الجوع في غزة يهدد حياة الأطفال والنساء الحوامل

يواجه قطاع غزة أخطر أزمة مجاعة تهدد حياة سكانه، وذلك نظرًا لدخوله أطول فترة إغلاق للمعابر، منذ الثاني من آذار/ مارس 2025 وحتى يومنا هذا.
وقد تراجع مخزون الغذاء والأطعمة في القطاع إلى أدنى مستوياته، وباتت أسعار المواد الغذائية القليلة المتوفرة في الأسواق باهظة الثمن.
وفي ضوء ذلك، حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، سيغريد كاغ، من خطر يهدد حياة ومستقبل 60 ألف طفل في القطاع دون سن الخامسة، بسبب سوء التغذية.
ويُستخدم مصطلح "سوء التغذية" للتعبير عن حالة لا يحصل فيها الجسم على جميع العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها، أو على جزء منها.
وتتراوح حدة سوء التغذية بين الطفيفة الهامشية وبين الحالات الشديدة التي تسبب أضرارًا غير قابلة للإصلاح، وذلك عندما لا يحصل الجسم على واحد أو أكثر من العناصر الحيوية اللازمة لأداء وظائفه بصورة طبيعية.
ويتطور سوء التغذية لدى الأفراد بشكل تدريجي، خاصة بين المرضى والأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، إذ يصعب تشخيصه في بداياته، مما يزيد من خطورته عندما يُحدث أضرارًا جسدية تظهر آثارها على المدى البعيد.
وتفتقد أسواق القطاع أصناف الطعام الأساسية، وعلى رأسها الحليب، والبيض، واللحوم، والعصائر، وغيرها من المواد الغذائية الغنية بالفيتامينات والبروتينات الضرورية لنمو الأطفال بشكل طبيعي.
أما الخَضروات، فقد تضاعفت أسعارها أكثر من ثلاث مرات، وذلك منذ العملية البرية التي شنها جيش الاحتلال في مدينة رفح قبل نحو أسبوعين، لا سيما أن تلك المناطق كانت تُعد سلة غذاء غزة، بفضل خصوبة التربة واحتوائها على آلاف الدونمات الزراعية.
ويعتمد معظم سكان القطاع على المعلّبات، وهي أطعمة جاهزة مغلّفة بأوانٍ معدنية كانت تقدمها منظمات دولية قبل فرض الحصار من قبل قوات الاحتلال.
إلا أن هذه الأطعمة رغم ذلك تحمل مخاطر صحية عالية بسبب احتوائها على كميات كبيرة من المواد الحافظة، مما يتسبب في أمراض مثل قرحة المعدة، والقولون العصبي، وغيرها.
التأثير على صحة النساء الحوامل
لا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة للنساء الحوامل في غزة، فقد حذّرت منظمة الصحة العالمية (تابعة للأمم المتحدة)، من مخاطر جسيمة تهدد صحة الأمهات والأجنة، نتيجة سوء التغذية وافتقارهن إلى أطعمة غنية بالبروتينات والفيتامينات.
ويُقدّر عدد النساء الحوامل في غزة بنحو 55 ألف امرأة، ثلثهن يواجهن حالات حمل عالية الخطورة.
ويولد نحو 130 طفلًا يوميًّا، وتُجرى 27% من هذه الولادات بعمليات قيصرية، بينما يُولد نحو 20% من المواليد الجدد قبل أوانهم، أو يعانون من نقص الوزن أو مضاعفات صحية تتطلب رعاية طبية متقدّمة بدأت تتناقص بسرعة.
وأظهر تحليل حديث أجرته المنظمة بمناسبة أسبوع الصحة العالمي (في الفترة ما بين 7 – 13 نيسان/ أبريل الجاري)، أن ما بين 10 – 20% من أصل 4500 امرأة حامل ومرضعة شملهن البحث، يعانين من درجات متفاوتة من سوء التغذية.
ويُعزى ذلك، إلى جانب عوامل نقص الغذاء، إلى عدوان الاحتلال الذي تسبب في إغلاق أكثر من 21 مركزًا صحيًّا تابعًا للأمم المتحدة واليونيسف، كانت تقدم خدمات الرعاية الطبية للنساء الحوامل والمرضعات، وذلك بسبب انعدام الأمن وإصدار الاحتلال أوامر بالإخلاء دفعت القائمين على هذه المراكز إلى مغادرتها.
وأشار طبيب النساء والأطفال، الدكتور نبيل العمصي، في حديث لـ"قدس برس" اليوم الاثنين، إلى أن "غالبية النساء اللاتي يأتين إلى العيادة الطبية للكشف عن صحتهن وصحة الجنين، يواجهن احتمالات الإصابة بما يُعرف بتسمم الحمل، الذي يصيب عادة النساء في الأشهر الأولى من الحمل بسبب نقص التغذية السليمة، وانخفاض نبض الجنين".
وأضاف: "كنا في السابق نقدّم للنساء الحوامل سوائل وريدية غنية بالفيتامينات والبروتينات، بالإضافة إلى المكملات الغذائية والمضادات الحيوية، ولكن منذ إغلاق الاحتلال للمعابر، توقفت هذه الإمدادات الطبية، وسرعان ما ظهرت آثار هذا النقص سلبًا على صحة النساء".
وقد استأنف الاحتلال الإسرائيلي فجر 18 مارس/ آذار 2025 عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال الشهرين الماضيين.
وبدعم أمريكي وأوروبي، تواصل قوات الاحتلال ارتكاب إبادة جماعية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد على 14 ألف مفقود.