"أسطول الحرية في البرازيل" يقود حراكًا شعبيًا في ساو باولو دعماً لغزة ومقاطعة الاحتلال

عُقد مساء الخميس، في مدينة ساو باولو البرازيلية، لقاء حاشد نظمته حملة "أسطول الحرية – البرازيل" تحت عنوان "كسر الحصار عن غزة"، بمشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية وفنية بارزة، وذلك في مطعم ومركز "الجانية" الثقافي الفلسطيني.
جاء اللقاء في سياق تصاعد التضامن الشعبي البرازيلي مع الشعب الفلسطيني، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والمجازر المرتكبة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأكدت الصحفية والناشطة البرازيلية-الفلسطينية، ثريا مصلح، أن "فلسطين تحولت إلى مختبر عالمي تُختبر فيه الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية قبل أن تُصدَّر إلى العالم"، مضيفةً: "يُعامل الفلسطينيون كفئران تجارب، و70٪ من هذه المنتجات التي تُستخدم ضدهم، يتم تصديرها لاحقًا".
وطالبت مصلح، خلال مداخلتها، بفرض حظر عسكري، وحظر على تصدير الطاقة، قائلة: "منذ عهد الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو، والبرازيل تزود الاحتلال الإسرائيلي بالنفط المستخدم لتشغيل الدبابات، وهذا لم يتوقف بعد".
وانتقدت ما وصفته بـ"الاحتكار الإعلامي العالمي، الذي يعيد إنتاج روايات وكالات الأنباء الكبرى، ويغذي الدعاية الحربية ضد الشعب الفلسطيني"، مؤكدة أن "الوقوف إلى جانب فلسطين هو الموقف الأخلاقي الصحيح في هذا العصر"، كما أشارت إلى وجود أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.
من جهتها، شددت الأكاديمية البرازيلية، فرانسيروزي كامبوس باربوزا، على ضرورة مواجهة الخطاب المهيمن، وبناء "تربية حول النكبة"، معتبرة أن "إعادة رواية التاريخ الفلسطيني يوميًا هو أحد أشكال المقاومة، التي ستقود حتمًا إلى الانتصار".
وطالبت الحكومة البرازيلية بـ"وقف تمويل الإبادة الجماعية في غزة"، داعية إلى "قطع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".
بدوره، صرّح الصحفي البرازيلي، ومؤسس موقع "أوبرا موندي"، برينو ألتمان، بأن "القضية الفلسطينية هي القضية الأخلاقية الأهم في زمننا"، مطالبًا اليسار البرازيلي والمسؤولين باتخاذ موقف واضح ضد العدوان.
أما الفنان والناشط بِنِغاو، فوجه نقدًا مباشرًا للدور الذي لعبته بعض المؤسسات الدينية في البرازيل، وخصوصًا منذ السبعينات، معتبرًا أنها كانت جزءًا من "مشروع مدروس لهندسة وعي الناس وترويضهم سياسيًا"، وموضحًا أن "هذه الكنائس غالبًا ما ترتبط بالحكومات، وتلعب دورًا في تمرير الخطاب المؤيد للهيمنة".
من جهته، قال الناشط الدولي والمنسق في تحالف "أسطول الحرية"، تياغو أفيلا، إن "شعوب العالم مذهولة مما يحدث في غزة، التي تعاني من تصعيد مستمر منذ أكثر من 560 يومًا، في إطار إبادة جماعية مستمرة منذ 78 عامًا، والتي يظهر وجهها الوحشي الآن بأقصى درجاته".
وأوضح في حديثه لـ"قدس برس" أن "قطاع غزة لم تدخل إليه أي شاحنة مساعدات على مدى سبعة أسابيع، في انتهاك صارخ لكافة المواثيق الدولية، وخرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة، وأحكام محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية".
وأضاف: "إسرائيل ترتكب واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ البشرية، وتتصرف خارج كل القوانين الإنسانية والدولية. وإذا فشلت الحكومات في مواجهة هذه الجرائم، فعلينا نحن الشعوب أن نتحرك".
وأشار إلى أن "أسطول الحرية هو أحد أشكال هذا التحرك الشعبي، إلى جانب اقتحام مصانع الأسلحة، وتنظيم المظاهرات، وإطلاق حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات"، لافتًا إلى أهمية "كسر الحصار الإعلامي الذي تفرضه كبرى وسائل الإعلام وشركات التواصل الاجتماعي".
وأكد أن "تحالف أسطول الحرية يواصل جهوده منذ عام 2008، رغم محاولات الاحتلال المتكررة لعرقلة مهامنا"، مضيفًا: "في العام الماضي أُوقفنا مرتين، ومنعونا من المغادرة في الموانئ، وخرّبوا مهمتنا، لكننا مستمرون حتى تتحرر فلسطين".
من جانبها، أوضحت المهندسة المعمارية، ومنسقة أسطول الحرية في البرازيل، ديبورا لوبيز، أن "الأنشطة الرمزية التي نقوم بها باستخدام القوارب تمثل فعلًا احتجاجيًا هدفه كسر الحدود والحصار المفروض على غزة".
وأضافت لـ"قدس برس": "نعمل باستمرار على مواجهة الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والفصل العنصري، من خلال هذا الشكل الفني والميداني من الاحتجاج".
أما الصحفية البرازيلية، لولا جِها، فاعتبرت أن "دعم غزة ليس مجرد تعاطف، بل موقف نابع من واقع مشترك".
وأوضحت في حديثها لـ"قدس برس" أن "دعم فلسطين وغزة هو دعم للحياة، وحق الوجود، وحق المقاومة"، مضيفة: "نحن كبرازيليين نعيش في نظام عالمي مترابط، حيث تُستخدم التكنولوجيا الإسرائيلية التي تُقتل بها الناس في غزة، أيضًا في قتل الناس في أحيائنا الفقيرة على أطراف المدن البرازيلية".
وتابعت: "كل شيء مترابط، ولذلك فإن مقاومتنا يجب أن تكون مترابطة كذلك".
كما عبّرت البروفيسورة فرانسيروزي كامبوس باربوزا، أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة ساو باولو، عن قناعتها بأن "الوقوف مع فلسطين هو موقف أخلاقي وإنساني لا يمكن التنازل عنه".
وأضافت في تصريحها لـ"قدس برس": "علينا أن نُعيد يوميًا سرد الرواية الفلسطينية، وأن نُدرّس النكبة والنضال الفلسطيني في مجتمعاتنا"، مؤكدة أن "النصر آتٍ لا محالة، إذا جعلنا هذه الرواية حية ومتواصلة".
يُذكر أن البرلمان التشريعي لولاية ساو باولو البرازيلية، أحيا في الـ4 من نيسان/أبريل الجاري، "يوم الأرض الفلسطيني"، في جلسة رسمية دعت إليها عضو البرلمان، مونيكا سيشاس، وذلك بحضور واسع من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية، إلى جانب عدد من النشطاء والسياسيين والأكاديميين البرازيليين المتضامنين مع القضية الفلسطينية.وتواصل عدة مدن برازيلية، مظاهراتها أمام السفارات والقنصليات الأمريكية، تنديدًا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار دعم الإدارة الأمريكية لـ"تل أبيب" ضد الفلسطينيين، ورفضًا لتصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة.