نشطاء كويتيون: مجاعة غزة تمثل انهيارًا للمنظومة الإنسانية العالمية

تعيش غزة اليوم أحد أكثر فصول الإبادة الجماعية بشاعة في التاريخ الحديث، حيث لم يعد القتل يقتصر على القنابل والصواريخ، بل صار الجوع سلاحًا آخر في معركة إبادة مفتوحة.

فبعد أن عجز المحتل عن كسر إرادة الغزيين عبر القصف والدمار، لجأ إلى سلاح التجويع الممنهج، مستغلًا صمتًا دوليًا يرقى إلى حد التواطؤ.

وفي ظل ما تتعرض له غزة من حصار خانق ومجاعة متعمدة، تتصاعد الأصوات الحرة من مختلف أنحاء العالم، رافضة تحويل الكارثة إلى مجرد أزمة إنسانية عابرة.

في الكويت، يعبّر نشطاء وفاعلون في المجتمع المدني عن غضبهم مما يرونه "جريمة منظمة ترتكب أمام أنظار العالم"، مؤكدين أن "ما يجري في غزة يتجاوز حدود المعاناة ليكشف انهيار المنظومة الأخلاقية الدولية".

في هذا السياق، تحدث عدد من النشطاء الكويتيين إلى "قدس برس"، مؤكدين أن "ما تتعرض له غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه عملية إبادة بطيئة تنفذ بالجوع، بعد أن فشلت آلة الحرب في كسر إرادة الشعب الفلسطيني".

يقول رئيس رابطة "شباب لأجل القدس العالمية" (فريق تطوعي) طارق الشايع، إن ما يحدث في غزة يعني أن "الجريمة لم تَعُد تُرتكب في الظلام، بل أصبحت حدثًا يوميًا يُبثّ بأعلى جودة أمام كاميرات العالم، دون أن يتحرك أحد".

ويضيف: "طفل يحتضر من الجوع ليس في مجاهيل أفريقيا، ولا في قلب حرب أهلية منسية، بل في بقعة صغيرة محاصرة من جميع الاتجاهات، يشاهدها الجميع ويتابعون أرقام الضحايا كما يتابعون نشرات الطقس أو نتائج المباريات".

ويؤكد الشايع أن "مجاعة غزة مباشرة، ليس فقط لأن وسائل الإعلام تنقلها لحظة بلحظة، بل لأن الجميع يراها ويعرف تفاصيلها، من يحمل هاتفًا، ومن يقود دولة.

ويتابع: "رغم كل هذا، لم تتغير النتيجة: الجوع يفتك، والخذلان مستمر، والصمت أعلى من أصوات الاستغاثة".

وشدد على أن "ما يحدث في غزة ليس نتاج تصحّر أو شحٍ في الأمطار، بل جريمة بشرية مقصودة، خطط لها الاحتلال الإسرائيلي ونفذها بإحكام، حين قطع الإمدادات، وضرب سلاسل التوزيع، ومنع إدخال الغذاء والدواء، وأخضع مليوني إنسان لتجربة جوع قسري ترتقي إلى جريمة إبادة".

ويقول، إن "ما يحدث ليس أزمة إنسانية، بل جريمة إنسانية"، موضحًا أن "الأزمة قد تُفهم كحدث طبيعي، أما الجريمة فهي مسؤولية أخلاقية وقانونية تقع على من ارتكبها ومن سكت عنها".

وفي مفارقة تُظهر التناقض الأخلاقي للعصر الحديث، يقول الشايع: "في زمن يُرسل فيه الإنسان مركبات إلى المريخ، ويوصل الغذاء بالطائرات إلى الجبال النائية، تصبح المجاعة في غزة لعنةً أخلاقية لا عجزًا لوجستيًا".

ويتساءل: "ماذا يعني أن يموت طفل جوعًا بينما أقرب سفينة مساعدات لا تبعد سوى ساعات؟ ماذا يعني أن تبحث أم عن ورق الشجر بينما العالم يحتفي بالزراعة الذكية وتقنيات الغذاء المستقبلي؟".

ويختم الشايع بقوله: "مجاعة غزة لا تفضح الاحتلال وحده، بل تفضح زيف الحضارة، وسقوط منظومة القيم الإنسانية، فإذا لم يكن الموت جوعًا سببًا كافيًا لإيقاظ الضمير العالمي، فلا بد أن نقرّ أن هذه المنظومة سقطت، ولم تعد أكثر من واجهة شكلية لا تُطعم جائعًا ولا تحمي طفلًا".

من جانبه، يقول الباحث الكويتي في الشأن الفلسطيني عبدالله الموسوي، إن "ما يحدث في غزة اليوم يعجز اللسان عن وصفه، فالاحتلال لا يكتفي بقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية، بل يمارس سياسة تجويع ممنهجة عبر منع إيصال الغذاء والدواء".

ويتابع الموسوي: "أطالع يوميًا تقارير صادرة عن منظمات إنسانية دولية، جميعها تحمل الاحتلال مسؤولية هذه الجريمة، فيما يقف المجتمع الدولي عاجزًا أو متواطئًا".

ويؤكد الموسوي وهو رئيس فريق "كويتيون دعمًا لفلسطين" (يهدف إلى توعية المجتمع بأهمية التضامن مع الشعب الفلسطيني) أن ما يحدث اليوم "وصمة عار في جبين المجتمع الدولي، وانتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف التي تحمي المدنيين في أوقات الحرب".

ويختم بالقول أن "هذا الصمت يشرعن الجريمة، ويمنح رخصة لدول أخرى كي ترتكب الفعل نفسه دون خوف من المحاسبة".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
عنف المستوطنين يتواصل.. إطلاق نار وسرقة وتخريب في رام الله والخليل
يونيو 27, 2025
شهدت مناطق عدة في الضفة الغربية، الجمعة، سلسلة اعتداءات عنيفة نفذها مستوطنون "إسرائيليون" مسلحون بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، تخللتها أعمال ترويع وتخريب متعمد. ففي بلدة "شقبا" غرب رام الله، هاجم عدد من المستوطنين مجموعة من المواطنين أثناء تواجدهم في أراضيهم الزراعية شمال غرب البلدة. وقام المستوطنون بطرد أصحاب الأرض تحت تهديد السلاح، حيث أظهر مقطع
البرازيل.. مظاهرة حاشدة أمام القنصلية الأميركية في ساو باولو رفضا للعدوان على غزة
يونيو 27, 2025
شارك العشرات من النشطاء البرازيليين والمنظمات السياسية والنقابية، اليوم الجمعة، في تظاهرة جماهيرية أمام القنصلية الأمريكية في مدينة ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، احتجاجا على استمرار العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، والدعم الأميركي اللامحدود لحكومة الاحتلال. وجاءت التظاهرة بدعوة من قوى يسارية وحركات اجتماعية، بينها الحزب الشيوعي الثوري (P.C.O)، ومركز النقابات الشعبية  (CSP Conlutas)، ومجموعة
لازاريني: نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة تحوّل إلى "ساحة قتل"
يونيو 27, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الجمعة، إن نظام توزيع المساعدات الجديد في قطاع غزة، الذي بدأ تطبيقه قبل نحو شهر، أدى إلى "مقتل أكثر من 400 شخص من المدنيين الجوعى". وأضاف لازاريني في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن هذا النظام أصبح "ساحة قتل" بدلا
غوتيريش: البحث عن الطعام في غزة لا يجب أن يكون "حكما بالإعدام"
يونيو 27, 2025
ندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، بالوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. وأكد غوتيريش أن السعي للحصول على الطعام لا يجب أن يُعرّض الناس للموت، محذرا من أن آليات توزيع المساعدات الحالية في القطاع تؤدي فعليا إلى قتل المدنيين. وقال في تصريح للصحفيين من نيويورك: "يُقتل الناس لمجرد محاولتهم إطعام عائلاتهم وأنفسهم. لا
الاتحاد الأوروبي يندد بعنف المستوطنين في الضفة الغربية ويدعو "إسرائيل" إلى التحرك
يونيو 27, 2025
أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء التدهور السريع للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، محذرا من تصاعد غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين "الإسرائيليين" ضد الفلسطينيين، والتي كان آخرها استشهاد ثلاثة مواطنين في بلدة كفر مالك شرق رام الله، يوم الأربعاء الماضي. وفي بيان رسمي، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أنور العنوني، إن "موجة العنف والترويع
"الإعلامي الحكومي" يحذر من مواد مخدرة في معونات غذائية مصدرها الاحتلال
يونيو 27, 2025
أعرب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الجمعة، عن بالغ القلق والاستنكار إزاء العثور على أقراص مخدرة من نوع "أوكسيكودون" داخل أكياس طحين وزّعت على المواطنين عبر ما وُصف بـ"مراكز المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية"، التي تُعرف شعبيا باسم "مصائد الموت". وأوضح المكتب أن التحقيقات وثّقت حتى الآن أربع إفادات منفصلة لمواطنين عثروا على هذه الأقراص داخل أكياس الطحين،