السوريون في درعا يؤكدون أن الاعتداءات الإسرائيلية على مدينتهم زادتهم تمسكًا بفلسطين

مع تصاعد وتيرة الغارات والانتهاكات التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية، خصوصًا في الجنوب، تزايد الغضب الشعبي في محافظة درعا، التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية عام 2011.
وشدد مواطنون سوريون من سكان "درعا" جنوب البلاد على أن اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي على محافظتهم "لن تضعف إرادة السوريين، بل ستزيدهم إصرارًا على استعادة سيادتهم، وتؤكد أن فلسطين ستبقى بوصلتهم المركزية".
ويؤكد أحد وجهاء "درعا" والناشط فيها، محمد أبو راكان، أن "إسرائيل تعتقد أنها تستطيع فرض وقائع بالقوة، لكنها تغفل أمرًا غاية في الأهمية، وهو أن الشعوب لا تُهزم".
وأضاف في حديث مع مراسل "قدس برس" قائلًا: "نحن في درعا لا نخشى الطائرات ولا الصواريخ، بل نخشى فقط أن نتخلى عن مبادئنا. كل غارة، وكل شهيد، وكل خرق للسيادة، هو وقود لغضبنا ووعي أبنائنا".
وتابع: "نعم، نواجه أزمات، لكن ما يجمعنا هو إيماننا بأن فلسطين ليست خارج المعادلة، بل هي مركزها". وأشار إلى أن "شرارة الثورة التي انطلقت من درعا، هي ذاتها التي ستدفع السوريين للانتفاض مجددًا ضد الاحتلال".
وأكد مجددًا: "نحن لم ننتفض لأجل رغيف خبز أو متاع، بل من أجل الكرامة، وهذه الكرامة لا تكتمل إلا بتحرير الأرض... كل الأرض، من الجولان إلى القدس"، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أشار الناشط المجتمعي في "درعا"، أحمد الزعبي، إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول استغلال أي فراغ أو انقسام داخلي ليوجه ضرباته، لكنه لا يعلم أن هذه الاعتداءات توحّد الناس أكثر مما تفرقهم... في كل مرة يُقصف فيها الجنوب (السوري)، يزداد الشباب قناعة بأن العدو الحقيقي واحد، وأن الصراع ليس داخليًا كما يحاول البعض تصويره".
وتابع في حديثه لمراسلنا: "هنا في درعا، نعتبر أن الجنوب ليس فقط جغرافيا، بل هو خط دفاع عن القدس". مؤكدًا أن "هذه الغارات لن تمر دون أن تترك أثرها في عقول الجيل الجديد، الذي بدأ يدرك أن فلسطين قضيته، بقدر ما هي قضية أهلها".
وأشارت المعلمة في إحدى مدارس درعا، لمياء الخلف، إلى أن "الاحتلال يستخدم ترسانة إعلامية وسياسية لتبرير جرائمه، لكن الحقيقة أوضح من أن تُطمس. نحن نعيش في بلد يُقصف، ويُخترق، ويُستهدف فقط لأنه لا يركع"، وفق قولها.
وأضافت: "شخصيًا، كأم ومعلمة، أرى أن أكبر خسارة لإسرائيل هي أننا نُربي جيلًا لا ينسى، لا يخاف، ولا يُخدع"، مشددة على أن "إسرائيل قد تُدمّر مبنى أو تقتل شهيدًا، لكنها لا تستطيع أن تقتل ذاكرة، أو تُطفئ حلمًا".
أما الطالب الجامعي، يوسف المسالمة، فقد عبّر عن شعوره بـ"الغضب والخجل في آن معًا"، موضحًا: "الغضب لأن العالم يتواطأ بصمته، والخجل لأننا لم نفعل ما يكفي بعد". وأكد: "أؤمن أننا نقترب من لحظة الصدق، لحظة المواجهة... فلسطين ليست شعارًا بل مصيرنا، ومَن يعتقد أن الغارات ستدفعنا للتراجع، لا يعرف شيئًا عن درعا وأهلها".
وأوضح: "الدماء التي تسيل هنا وهناك، من جنين (شمال الضفة الغربية) إلى درعا (جنوب سوريا)، توحدنا أكثر مما يظنون. لا يمكن أن نكون أحرارًا فعلًا إذا لم تكن فلسطين هي وجهتنا".
من جانبه، وصف أحد وجهاء مدينة "نوى" جنوب سوريا، عبدالقادر الحسن، منطقتي "حوران" و"درعا" بأنهما "ليستا فقط بوابة الجنوب، بل بوابة التاريخ... وجيش الاحتلال يقصف تلك المناطق خوفًا من المستقبل"، على حد وصفه.
وأضاف: "نحن نتحدث كثيرًا عن إعادة بناء الدولة السورية... لكن لا دولة بلا كرامة، ولا كرامة بوجود احتلال. فلسطين هي الامتحان الحقيقي لصدقنا مع أنفسنا. وعندما تواجه الشعوب الاحتلال، لا تبقى للطائرات قيمة".
وكان 9 مدنيين سوريين على الأقل قد ارتقوا فجر أمس الخميس، جراء قصف شنّته طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوب سوريا، عقب توغل لقواته في المنطقة، بعد ساعات من غارات استهدفت موقعًا إستراتيجيًا ومطارين عسكريين في مناطق أخرى من البلاد.
وأفادت محافظة درعا، في بيان على "تلغرام"، بـ"ارتقاء 9 مدنيين وإصابة آخرين، في حصيلة أولية، إثر قصف للاحتلال الإسرائيلي على حرش سد الجبيلية، الواقع بين مدينة درعا وبلدة تسيل غرب درعا"، مشيرة إلى أن ذلك أعقب توغلًا إسرائيليًا في المنطقة، "إذ تقدمت قوات الاحتلال لأول مرة إلى هذا العمق".