الإضراب التجاري في طولكرم: صرخة في وجه الاحتلال وتقصير السلطة

تعيش مدينة طولكرم ومخيمَاها منذ 95 يومًا تحت وطأة اجتياحات إسرائيلية متكررة، رافقها تهجير قسري لسكانها بالكامل، وحصار خانق عطّل الحياة اليومية فيها، وسط عجز كامل من مؤسسات السلطة الفلسطينية، الأمنية منها والاقتصادية، عن إسناد المدينة أو دعمها.
وفي هذا السياق، قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، إن الإضراب التجاري الذي شهدته مدينة طولكرم أمس الثلاثاء (29 نيسان/أبريل)، بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والتجار، "كان عبارة عن صرخة ألم، جاءت ردًا على حالة الظلم والقهر والحرمان التي تعيشها المدينة في ظل استمرار عدوان الاحتلال على مخيماتها وأحيائها منذ أكثر من 95 يومًا، ونتيجة لحالة الخذلان التي تعيشها المدينة".
وأوضح خريشة، في حديث خاص لـ "قدس برس"، أن الاحتلال، ومنذ ما يقارب 95 يومًا، "يمارس أبشع الجرائم ضد مخيمي نور شمس وطولكرم، من خلال إجبار السكان على النزوح وترك منازلهم، ما أسهم في تفاقم أزمة النازحين الذين توزعوا على الأحياء والقرى وبعض المناطق في المدينة".
وأشار إلى أن "الحصار والإغلاق المتواصلَين والاجتياحات المتكررة أدّت إلى تعطل مصادر رزق العمال، وانعدام الدخل، مما أضاف معاناة جديدة لسكان المدينة".
وطالب خريشة السلطة الفلسطينية بـ "ممارسة دورها في رفع الحصار، وأن تعيش تفاصيل المأساة التي تحياها المحافظة بكافة مكوناتها".
ولفت إلى أن إضراب طولكرم "وجه رسالة إلى بقية مدن الضفة... ليس من المقبول أن تتألم مدينة فلسطينية فيما تعيش المدن الأخرى حياتها بشكل اعتيادي، دون أي مظهر تضامني".
وفي الإطار ذاته، اعتبر الناشط الشبابي، أنس الحمدلله، أن الإضراب بعث برسالة إلى حكومة السلطة الفلسطينية مفادها أن "طولكرم وصلت إلى حدٍّ لا يُطاق! ومن يريد أن يوقف مشروع التهجير، عليه أن يأتي إلى طولكرم، ومن يريد أن يتصدى للضمّ والإدارة المدنية وروابط القرى، فليتحمل مسؤولياته تجاه مدينتنا وأهلها"، وفق تعبيره.
من جهته، وجه نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة رام الله، محمد النبالي، انتقادات حادة لحكومة السلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الإضراب التجاري الشامل هو الخيار الأخير الذي يلجأ إليه التجار عند فقدان الأمل.
وتساءل النبالي، في منشور متداول على منصات التواصل الاجتماعي: "أين الحكومة والمسؤولون مما يجري هناك؟ لماذا لا نرى تواجدًا رسميًا حكوميًا أو دوليًا أو دبلوماسيًا أيضًا؟ أين الضغط بكل السبل لإعادة الحياة لهاتين المدينتين؟" في إشارة إلى جنين وطولكرم.
وطالب حكومة السلطة الفلسطينية بـ "تنظيم زيارات يومية لشمال الضفة الغربية، وممارسة الضغط على الجانب الآخر (الاحتلال) لفك الحصار غير المبرر".
وشهدت مدينة طولكرم، في شمال الضفة الغربية المحتلة، أمس الثلاثاء، إضرابًا تجاريًا شاملًا، دعت إليه الغرفة التجارية وفعاليات المدينة، احتجاجًا على الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو عام ونصف، والذي اشتد مع اندلاع العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023.
وجاء الإضراب بعد اجتماع عقده تجار المدينة في مقر الغرفة التجارية، اتهموا فيه السلطة الفلسطينية بالتقصير و"اللامبالاة" تجاه ما يجري في طولكرم.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على المدينة ومخيمها لليوم الـ96 على التوالي، فيما يدخل العدوان يومه الـ82 على مخيم نور شمس، وسط تصعيد ميداني مستمر، وحملة تضييق وتخريب ممنهجة تستهدف البنية التحتية وممتلكات المواطنين.
وتواصل قوات الاحتلال الدفع بتعزيزات عسكرية تشمل آليات وفرق مشاة إلى المدينة ومخيميها وضواحيها، يتخللها إطلاق كثيف للرصاص الحي والقنابل الصوتية، إضافة إلى مداهمة المنازل والمحال التجارية وتفتيشها وتخريب محتوياتها، واعتقال أو استجواب من بداخلها.
وقد أسفر هذا العدوان المتواصل عن استشهاد 13 مواطنًا، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن، إلى جانب إصابة واعتقال العشرات.
كما تسبب في نزوح قسري لأكثر من 4200 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، تضم أكثر من 25 ألف مواطن، فضلًا عن مئات المواطنين من الحي الشمالي والحي الشرقي للمدينة، بعد الاستيلاء على منازلهم وتحويل عدد منها إلى ثكنات عسكرية.
وألحق العدوان دمارًا واسعًا بالبنية التحتية، والمنازل، والمحال التجارية، والمركبات التي تعرضت للهدم الكلي أو الجزئي، والحرق، والتخريب، والنهب. فقد دُمرت 396 منزلًا بشكل كامل، و2573 بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.