هل بدأ الاحتلال فعلياً بتقويض السلطة الفلسطينية؟

رأى متابعون ومحللون التقتهم "قدس برس"، أن "ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة بحق عدد من رموز السلطة الفلسطينية، من تقييد لحركتهم وتنقلهم وعرقلة مهامهم، بالتزامن مع تفشي الاستيطان وازدياد وتيرة المشاريع والانتهاكات الاستيطانية في الضفة الغربية، تؤشر إلى نوايا حقيقية تستهدف تقويض السلطة الفلسطينية وربما تصفيتها".
حيث قال الكاتب والمتابع للشأن "الإسرائيلي"، محمد أبو علان، إن "خطة حكومة الاحتلال، وتحديدًا من خلال وزير المالية (سموتريتش)، التي تهدف إلى تجفيف شريان أموال المقاصة – والتي تشكل نحو 70% من إيرادات السلطة الفلسطينية – تأتي في إطار سياسة ممنهجة لإضعاف السلطة، وهو ما سينعكس سلبًا على مختلف مناحي الحياة في الضفة الغربية".
وأشار إلى أن "القيود الأخيرة على حركة كبار المسؤولين الفلسطينيين، والتي تمثلت في عرقلة زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى سوريا، ومنع رئيس الوزراء في حكومة السلطة محمد مصطفى من الوصول إلى قرى في منطقتي رام الله ونابلس، وإبعاد وزير شؤون القدس عن الضفة الغربية، تندرج ضمن السياق ذاته".
وأردف قائلًا: "السياسات المطبقة فعليًا على الأرض، من خلال ما يسمى دائرة الاستيطان في وزارة الحرب التابعة للاحتلال، والرامية إلى تحقيق الضم الفعلي للضفة الغربية وفرض ما يُعرف بـ(السيادة الإسرائيلية)، تكشف عن نوايا سوداء. فمنذ تشكيل حكومة (نتنياهو)، جرى بناء 28 مستوطنة جديدة في الضفة، ومصادرة قرابة 25 ألف دونم وتحويلها إلى ما يسمى (أراضي دولة)، فضلًا عن المصادقة على عشرات آلاف خطط البناء، بالتزامن مع تصعيد عمليات التهجير في مناطق (ج)".
وختم أبو علان بالقول: "استنادًا إلى ما سبق، فإن جميع هذه الإجراءات تتماهى مع الدعوات العلنية لكل من (سموتريتش) و(بن غفير) لتقويض السلطة الفلسطينية وإنهاء دورها".
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي أمجد بشكار أن "ممارسات حكومة الاحتلال لم تبدأ في السابع من أكتوبر، بل تعود إلى سنوات سابقة، وكانت تهدف إلى فرض رؤية جديدة في الضفة الغربية تقوم على إقامة كيان خاص بالمستوطنين، واعتبار ما يسمى بـ(يهودا والسامرة) قلب الكيان المحتل ومحور وجوده".
وشدّد بشكار على أن "أحد أبرز ملامح هذا الكيان القائم على الاستيطان يتمثل في إضعاف السلطة الفلسطينية، وتحويل الضفة إلى معازل وكنتونات، وخنقها اقتصاديًا، بالتوازي مع الاستيلاء على مئات الدونمات، ولا سيما في المناطق المصنفة (ج) التي تشكل حوالي 62% من مساحة الضفة، والمناطق (ب) التي تمثل نحو 20%".
وأشار إلى أن "مشروع الضم بدأ فعليًا قبل أكثر من أربع سنوات، ما يعني أنه ليس مرتبطًا بأي أحداث بعينها، بما في ذلك معركة (طوفان الأقصى) أو ما جرى في السابع من أكتوبر".
ورأى أن "عرقلة سفر عباس، وإلغاء زيارة مصطفى لقرى جنوب نابلس، تمثل مؤشرات خطيرة تعكس نوايا الاحتلال تجاه الوجود السياسي الفلسطيني، وقد تصل إلى حدود إنهاء التمثيل الفلسطيني ونزع ما تبقى من سيادة، من خلال فرض المزيد من القيود والعراقيل، ما يضع السلطة في موقف محرج أمام شعبها".
كما عبّر عن "خشيته من أن تكون عمليات التقسيم والتجزئة والحصار التي تشهدها الضفة الغربية مقدمة لإحياء ما يُعرف بنموذج (روابط القرى) سيئ الصيت، والذي طُبّق في بدايات الاحتلال وتحديدًا خلال فترة انتفاضة الحجارة".
وحذّر بشكار من "تبعات محاصرة دور السلطة الفلسطينية وحصر مهامها في إدارة الشؤون الحياتية داخل المدن فقط، في ظل التدهور الاقتصادي الحاد، وأن ذلك قد يقود إلى صدام وانفجار شعبي، نظرًا لأن الفلسطينيين يعتبرون المرحلة الحالية معركة وجود بالدرجة الأولى".