"إدارة خاصة" لتهجير أهل غزة.. خطوة تؤكد التوجهات "العنصرية" للاحتلال الإسرائيلي

حذر أكاديميون وباحثون من أن إقرار مجلس حكومة الاحتلال المصغر "كابينت" تشكيل إدارة خاصة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة "يشكل خطوة تصعيدية خطيرة تؤكد التوجهات العنصرية للاحتلال الإسرائيلي". 

ويرى الباحثون أن "هذه السياسات، التي تعد جزءًا من مشروع طويل الأمد، تهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي في المنطقة، وهو ما يهدد بتفاقم الأزمات الإنسانية ويعمق معاناة الشعب الفلسطيني". 

وأشار هؤلاء الخبراء في حديثهم لـ"قدس برس"، اليوم الأحد، إلى أن هذا التصعيد "لن يؤثر فقط على الفلسطينيين، بل سيكون له تداعيات بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي والدولي، مما يزيد من الضغوط على الدول العربية".

وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة المفتوحة بغزة، إياد القطراوي، أن "إقرار الكابينت الصهيوني بتشكيل لجنة لمتابعة خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين يعد تأكيدًا على أن (إسرائيل) ماضية في ممارساتها العنصرية ضد الفلسطينيين". 

وأضاف القطراوي، أن "هذه الخطوة تأتي في ظل ضعف الموقف العربي وتواطؤ المجتمع الدولي، مما يجعل من هذه الممارسات انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي". 

وأشار إلى أن "المجتمع الدولي، رغم قراراته الرافضة لتلك السياسات، يظل عاجزًا عن تنفيذ أي إجراءات فعلية لمواجهة الدعم الأمريكي لـ(إسرائيل)".

وأكّد القطراوي أن هذه التطورات "ستكون لها تأثيرات بعيدة المدى على مختلف الأطراف، وقد تؤدي إلى أزمات إنسانية جديدة، كما أنها تهدد بإيجاد نكبة جديدة للفلسطينيين، الذين لا يزالون يعانون من تبعات النكبة الأولى، وتقضي على آمالهم في العودة وتقرير مصيرهم، مما يزيد الضغط على الدول العربية".

وقال الباحث في "مؤسسة القدس الدولية" (حقوقية مقرها بيروت)، علي إبراهيم، إن "التصريحات الأخيرة لوزير (الأمن القومي) لدى الاحتلال، إيتمار بن غفير، والتي دعا فيها إلى قصف مخازن الأغذية وخطوط الكهرباء في قطاع غزة، تشكل دليلاً واضحاً على أن مشروع التهجير هو أحد الأهداف الأساسية لهذه الحكومة المتطرفة". 

وأضاف إبراهيم أن "تصريحات بن غفير، التي أشارت إلى أن عودته إلى الحكومة جاءت مقابل تصعيد العدوان على غزة، إلى جانب قرار حكومة الاحتلال تشكيل هيئة خاصة لإدارة عملية تهجير الفلسطينيين، تؤكد التوجه (الإسرائيلي) الممنهج لتنفيذ هذه السياسة".

وأوضح أن هذه التطورات "تتناغم مع مشروع ترامب الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، والذي يحظى بدعم استثنائي من قبل الإدارة الأمريكية لاستئناف العدوان على القطاع". 

ولفت إبراهيم إلى أن "استمرار المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال تهدف إلى دفع الفلسطينيين للقبول بمخططات التهجير، وذلك من خلال فرض حصار شامل على السكان، يحرمهم من الغذاء والدواء، ما يُجبرهم على مغادرة القطاع في إطار عملية تهجير قسري، تستهدف تفكيك النسيج المجتمعي الفلسطيني". 

وأضاف أن "الاحتلال يحاول تحويل هذه السياسات إلى ممارسات قانونية عبر الادعاء بأنها تتماشى مع القانون الدولي".

وأشار إبراهيم إلى أن "ما تقوم به قوات الاحتلال من استهداف عشوائي وارتكاب المجازر المتتالية، إلى جانب تدمير ما تبقى من البنية التحتية الحيوية في غزة، لا يمكن تصنيفه على أنه عملية عسكرية، بل هو إبادة جماعية تهدف إلى إجبار المقاومة على الاستسلام وفرض تسوية تخدم مصالح الاحتلال، في محاولة لفرض تنازلات فلسطينية بشأن الحقوق التاريخية والإنسانية".

ودعا إبراهيم إلى "ضرورة أن تكون هناك خطوات عملية تدعم الفلسطينيين في مواجهة هذه الانتهاكات"، مشيرًا إلى أن "إدانة هذه الأفعال وحدها لا تكفي، في ظل التواطؤ الغربي والصمت العربي المخزي". 

ولفت إلى "تحذيرات المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ويتكوف، الذي أكّد أن أي تغييرات ستحدث في الدول المجاورة لغزة سيكون تأثيرها أكبر بكثير من اغتيال القائد الشهيد يحيى السنوار".

وأكّد على أن "معركة الثبات في قطاع غزة لم تعد مجرد معركة عسكرية تقليدية، بل هي جزء من صراع تاريخي على الهوية والكرامة الفلسطينية". 

واختتم حديثه بالقول، إن "هذا الصراع يتطلب تحركًا فعالًا باستخدام مختلف الأدوات المتاحة، وإلا فإن الاحتلال سيتقدم في تنفيذ مخططاته، مما سيؤدي إلى نتائج كارثية".

وكان مجلس حكومة الاحتلال المصغر "كابينت" قد صادق اليوم الأحد، على إنشاء هيئة لإدارة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

يتزامن ذلك مع استئناف قوات الاحتلال فجر الثلاثاء الماضي عدوانها على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، لكن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار على مدار الشهرين.

واستمر الاحتلال في قصفه لأماكن متفرقة من قطاع غزة، مخلفا شهداء وجرحى، ورفض تطبيق البروتوكول الإنساني، وشدد حصاره الخانق على القطاع الذي يعيش مأساة إنسانية غير مسبوقة.

وتتنصل حكومة بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ تسعى لإطلاق سراح مزيد من الأسرى لدى المقاومة من دون الوفاء بالتزامات هذه المرحلة، ولا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بالكامل.

وبدعم أميركي أوروبي ترتكب قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 162 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

 

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"صدى سوشال": أكثر من 1247 انتهاكًا رقميًا بحق الفلسطينيين خلال يونيو.. و"إنستغرام" في صدارة القمع
يوليو 2, 2025
كشف مركز "صدى سوشال" للحقوق الرقمية (مستقل مقره رام الله)، عن تصاعد حاد في وتيرة الانتهاكات الرقمية ضد الفلسطينيين ومناصري القضية الفلسطينية، مؤكدًا توثيقه 1247 انتهاكًا رقميًا خلال شهر حزيران/يونيو 2025 الماضي، في سياق ما وصفه بـ"التصعيد الرقمي المنظّم والمتعدد الأطراف" ضد المحتوى الفلسطيني، تزامنًا مع اتساع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتضييق حرية الصحافة
"فلسطينيي الخارج" يستعرض أهم المخاطر التي تهدد "أونروا" خلال تموز 2025 وحتى حزيران 2026
يوليو 2, 2025
سلّط "ملف الأونروا" في "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" الضوء على جملة من التحديات والمخاطر المصيرية التي تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خلال الفترة الممتدة بين تموز/يوليو 2025 وحزيران/يونيو 2026، في ظل تصاعد الضغوط السياسية والمالية، وتكثف المساعي الدولية لإعادة هيكلة دور الوكالة وتقليص مسؤولياتها. وفيما يلي أبرز المحاور التي استعرضها التقرير: 1. تجديد
"الأورومتوسطي": 85% من مساحة قطاع غزة خاضعة لسيطرة إسرائيلية مباشرة أو مشمولة بأوامر إخلاء
يوليو 2, 2025
اتهم "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" (حقوقي مقره جنيف)، "إسرائيل" بمواصلة ارتكاب جريمة التهجير القسري بحق سكان قطاع غزة، في إطار سياسة معلنة وممنهجة تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه الأصليين، وذلك باستخدام أدوات متعددة، تشمل القصف واسع النطاق، والتجريف، والتجويع، وتدمير البنية التحتية، والطرد بالقوة العسكرية، وأوامر الإخلاء القسري. وقال المرصد، في بيان صحفي اليوم
إيرلندا تبحث مشروع قانون يجرّم استيراد منتجات المستوطنات
يوليو 2, 2025
تواصل اللجنة المشتركة للشؤون الخارجية والتجارة في أيرلندا، اليوم الأربعاء، جلسات الاستماع بشأن مشروع قانون المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (حظر استيراد السلع)، وهو مشروع تدعمه الحكومة ويهدف إلى تجريم واردات المنتجات القادمة من مستوطنات الضفة الغربية، التي تُعدّ غير قانونية بموجب القانون الدولي. وكان الاجتماع قد بدأ أمس الثلاثاء، حيث قدّم كبار المسؤولين
وقفة احتجاجية في ساو باولو للمطالبة بقطع العلاقات مع "إسرائيل" ووقف الإبادة في غزة
يوليو 2, 2025
شهدت مدينة ساو باولو البرازيلية يومي 1 و2 تموز/يوليو وقفة احتجاجية امتدت على مدار 24 ساعة، نظمتها حركات اجتماعية وشخصيات سياسية وثقافية، أمام مقر مكتب التمثيل الرئاسي للحكومة الفيدرالية البرازيلية (ERESP)، للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وقطع العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والتجارية بين البرازيل و"إسرائيل". الوقفة، التي حملت عنوان "وقفة احتجاجية لمدة 24 ساعة
إعلام إسرائيلي: صواريخ إيران ألحقت خسائر فادحة بمعهد أبحاث "وايزمان" في تل أبيب
يوليو 2, 2025
أكدت وسائل إعلام عبرية أن معهد "وايزمان" للعلوم، أحد أبرز المراكز البحثية المرتبطة بجيش الاحتلال وعملياته العسكرية، تعرّض لأضرار جسيمة إثر هجوم صاروخي إيراني استهدفه منتصف حزيران/يونيو الجاري. وأسفر الهجوم عن دمار واسع وخسائر مالية وعلمية فادحة تهدد بتجميد أبحاث حيوية يجريها المعهد. ونقلت صحيفة /ذا ماركر/ الإسرائيلية، المتخصصة بالشؤون الاقتصادية، عن رئيس المعهد، البروفيسور