فقدان الثقة في الحكومة
ورأت أن هناك سبب آخر لتراجع الدافع وهو الحكومة والشعور لدى كثيرين بأن قراراتها مدفوعة بحسابات سياسية وبقاء الحكومة والائتلاف أكثر منها بحسابات استراتيجية، كهزيمة حماس أو إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، مشيرة إلى ان هذا التصور ترسخ لدى شريحة كبيرة من الإسرائيلين، ومعه السؤال: لماذا نُضحي بكل هذا العناء من أجل حرب قد تكون أهدافها سياسية؟.
وهناك أيضا إحباطٌ من غياب أهداف واضحة نهائية، حيث يُطلب من جنود الاحتياط المخاطرة بحياتهم - والتضحية بعائلاتهم واستقرارهم الاقتصادي - من أجل عمليةٍ أهدافها غامضة.
وتابعت الصحيفة: عندما يختلف رئيس الوزراء ورئيس الأركان حول ما إذا كان الهدف الرئيسي من الحرب هو تدمير حماس أم استعادة الرهائن (الأسرى)، يتسرب هذا الارتباك إلى الجميع. إنه لا يبعث على الثقة، بل يُولّد الشك والشعور بالعبث: لماذا نفعل هذا إذا كانوا لا يعرفون ما يريدون؟.
العامل "الحريدي"
ولفتت إلى أن العامل الثالث، يتمثل في الجدل الدائر حول إعفاءات المتدينين الحريديم من الخدمة العسكرية، حيث تدرس الحكومة سن قانونٍ مطلع الشهر المقبل، والذي من شأنه ترسيخ إعفاءاتٍ شاملةٍ للحريديم.
وقال أحد جنود الاحتياط بصراحة: "يجب أن أترك زوجتي وطفلي حديث الولادة للمرة الخامسة لأن الحريديم يرفضون الخدمة - وهذا ببساطة ليس صحيحا".
ولو كان الجيش قد جند آلافاً من الحريديم في الصيف الماضي، لكانوا الآن مدربين ومستعدين ــ مثل أي مجندين آخرين، وكان وجودهم ليقلل من الحاجة إلى استدعاء هذا العدد الكبير من جنود الاحتياط الآن.
وهناك أيضا شعور متزايد لدى العديد من جنود الاحتياط بأنهم يُستغلون كقوة عاملة مريحة ومنخفضة التكلفة، يمكن تعبئتها في أي لحظة - دون مراعاة كبيرة للتكاليف الشخصية والمهنية.
وحذرت الصحيفة أنه في المستقبل، سيُمثل تآكل ثقة الجمهور الإسرائيلي وقدرته على التحمل تحديا رئيسيا يواجه الجيش الإسرائيلي، إلى جانب العدو في غزة. فالنصر في الحروب يتطلب تماسكا ووضوحا، وشعورا لدى من يُطلب منهم القتال بأن التضحية ضرورية ومشتركة. وعندما يشعر جنود الاحتياط بأنهم يتحملون العبء وحدهم، دون أهداف واضحة أو أمة متحدة تدعمهم، فإن رغبتهم في مواصلة المشاركة ستبدأ في التلاشي، وهذا ظهر مع صدور أوامر الاستدعاء الجديدة، حيث بدأت العلامات المبكرة لهذا التآكل في الظهور.
من جانبها نقلت صحيفة /يديعوت أحرونوت/ العبرية نقلا عن جندي إسرائيلي في الاحتياط، وأدى الخدمة العسكرية أكثر من 350 يوما منذ بداية الحرب، قوله: إنه "يعرف عددا غير قليل من الأشخاص الذين يتهربون من خدمة الاحتياط لأن هذا لم يعد يلائمهم.
وأشارت صحيفة /هآرتس/ إلى أن "الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى توسيع الحرب في الوقت الذي تتزايد فيه الخلافات حول أهدافها، ويوجد في أوساط قوات الاحتياط تحفظ كبير على أوامر استدعاء أخرى، على خلفية الأعباء عليهم منذ 7 أكتوبر".
وأعلنت دولة الاحتلال استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط تمهيدا لتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة.
وكان الاحتلال الإسرائيلي استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي مطلق عدوانها على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد وجرح أكثر من 170 ألف فلسطيني في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.