"الأورومتوسطي": رفض محكمة الاحتلال إدخال المساعدات لغزة يُشرعن التجويع والإبادة

جنيف - قدس برس
|
مارس 28, 2025 12:26 م
قال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" إنّ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية رفض التماس استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، يُمثّل حلقة مركزية في إطار منظومة استعمارية متكاملة وفاعلة، تُسهم على نحو مباشر في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع.
وأكّد المرصد في بيان، اليوم الجمعة، أنّ "القرار الذي صُدر أمس الخميس، يُبرهن مرة أخرى على أنّ القضاء الإسرائيلي، الذي لم يكن يوما أداة للعدالة للفلسطينيين، يعمل مكوّنا وظيفيًا في نظام منهجي تُشارك فيه جميع مؤسسات الدولة، بما فيها الحكومة، والجيش وأجهزة الأمن الأخرى، والنيابة العسكرية، والمحاكم، ووسائل الإعلام، وتنسّق الأدوار فيما بينها لتنفيذ الجرائم ضد الفلسطينيين، وتيسير ارتكابها، وتوفير غطاء قانوني زائف لها، في تحدٍّ صارخ للمعايير القانونية الدولية والإنسانية".
وأشار إلى أنّه في الوقت الذي حذّرت فيه منظمات حقوقية من المجاعة المتسارعة في غزة، ومن وفاة أطفال رضّع نتيجة الجوع، بسبب منع "إسرائيل" إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع الأساسية إلى قطاع غزة لأكثر من ثلاثة أسابيع على التوالي، جاءت "المحكمة العليا" لتُضفي شرعية واضحة ومباشرة على هذا الحصار، الذي حرم أكثر من مليوني إنسان، نصفهم من الأطفال، من الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء، على مدار ثمانية عشر شهرا.
وأوضح أن قرار المحكمة جاء لتصدّق على استخدام التجويع سلاحا معلنا ضد فلسطينيي قطاع غزة، وتُحوّله إلى سياسة رسمية تُنَفَّذ بقرار سياسي وتُثبَّت بحكم قضائي، في واحدة من أوضح الصّور التي تعكس تورط جميع المؤسسات الإسرائيلية الرسمية في جريمة الإبادة الجماعية.
وأضاف أنّ "المحكمة الإسرائيلية بررت قرارها بالقول إنّ التزامات الاحتلال الحربي في القانون الدولي لا تنطبق على دولة إسرائيل في جميع الأمور المتعلقة بقطاع غزة، وهو ما يُخالف على نحو مباشر القواعد المستقرة في القانون الدولي والمعترف بانطباقها دوليًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتابع أن القرار ينتهك على نحو خطير قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة في سياق دعوى الإبادة الجماعية ضد "إسرائيل"، ويتعارض مع رأيها الاستشاري الصادر في عام 2024.
ولفت إلى أنّ القرار يُشكّل مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، المنطبقة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قطاع غزة، التي تُلزم السلطة القائمة بالاحتلال بضمان الإمدادات الغذائية والطبية للسكان الواقعين تحت الاحتلال.
وأردف: "في حال لم تكن الموارد المحلية كافية، فيقع عليها واجب السماح بعمليات الإغاثة لمصلحة هؤلاء السكان وتوفير التسهيلات، بما في ذلك العمليات التي تقوم بها دول أو هيئات إنسانية، وعلى الأخص من مساعدات الأغذية والإمدادات الطبية والملابس".
وبيّن أنّ القرار يعد أيضًا تجاوزًا فاضحًا لقرارات محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل).
وأمرت محكمة العدل في كانون ثانٍ/ يناير 2024، ثم مجددًا في آذار/ مارس من العام نفسه، "إسرائيل" باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية الملحة والمساعدة الإنسانية للتصدي للظروف السيئة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة، بما في ذلك توفير الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والمساعدات الإنسانية، ومتطلبات الملابس والنظافة والصرف الصحي، فضلًا عن الإمدادات الطبية والرعاية الطبية للفلسطينيين في جميع أنحاء غزة- بما في ذلك عن طريق زيادة قدرة وعدد نقاط العبور البرية وإبقائها مفتوحة لأطول مدة ممكنة، وبالتنسيق مع الأمم المتحدة.
وشدّد المرصد على أنّ تبرير المحكمة الإسرائيلية يتعارض على نحو صارخ مع ما أقرّته محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية في العالم، في رأيها الاستشاري الصادر في 19 يوليو/ تموز 2024، إذ أكدت بشكل قاطع أنّ الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 لم يُنهِ التزامات "إسرائيل" القانونية.
وأكد أنّ هذه السيطرة تعمّقت بشكل ملحوظ بعد 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023. وبناء عليه، تبقى "إسرائيل" القوة القائمة بالاحتلال بموجب القانون الدولي، وتتحمل التزامات تجاه السكان المدنيين في غزة، بما يشمل إدخال المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية.
وأوضح أن الالتزامات المتعلقة بمنع تجويع السكان وإدخال المساعدات الإنسانية لا تقتصر فقط على قواعد قانون الاحتلال، بل تشمل أيضًا التزاماته بموجب الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من المواثيق الدولية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك.