مصادر تكشف لـ"قدس برس": أبراج اتصالات إسرائيلية للتشويش على بث الإذاعات المحلية في قطاع غزة

منذ تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل نحو شهر من الآن، بات أهالي القطاع يواجهون صعوبات في التقاط إشارات الراديو من الإذاعات المحلية التي تبث من الضفة الغربية، والتي باتت المصدر الرئيسي للأخبار العاجلة بعد أن غاب التلفاز عن جلسات الغزيين بسبب انقطاع الكهرباء.
وترجح مصادر إعلامية تحدثت إلى "قدس برس" أن يكون جيش الاحتلال قد تعمد التشويش على هذه الإذاعات عبر أبراج الاتصالات التي دشنها مؤخرا على طول الشريط الشرقي للقطاع، والتي تعمل على كسر موجة الاتصال القادمة من الإذاعات المحلية.
ومنذ تجدد العدوان الإسرائيلي على القطاع في 18 من آذار/ مارس الماضي، سيطر جيش الاحتلال على طول الشريط الشرقي والجنوبي للقطاع، كما قام بوضع معدات هندسية واستخبارية متطورة لم يكشف عن الهدف منها.
وكانت "قدس برس" قد كشفت في تقرير سابق أن جيش الاحتلال قد دشن أبراج اتصالات في عدد من النقاط الحدودية منها "تبة المنطار"، و"جبل الريس" في محافظة غزة، وموقع "مقبولة" في وسط القطاع، وبوابة "كيسوفيم" في محافظة خان يونس، ومحور "موراج" في محافظة رفح.
وتعمل هذه الأبراج وفقا لمصادر إعلامية على إطلاق موجات راديو عالية التردد، تعمل على كسر حالة الاتصال، مما يصعب على أجهزة الراديو التقاط الإشارات القادمة من الإذاعات المحلية التي تبث من محافظات الضفة الغربية، حتى أن هذه الترددات أثرت على جودة الاتصال الخلوي.
وتجدر الإشارة هنا، أن جيش الاحتلال تعمد منذ الساعات الأولى للعدوان على القطاع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على قصف وتدمير مقار 25 إذاعة محلية كانت تعمل في غزة، ما أدى لتوقفها عن البث، وأعاق قدرتها على متابعة التطورات الميدانية، وبالتالي تحول اعتماد أهالي غزة على البث الإذاعي القادم من الضفة الغربية.
ومن بين هذه الإذاعات وأكثرها شهرة، صوت الأقصى، وإذاعة القدس، والرأي الحكومية، وصوت الشعب، وإذاعة البراق، وصوت الأسرى، وصوت وطن، ألوان، وإذاعتي القرآن الكريم التابعتين للجامعة الإسلامية ووزارة الأوقاف، إلى جانب غيرها من المحطات التي كانت تشكل نافذة رئيسية للجمهور الفلسطيني لمتابعة الأخبار والتطورات الميدانية.
بدوره يشير نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، أن "الإذاعات المحلية كانت على الدوام المصدر الرئيسي والأساسي لتلقي الأخبار لأهالي القطاع في ظل انقطاع الكهرباء والانترنت لفترات طويلة، وتكمن أهمية هذه الإذاعات من سهولة الوصول إليها، حيث لا يلزمك سوى جهاز راديو، أو هاتف ذكي".
وأضاف الأسطل في حديث لـ"قدس برس" "كما تكمن أهمية هذه الإذاعات من كونها تقوم بعمل مضاد للدعاية الإسرائيلية، حيث يتلقى المواطن تعليماته وتوجيهات الجبهة الداخلية من خلالها، ولكن مع تحييد إسرائيل لهذه الوسائل الإعلامية باتت هي المحتكرة والمصدر الرئيسي للمعلومات، والتي تستغلها في نشر الشائعات والأكاذيب بهدف زعزعة استقرار الجبهة الداخلية".
بموازاة ذلك- عملت أبراج الاتصالات التي دشنتها دولة الاحتلال في القطاع، على تقوية إشارات الإذاعات العبرية، خصوصا تلك الناطقة بالعربية مثل راديو "مكان"، وإذاعة "الريف" التي تبثان من الداخل الإسرائيلي.
وتعمل هذه الإذاعات كوسائل إعلام عبرية موجهة للجمهور العربي، يتشكل طاقمها من مراسلين وصحفيين يجيدون اللغة العربية، وتستغلها دولة الاحتلال في ترويج روايتها مستغلة غياب أي وسيلة إعلام محلية مضادة لها.
تجدر الإشارة إلى تجاوز عدد الشهداء الصحفيين الذين ارتقوا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة 211 صحفيا، وهو معدل أعلى بثلاث أضعاف من القتلى الصحفيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية والذين بلغ عددهم 69 صحفيا خلال ست سنوات.
واستأنف الاحتلال الإسرائيلي فجر الـ18 من آذار/مارس 2025 عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون ثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار طوال الشهرين الماضيين.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.