مسؤول أممي: الموت في غزة له صوت ورائحة لا تفارقانك.. والخطة الإسرائيلية للمساعدات "عرض ساخر"

قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إن "إسرائيل تفرض عمدًا ودون خجل ظروفًا غير إنسانية على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، مشيرًا إلى أن "الموت في غزة له صوت ورائحة لا تفارقانك".
جاءت كلمة فليتشر، امس الثلاثاء، خلال إحاطته أمام "مجلس الأمن الدولي" في جلسة طارئة دعت إليها الدنمارك وسلوفينيا والمملكة المتحدة وفرنسا لمناقشة الوضع الإنساني المتفاقم في قطاع غزة.
وأضاف فليتشر: "لأكثر من عشرة أسابيع، لم يدخل إلى غزة شيء، لا طعام، ولا دواء، ولا ماء، ولا خيام. ومرة أخرى، يُهجّر مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا، محبوسين في مساحات تتقلص باستمرار، إذ إن 70% من أراضي غزة إما تقع ضمن مناطق عسكرية إسرائيلية أو تحت أوامر إخلاء".
وأكد أن كل فرد من أصل 2.1 مليون فلسطيني في القطاع يواجه خطر المجاعة، مشيرًا إلى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص يعاني فعليًا من المجاعة، في ظل انهيار كامل للمنظومة الإنسانية والخدمية.
ووجّه فليتشر، انتقادًا لاذعًا إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن، قائلاً: "أدعوكم للتأمل في سؤال ستطرحه الأجيال القادمة: ماذا فعل كل منا لوقف فظائع القرن الحادي والعشرين التي نشهدها يوميًا في غزة؟ هل سنقول إننا أصدرنا بيانًا؟ أو راهنّا على ضغط خلف الأبواب المغلقة رغم الأدلة المناقضة لذلك؟".
وأشار إلى أن المستشفيات القليلة التي "نجت من القصف" باتت مكتظة بالمرضى، وأن الطواقم الطبية الناجية من هجمات الطائرات المسيّرة والقناصة تعجز عن مواكبة تدفق الجرحى وانتشار الأمراض. وعن زيارته الأخيرة لغزة، قال: "من خلال زيارتي لما تبقى من المنظومة الطبية، يمكنني القول إن الموت بهذا الحجم له صوت ورائحة لا تفارقانك"، ناقلاً وصفًا لأحد العاملين في المستشفى: "الأطفال يصرخون ونحن ننزع القماش المحروق عن جلودهم".
وجدد فليتشر، التأكيد على أن الأمم المتحدة وشركاءها يبذلون جهودًا كبيرة لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، قائلًا: "لدينا آليات صارمة تضمن وصول المساعدات إلى المدنيين فقط وليس إلى حماس، لكن إسرائيل تمنعنا من إدخالها، وتضع نصب أعينها هدفًا يتمثل في إخلاء غزة من سكانها".
وأضاف أن على "إسرائيل"، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، أن توافق على تقديم المساعدة وتيسير وصولها، مشددًا على أن "الآلية التي طرحتها إسرائيل ليست حلًا، بل تجعل تقديم المساعدات مشروطًا بأهداف عسكرية، وتحوّل التجويع إلى ورقة مساومة. إنها عرض ساخر وتشتيت متعمد وغطاء لمزيد من العنف والنزوح".
وأوضح أن الأمم المتحدة قدّمت للمجلس تقارير متكررة عن ما تشهده غزة من دمار ومجاعة ومرض وتعذيب وتهجير متكرر، إلى جانب العرقلة المتعمدة لجهود الإغاثة، و"التدمير المنهجي للحياة الفلسطينية في القطاع".
وحول قضية الإبادة الجماعية، أشار فليتشر إلى أن محكمة العدل الدولية تنظر في الأمر وستأخذ في الاعتبار شهادات الوكالات الإنسانية، لكنه حذّر من أن تقريرها قد يصدر "بعد فوات الأوان". وسأل أعضاء مجلس الأمن: "ما الأدلة الإضافية التي تحتاجونها؟ هل ستتحركون أخيرًا لمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام القانون الدولي؟ أم ستكتفون بالقول: فعلنا ما بوسعنا؟".
ودعا المسؤول الأممي السلطات الإسرائيلية إلى التوقف الفوري عن قتل وجرح المدنيين، ورفع الحصار "الوحشي"، والسماح بدخول العاملين الإنسانيين لإنقاذ الأرواح. كما طالب الفصائل الفلسطينية المسلحة، وعلى رأسها حركة حماس، بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، والكف عن تعريض المدنيين للخطر خلال العمليات العسكرية.
وعقد مجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، اجتماعا حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية، والوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.