كاتب مصري: قناة السويس جزء من دمائنا ولن تكون رهينة لأي ابتزاز

اعتبر صلاح جمعة نائب رئيس وكالة "أنباء الشرق الأوسط" المصرية الرسمية تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قناة السويس، بأنه جزء من الضغط السياسي على مصر، بسبب موقفها الصلب في رفض تهجير الفلسطينيين.
وعدّ جمعة في مقال له، مطالبة ترامب مرور السفن الأمريكية مجانا عبر القناة، بأنه ليس مجرد كلام عابر عن قناة السويس، مطالبا برد مصري حازم عليه.
وقال:"في تصريح يجسد غطرسة مرفوضة وفهما مغلوطًا للقانون الدولي، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطالبًا بمنح السفن العسكرية والتجارية الأمريكية حق المرور المجاني عبر قناة السويس، مدعيًا زورًا أن لبلاده فضلًا في وجود هذا الشريان المصري العالمي".
وأضاف:" هذا الادعاء الباطل يمثل نموذجًا فجًا لمحاولات الهيمنة غير المشروعة، ويستدعي الرد الحازم لتأكيد أن قناة السويس شيدها أجدادنا المصريون بدمائهم، وأنها ستظل رمزًا لسيادة مصر وكبريائها الوطني، ولن تكون يومًا رهينة لأي ابتزاز أو ضغوط مهما علا صوتها أو اشتدت حملاتها."
وتابع:"قناة السويس ليست مجرد معبر ملاحي يفصل بين بحرين، بل هي شريان حياة صنعه المصريون بتضحياتهم، وحفره العمال المصريون في ملحمة عرق ودم سطرتها صفحات التاريخ بمداد من نور.
منذ اللحظة الأولى، كانت القناة، ولا تزال، جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني المصري، تخضع للسيادة الكاملة للدولة المصرية، وفق ما أرسته القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية القسطنطينية لعام 1888".
وأوضح أن اتفاقية القسطنطينية نصت بوضوح على أن قناة السويس مفتوحة أمام جميع السفن التجارية والعسكرية في أوقات السلم والحرب، دون تمييز، ولكن مقابل دفع رسوم مرور تحددها الإدارة الوطنية المختصة، دون أن تمنح هذه الاتفاقية أو غيرها أي دولة حق المرور المجاني أو الإعفاء من الرسوم.
وقال:"إن محاولة الولايات المتحدة أو غيرها فرض معاملة تفضيلية أو المطالبة بإعفاءات، هي ببساطة انتهاك سافر للسيادة المصرية وإخلال جسيم بمبدأ المساواة أمام القانون الدولي.
وشدد على أن قرار تأميم قناة السويس عام 1956؛ لم يكن مجرد رد فعل على رفض تمويل مشروع السد العالي، بل كان إعلانًا ثوريًا بأن مصر تملك إرادتها، وأن مقدراتها الوطنية ستبقى بيد شعبها.
وقال:"بالتأميم، انتقل حلم المصريين من طور التمني إلى طور السيادة الكاملة، وأثبتت مصر أنها قادرة على إدارة هذا الشريان الحيوي بكفاءة وشرف، دون حاجة إلى وصاية أو تدخل أجنبي."
وأضاف:" ومنذ ذلك الحين، أصبحت قناة السويس رمزًا ليس فقط للملاحة الدولية، بل لكرامة مصر وصمودها في وجه الضغوط الخارجية والمؤامرات الدولية."
وتابع: "الولايات المتحدة، التي لم توقع ولم تصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ليس لها أي أهلية قانونية أو حق دولي يخولها المطالبة بأي امتياز في قناة السويس، وأي محاولة لفرض مطالب كهذه تعتبر تدخلاً سافرًا مرفوضًا جملة وتفصيلًا، ومناقضًا لأبسط مبادئ السيادة والقانون الدولي ويندرج تحت محاولات فجة لفرض الأمر الواقع على حساب سيادة الدول ومصالحها المشروعة."
واعتبر جمعة بان مطالبات ترامب ليست سوى أوهام استعلائية تجاوب صدى سياسات مضت وانقرضت، ولا مكان لها في عصر الشعوب الحرة المستقلة.
وقال:" قناة السويس ليست مجرد قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط، بل هي شريان اقتصادي يضخ الحياة في جسد الدولة المصرية".
واضاف:"في عام 2024، بلغت عائدات القناة ما يقارب 10 مليارات دولار، تمثل مصدرًا حيويًا للنقد الأجنبي وداعمًا أساسيًا لميزان المدفوعات الوطني."
وأوضح جمعة ان الرسوم التي تفرضها مصر على عبور السفن لا تحددها أهواء أو ضغوط، بل تحكمها دراسات دقيقة تستند إلى أحجام السفن، وأسعار الطاقة، ومتغيرات السوق العالمية.
وقال:" إن أي إعفاءات خاصة أو معاملة تفضيلية تمثل انتقاصًا مباشرًا من الثروة الوطنية، وهو ما لا تسمح به مصر تحت أي ظرف.'
وأضاف:"من يطالب بمرور مجاني يطالب عمليًا بالسطو على حق مصري خالص، وهو أمر مرفوض قاطعًا ولن يجد في مصر إلا الصد والإباء".
وفند الادعاءات الأمريكية بشأن إنشاء القناة: قائلا: "أما الزعم بأن للولايات المتحدة فضلًا في إنشاء قناة السويس، فهو افتراء تاريخي لا يصمد أمام الحقائق."
واضاف:"قناة السويس شُيدت بين عامي 1859 و1869 بواسطة شركة فرنسية، دون أي مساهمة أمريكية مالية أو هندسية؛ وعندما واجهت مصر العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي عام 1956، لم تكن الولايات المتحدة نصيرًا للحق المصري، بل ظلت في البداية مترددة تراعي حساباتها، قبل أن تعارض هذا العدوان حماية لمصالحها الاستراتيجية، لا نصرة لمصر أو دفاعًا عن سيادتها."
وتابع:" من هنا، يتضح أن الادعاءات الأمريكية ما هي إلا محاولات بائسة لتزييف التاريخ وإعادة كتابة الرواية بما يخدم مصالح آنية زائلة".
وشدد جمعة على ان قناة السويس لم تكن يومًا مجرد ممر ملاحي عابر، بل كانت وستظل عنوانًا لكرامة مصر وصمودها؛ ووصفها بأنها " قصة كفاح امتدت عبر الأجيال، خطتها سواعد الفلاحين والعمال، وسُقيت بدماء الشهداء والمدافعين عن الحق الوطني."
وشدد على أنه لا أحد، مهما علا صوته أو امتلك من القوة، يملك أن يزيف هذه الحقيقة أو ينتقص منها.
وقال:" مصر التي كسرت قيود الاستعمار، وانتزعت استقلالها بدماء أبنائها، وأعلنت للعالم تأميمها لقناة السويس، هي ذاتها التي ترفض اليوم رفضًا قاطعًا أي حديث عن المرور المجاني أو الامتيازات الخاصة أو الإملاءات الأجنبية.
وأشار إلى أن "قناة السويس ستظل مصرية الإرادة، مصرية الإدارة، مصرية الهوية، عصيّة على الابتزاز، منيعة أمام الضغوط، عنوانًا للسيادة وشريانًا للكرامة الوطنية.
واختتم جمعة مقاله بالقول:" من كانت قناة السويس جزءًا من دمائه، لا يقبل أن تكون أبدًا رهينة للضغوط أو ساحة للمساومة."