تصريحات هاريس.. بداية تحوّل أوروبي أم مجرد "تململ سياسي"؟

دعا نائب رئيس وزراء أيرلندا، وزير الخارجية والدفاع سيمون هاريس، إلى إعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي، في ضوء البنود المتعلقة باحترام حقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقية.
وأشار هاريس، في تدوينة على منصة "إكس" اليوم الثلاثاء، إلى أن "الاتفاقية تنص على أن العلاقات يجب أن تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان"، مؤكدًا أن "هذه الكلمات يجب أن تحمل معنى حقيقيًا، ما يستدعي مراجعة الاتفاقية في ظل الأحداث الجارية".
ولفت إلى رغبته في طرح هذه المسألة على طاولة النقاش مع نظرائه الأوروبيين، مشددًا على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته، وضرورة اتخاذ خطوات فاعلة لوقف العنف، وزيادة المساعدات الإنسانية، والعمل على الإفراج الفوري عن جميع الأسرى.
تململ أوروبي من العلاقة مع إسرائيل
وفي قراءة لتصريحات المسؤول الأيرلندي، أكّد زاهر بيراوي، رئيس "منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني" ومقره لندن، أن تصريحات هاريس تعكس حالة من عدم الارتياح السياسي داخل أيرلندا إزاء الوضع الراهن في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وقال بيراوي لـ "قدس برس" إن "إشارة هاريس إلى التزامات حقوق الإنسان ضمن اتفاقية الشراكة توحي بأن أفعال إسرائيل في غزة قد تشكّل خرقًا للقيم الأساسية للاتفاقية"، لكنه استدرك بأن التصريح لا يتضمن اتهامًا مباشراً أو صريحًا لإسرائيل بارتكاب تلك الانتهاكات.
ونوّه إلى أن تصريحات هاريس لا تعبّر بالضرورة عن تحوّل رسمي في السياسة الأيرلندية، لكنها تعكس توجّهًا متزايدًا لدى بعض القادة الأوروبيين – وأيرلندا في طليعتهم – لإعادة النظر في آليات التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن هذه التصريحات لا تشير إلى وجود إجماع داخل الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن، لكنها تفتح بابًا لمناقشة أكثر صراحة وانتقادًا لطبيعة العلاقة مع إسرائيل، لا سيما في ظل الصمت الرسمي تجاه ما يجري في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عمومًا.
وشدّد بيراوي على أن "الرواية الإسرائيلية بدأت تتعرض لاهتزاز ملحوظ على المستوى المؤسسي الرسمي في أوروبا"، لكنه وصف هذا التغيّر بأنه لا يزال "محدودًا وخجولًا" مقارنةً بما يشهده الرأي العام الأوروبي من تعاطف واسع مع الشعب الفلسطيني.
أيرلندا... موقف ثابت داعم لفلسطين
وتُعد أيرلندا من أبرز الدول الأوروبية التي تبنّت مواقف ناقدة للسياسات الإسرائيلية، وعبّرت مرارًا عن دعمها للحقوق الفلسطينية المشروعة، خاصة في المحافل الدولية.
ولفت مراقبون إلى أن أيرلندا طالما دعت إلى الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وربطت شراكاتها السياسية والاقتصادية بهذه المبادئ. كما كانت من أوائل الدول التي طالبت بضرورة مراجعة العلاقات الأوروبية الإسرائيلية في ضوء الانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين.
مؤكدين أن تصريحات الوزير الأيرلندي الأخيرة تمثل امتدادًا لنهج سياسي مستقر في أيرلندا، ينحاز لعدالة القضية الفلسطينية، ويدعو إلى تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته في إنهاء الاحتلال ومحاسبة الجناة.
وعلى الصعيد ذاته، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بأنه "مخجل".
وأضاف في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء، أنه يجب الضغط على "“إسرائيل" واعتبر أنه "من المعقول الحديث عن إعادة النظر في اتفاقيات الشراكة بينها والاتحاد الأوروبي".
وأكد الرئيس الفرنسي أن ما يحدث في غزة "مأساة إنسانية غير مقبولة ومروعة ويجب وقفها".