محللون: عودة بن غفير للحكومة تعني التوجه نحو مزيد من العنف والدموية

أكد مراقبون ومتابعون للشأن الإسرائيلي أن قرار حكومة الاحتلال، المصادقة بالإجماع على إعادة تعيين رئيس حزب "عوتسما يهوديت" اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، وزيرًا للأمن القومي، يُعبر عن توجهات الحكومة الإسرائيلية القائمة على العنف والإجرام بحق الفلسطينيين، ويعتبر بمثابة حبل نجاة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وشدد الكاتب والمحلل السياسي ياسر مناع على أن بن غفير، ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو السادسة، كان جزءًا أساسيًا من التركيبة اليمينية المتشددة التي اعتمد عليها نتنياهو لضمان الأغلبية البرلمانية. وأكد مناع في حديث مع "قدس برس" أن استقالة بن غفير السابقة "لم تكن قطيعة سياسية بقدر ما كانت ورقة ضغط مؤقتة على نتنياهو، في إطار لعبة شد الحبل بين أطراف الحكومة حول قضايا مثل إدارة الحرب على غزة ومصير الأسرى الإسرائيليين".
ورأى مناع أن عودة بن غفير الآن ليست مفاجئة، بل كانت متوقعة سياسيًا، لأن بقاء نتنياهو يعتمد أساسًا على المحافظة على رضا الأحزاب اليمينية المتطرفة، ولا سيما "حزب القوة اليهودية" برئاسته و"الصهيونية الدينية" بقيادة سموتريتش.
ولفت مناع إلى أن "بن غفير ليس مجرد وزير، بل يمثل تيارًا عقائديًا له جذور أيديولوجية في الفكر الكهاني الذي ينادي بترحيل الفلسطينيين وفرض السيادة اليهودية الكاملة على الضفة وغزة بلا أي اعتبارات دولية".
وعن دلالات تلك العودة، اعتبر مناع أن "التطرف والعنف المؤسسي تجاه الفلسطينيين لم يكن مجرد انفعال لحظة الحرب، بل هو توجه ممنهج ومدعوم من قلب الحكومة، ويعكس انسجامًا مع عقيدة الحسم الأمني وليس التسوية السياسية، بل وحتى تجاهل أي مبادرات دولية لوقف إطلاق النار أو حل الدولتين".
وأضاف أن "إحدى الدلالات العميقة لعودة بن غفير هي إدارة الفوضى كوسيلة سياسية؛ إذ يمثل تيارًا يرى أن التصعيد المستمر، سواء في غزة أو الضفة أو القدس، هو السبيل للقضاء على الفلسطينيين ونسف إمكانية وجود كيان فلسطيني مستقر".
وأردف قائلاً إن "عودته، خاصة في ظل استمرار الحرب في الضفة وغزة وحتى لبنان، تعني أن الحكومة ترى في التصعيد أداة استراتيجية طويلة الأمد وليس مجرد تكتيك مؤقت".
ويرى مناع أن عودة بن غفير، بالتزامن مع إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي "شاباك" رونين بار من قبل نتنياهو، تحمل رسالة واضحة للمجتمع الإسرائيلي وللشركاء الدوليين أيضًا، بأن تحالف اليمين القومي الديني مع نتنياهو أقوى من أي خلافات ظرفية، مما يعني أن تآكل الخطاب الليبرالي أو الوسطي داخل إسرائيل أصبح حقيقة، وأن معسكر الصقور ماضٍ في تنفيذ رؤيته دون انشقاقات حقيقية.
من جانبها، قالت الكاتبة السياسية انتصار العواودة إن بن غفير خرج من الحكومة بسبب رفضه التهدئة وصفقة التبادل التي تؤدي إلى إيقاف حرب الإبادة والتهجير القسري لسكان قطاع غزة، وأن أهدافه تتفق مع أهداف نتنياهو في القضاء على وجود الفلسطينيين. وقد وافق نتنياهو على الصفقة كوسيلة لتسويف الأمر وخداع أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، واستدراج قيادة غزة للاستسلام عبر الحل السياسي لتحقيق أهدافه.
وترى العواودة، في حديث مع "قدس برس"، أنه لم يعد أمام بن غفير ما يمنعه من العودة للحكومة، "لا سيما أن نتنياهو قد بيّت نية الانسحاب من الاتفاق، وقد ظهر ذلك عندما رفض التفاوض على تفاصيل المرحلة الثانية في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى".
وشددت على أن "بن غفير يعود لاستكمال الإبادة على أمل رضوخ غزة لتسليم الأسرى والهجرة، واستكمال ضم الضفة الغربية وتهجير سكان المناطق (ج)، ودعم المستوطنين في اعتداءاتهم على الفلسطينيين، وتهويد القدس والمسجد الأقصى".
وقد صادقت حكومة الاحتلال، في ساعات متأخرة من مساء أمس الثلاثاء بالإجماع، على مقترح رئيسها بنيامين نتنياهو، لإعادة تعيين إيتمار بن غفير وزيرًا للأمن القومي، وعضو الكنيست عميحاي إلياهو وزيرًا للتراث، ويتسحاق فاسرلاوف وزيرًا للنقب والجليل والصمود