في الوصول إلى خربة "طانا" الواقعة شرق بلدة "بيت فوريك" شرقي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة؛ وأدوا صلاة الجمعة اليوم في مسجدها الأثري المعروف بـ"بيت الشيخ".
ويحاول الاحتلال الإسرائيلي هدم "بيت الشيخ" أسوة بهدمه للغالبية العظمى من منشآت الخربة، بهدف سيطرة المستوطنين الكاملة عليها.
يقول الناشط محمود مليطات لـ"قدس برس" إن أهالي بلدة "بيت فوريك"، وبعد نجاحهم في إعادة ترميم المسجد، يحرصون على أداء الصلوات، وخاصة الجمعة، في مسجد الخربة بهدف دعم الأهالي المعدودين على أصابع اليدين، بعد عمليات التهجير والطرد الواسعة التي تعرضوا لها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
ويشير مليطات إلى أن العشرات ينطلقون كل يوم جمعة باكرا من وسط "بيت فوريك" نحو الخربة التي تبعد عدة كيلومترات، خشية من قطع الاحتلال الطريق عليهم، وبعد الوصول يجري الاطمئنان على الأهالي، وزيارة المضارب البدوية، ومن ثم رفع الأذان والاستماع للخطبة واقامة الصلاة.
وفي وقت لا يعرف على وجه التحديد تاريخ بناء المسجد القديم؛ لكنه يعود إلى مئات السّنين بحسب كبار السن، وهو مشيّد من الحجارة والطّين، وكانت تقام فيه الصلوات الخمس لعقود طويلة.
ومع تكرار الانتهاكات ضد أهالي الخربة، بدأت أعداد السكان تتقلص، خصوصاً مع هدم الجرافات الخيام والكهوف والمغارات التي كانوا يقطنونها، وبعد (طوفان الأقصى) جرى تهديد من سيبقى بالقتل والحرق على أيدي المستوطنين المسلحين الذين دهموا المكان بحماية جيش الاحتلال.
ثبات رغم الاعتداءات
منسق حملة الدفاع عن "طانا"، ثائر حنني، يقول: "المسجد هو أكثر ما يثبت الناس على أراضيهم، وهو رمز ديني يجتمع فيه المصلون خمس مرات يومياً، لذلك شرعنا بترميمه بعد أن كان مغلقاً لسنوات".
وأوضح حنني أنه "سبق أن تحول إلى مدرسة لأطفال الخربة بعد هدم الاحتلال مدرستهم، لذلك عملنا على ترميم الجدران من الداخل، ومد شبكة كهرباء تعتمد على ألواح الطاقة الشمسية، بعد أن قطع الاحتلال خطوط الضغط العالي، وترك البلدة برمتها تعيش في ظلام دامس، إضافة إلى فرشه بالسجاد، وصنع منبر خشبي".
ويقود حملة إنهاء الوجود الفلسطيني في الخربة مستوطن يدعى "كوبي"، وهو أحد غلاة المستوطنين الذين يقودون "الاستيطان الرعوي" بالضفة الغربية، ويقيم بؤرة على مئات الدونمات من أراضي "بيت فوريك"، ولم يترك في الخربة خيمة أو كهفاً قائماً من دون تهديد".
كما يعمل كوبي على تدمير خلايا النحل وألواح الطاقة الشمسية بحماية من قوات الاحتلال؛ التي كانت تستدعي جرافات عسكرية لهدم وتجريف وترويع الفلسطينيين.
ويؤكد ثائر حنني أن "الاحتلال ومستوطنيه لم يتركوا وسيلة ولا إجراءات إلا ومارسوها ضد أهالي الخربة خلال السنوات الماضية لإجبارهم على الرحيل، لكن لا مجال للقبول بالأمر الواقع".
ولفت إلى أنه "عقب كل عملية تدمير نباشر بإعادة البناء، وتوفير الخيام وألواح الطاقة الشمسية، وإعادة ترميم الكهوف وحظائر الأغنام، وزراعة الشجر".
ويشير إلى أن "حملة الدفاع عن طانا عملت بجهود فردية من أهالي بلدة بيت فوريك وبعض المتضامنين، على دعم صمود السكان من خلال مساعدتهم على توفير خيام جديدة، أو إصلاح التالف منها وإعادة نصبها، وكذلك تأهيل الكهوف التي جرى تخريبها، ومد خطوط المياه، خاصة مع ردم الاحتلال والمستوطنين كل عيون الماء تقريباً، ما ضاعف من معاناة البدو الذين لا يجدون ما يروون به عطشهم وعطش المواشي التي يعتاشون على تربيتها لإنتاج الحليب والأجبان".
وينفذ الاحتلال الإسرائيلي خطة السيطرة على خربة طانا بدأها قبل أكثر من 15 عاماً، نظراً لموقعها الاستراتيجي، فهي تقع على السّفوح الغربيّة لغور الأردن، وكان جيش الاحتلال يدعم اعتداءات المستوطنين على الأهالي بهدف دفعهم للرحيل.