"الأورومتوسطي": المجاعة وشيكة في قطاع غزة بعد 45 يومًا من الحصار الشامل.. المطلوب تحرك عاجل لمنع تفشّيها

حذّر "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" من بدء تفشّي المجاعة في قطاع غزة، في ظلّ استمرار الحصار الشامل غير القانوني الذي تفرضه "إسرائيل" على القطاع منذ 45 يومًا، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، في أطول مدة متصلة منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية قبل أكثر من 18 شهرًا.

وقال المرصد (حقوقي مقره جنيف)، في بيان صحفي اليوم الخميس، تلقته "قدس برس"، إنّ طواقمه العاملة في قطاع غزة بدأت برصد مؤشرات خطيرة تنذر بدخول السكان حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد يوشك أن ينتقل إلى مستوى المجاعة، إذ تسبّب الحصار الإسرائيلي بنقص حاد ومستمر في الغذاء الأساسي الضروري للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الحبوب والبروتينات والدهون، إلى جانب تعطيل وتدمير ما تبقى من البنية التحتية الزراعية والغذائية من خلال القصف والاحتلال العسكري المباشر، علاوة على اضطرار السكان لبيع بعض من ممتلكاتهم الأساسية من أجل توفير الغذاء، ما يشي ببدء انهيار آليات التكيّف لديهم.

وذكر "الأورومتوسطي"، أنّ العائلات اضطرت إلى تقليص الوجبات اليومية للحد الأدنى، ما أدّى إلى نقص واضح في أوزان السكان الذين بات معظمهم يعتمد على نحو شبه كامل على المعلّبات القليلة المتوفرة، في ظل غياب الغذاء الطازج والمغذي. وأشار إلى اعتماد العائلات على التكايا الخيرية في توفير وجبة الطعام اليومية، والتي صعّد الجيش الإسرائيلي من وتيرة استهدافها بالقصف الجوي في الأسابيع الأخيرة، في إصرار على حرمان السكّان من الحد الأدنى من الطعام.

ووثق المرصد استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي عمدًا لأكثر من 37 مركزًا لتوزيع المساعدات و28 تكية طعام، ضمن سياسة ممنهجة لتجويع المدنيين ومفاقمة معاناتهم. ولفت إلى مشاهد الفلسطينيين الذين يصطفون في طوابير طويلة قرب هذه المرافق، أملاً في الحصول على وجبة بسيطة من الأرز أو الحساء، في مشاهد غير مسبوقة تعكس مستوى الانهيار الإنساني في القطاع.

كما أكد "الأورومتوسطي"، أنّ فريقه الميداني وثّق خلال جولات ميدانية فقدان الخبز بشكل شبه تام من الأسواق نتيجة توقف جميع المخابز عن العمل، وانعدام وجود مختلف أنواع اللحوم سواء الطازجة أو المجمدة، في حين تباع كميات قليلة من الخضراوات بأسعار باهظة لا يستطيع معظم السكان تحمّلها، خاصة بعد 18 شهرًا من توقف مصادر دخلهم.

وعدّ "الأورومتوسطي" جريمة التجويع التي تنفذها إسرائيل بحق المدنيين في غزة من أكثر صور الإبادة الجماعية قسوة وتجريدًا للكرامة الإنسانية، مشيرًا إلى أنّها تهدف إلى القضاء على قدرة السكان على البقاء، من خلال تدمير سبل العيش ومنع دخول المساعدات واستهداف مصادر الإنتاج وتعطيل سلاسل الإمداد.

وأوضح "الأورومتوسطي"، أن النساء والأطفال، الذين يشكلون أكثر من ثلثي سكان القطاع، هم الأكثر تأثرًا بهذه السياسة، حيث يواجه الأطفال خطر الموت البطيء نتيجة سوء التغذية الحاد ونقص المناعة وتأخر النمو، في ظل غياب الغذاء والرعاية الصحية، فيما تتعرض النساء الحوامل والمرضعات لمخاطر تهدد حياتهن وحياة أطفالهن.

وبحسب البيان، فإنّ أكثر من مليون طفل في غزة يعانون من سوء تغذية حاد، في ظل انهيار شبه تام للبنية التحتية الصحية ونقص حاد في المياه الصالحة للشرب وحرمان كامل من شروط الحياة الكريمة.

ونبّه المرصد إلى أنّ تداعيات هذه السياسة تتعدى الحاضر، وتمتد لتقويض مستقبل الفلسطينيين كجماعة وطنية، عبر إنتاج جيل مهدد بالإعاقات الجسدية والنفسية والمعرفية، وهو ما يثبت النية التدميرية الكامنة خلف جريمة الإبادة الجماعية.

وأشار المرصد إلى أنّ نحو 2.3 مليون إنسان باتوا مشرّدين داخل القطاع المحاصر، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في ظل استمرار القصف اليومي والمجازر بحق المدنيين والمرافق الحيوية، ما يجعل من خطر المجاعة كارثة وشيكة ما لم يُتخذ إجراء فوري.

وقال "المرصد الأورومتوسطي" إنّ المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مباشرة عن تفاقم المجاعة في قطاع غزة، والتي نتجت عن ارتكاب إسرائيل لجريمة التجويع واستخدامها كوسيلة منهجية لتنفيذ الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بهدف القضاء عليهم كجماعة.

وحذر "المرصد الأورومتوسطي" من أنّ الأزمة بلغت مستويات كارثية تقترب من نقطة اللاعودة، مع توقعات بحدوث وفيات يومية بسبب نقص الغذاء وضعف المناعة، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات وتدمير البنية التحتية الأساسية، دون تدخل دولي فعّال لوقف هذا الانهيار الإنساني المتسارع.

وشدّد "المرصد الأورومتوسطي" على ضرورة محاسبة إسرائيل لاستخدامها التجويع كسلاح ضد المدنيين، باعتباره جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، وخرقًا جسيمًا لالتزاماتها كقوة احتلال، فضلًا عن كونه جزءًا من نمط أشمل يهدف إلى تدمير الجماعة الفلسطينية كليًا أو جزئيًا، ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي.

وطالب "المرصد الأورومتوسطي" المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتدخل العاجل والفوري لإنهاء الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات الغذائية والطبية بشكل آمن ومنتظم، لإنقاذ السكان من المجاعة الوشيكة التي بدأت مقدماتها تضرب أسس الحياة الكريمة وتشكّل تهديدًا مباشرًا لحياتهم.

ودعا "المرصد الأورومتوسطي" إلى اتخاذ خطوات عملية لوقف سياسات القتل البطيء والتهجير القسري التي تُمارس بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك تفعيل استجابة إنسانية عاجلة وشاملة، لتوفير الاحتياجات الأساسية، وفي مقدمتها المأوى المؤقت والملائم، والخدمات الصحية والمياه والغذاء.

وحثّ "المرصد الأورومتوسطي" وكالات الأمم المتحدة إلى تعزيز ولاياتها التشغيلية، داعيًا برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى تكثيف تدخلاتهم فورًا من خلال إعداد تقارير طارئة، وعقد مؤتمرات صحفية دولية، والدعوة إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة، وتوفير الحماية للمدنيين المحاصرين في القطاع.

واستأنف الاحتلال الإسرائيلي فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.

وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الأطفال يدفعون ثمن الحصار "الإسرائيلي".. مزيد من الشهداء جوعاً في غزة
مايو 24, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد طفل آخر بسبب المجاعة وتداعيات الحصار "الإسرائيلي" المستمر على القطاع، في حين حذّر برنامج الغذاء العالمي من أن عشرات الآلاف من الأطفال يواجهون مستويات حادة من سوء التغذية. وقالت الوزارة في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم السبت، إن "الطفل مصطفى ياسين استشهد نتيجة سوء التغذية والجفاف في
إصابة فلسطينيين بهجوم للمستوطنين على مغاير الدير برام الله
مايو 24, 2025
هاجم مستوطنون تجمع مغاير الدير شرق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، واعتدوا على ساكنيه، ما أدى لوقوع إصابات. وأفاد الناشط فارس كعابنة في تصريح صحفي اليوم السبت، أن "مستوطنين هاجموا التجمع بحماية قوات الاحتلال وأطلقوا الرصاص الحي، واعتدوا على ساكنيه أثناء إخلائهم للمكان، ما أدى لإصابة عشرين فلسطينيا". وأضاف أن "المستوطنين لاحقوا السكان
لبنان.. أنشطة ثقافية في المخيمات الفلسطينية تؤكد على التمسّك بحق العودة
مايو 24, 2025
في كل عام، تُعيد النكبة الفلسطينية إنتاج حضورها في ذاكرة اللاجئين، لا كذكرى فقط، بل كواقع مستمرّ من الشتات والاقتلاع والحرمان. ومع حلول الذكرى الـ77 لتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم عام 1948، تبرز المبادرات الشبابية والثقافية كأداة مقاومة معرفية، تسعى إلى صون الذاكرة الجماعية، وترسيخ مفاهيم الهوية والانتماء، خاصة في أوساط
"إسرائيل" تكرر سرديتها: قتلنا أطفال الطبيبة في خان يونس بسبب وجود "مسلحين"
مايو 24, 2025
في واحدة من أكثر الجرائم إيلامًا منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة، فجعت الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، أخصائية الأطفال في "مجمع ناصر الطبي"، بوصول جثامين وأشلاء تسعة من أطفالها إلى المستشفى الذي تعمل فيه، بعد أن قضوا حرقًا نتيجة غارة جوية من قبل جيش الاحتلال استهدفت منزل العائلة في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان
لازاريني: خطة المساعدات الإنسانية الجديدة في غزة وُضعت لهدف عسكري أكثر منه إنسانيًّا
مايو 24, 2025
أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أن مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح في غزة لن ينجح. وقال لازاريني، في منشور على حساب "أونروا" على منصة "فيسبوك" اليوم السبت: "ليس من الممكن لمنظمة إنسانية تحترم حقًّا المبادئ الإنسانية الأساسية، أن تلتزم بمثل هذا المخطط". وأعرب عن اعتقاده أن "مثل هذا
"الإعلام الحكومي": 84 يوماً من حصار غزة الشامل.. الاحتلال ينفذ إبادة جماعية ويهندس سياسة تجويع المدنيين
مايو 24, 2025
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال "الإسرائيلي" يواصل، لليوم الـ84 على التوالي، فرض حصار خانق ومُحكم على قطاع غزة، من خلال الإغلاق التام لكافة المعابر، وتنفيذ سياسة تجويع جماعي ممنهجة ترتقي إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، إلى جانب تنفيذ إبادة جماعية وقتل يومي مستمر. وأشار المكتب، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته