خبير أمني يدعو مقاومي الضفة لاستلهام تجربة غزة لا استنساخها

دعا خبير أمني، المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، إلى ضرورة تقييم الحالة الأمنية والعسكرية لديها، واستلهام تجربة قطاع غزة، لا استنساخها.
وطالب الخبير الأمني محمد لافي، بمزيد من السرية والتخطيط من أجل تقليل الخسائر في صفوف المقاومين، معللاً ذلك بأن "المعركة مع الاحتلال تحتاج لنفس طويل".
وقال لافي لـ"قدس برس" إنه "يجب إعادة تقييم الحالة المقاومة في الضفة، لأنها بهذه الطريقة تكون حالة محترقة جداً، ويجب اتباع طرق أكثر علمية وتخطيطاً، بعيدا عن العواطف والاستعراض"، لافتاً إلى أهمية "البناء على التجارب السابقة للاستفادة منها، لا سيما في جنين ونابلس (شمالا)".
وأضاف أن "أي عمل عسكري ناجح يحتاج إلى عدة أمور، من أهمها الإرادة، والجرأة، والسرية، والتخطيط العلمي، والروح، والبيئة الحاضنة".
وشدد لافي على أن "الضفة الغربية تختلف اختلافا كليا عن غزة، ومن الخطأ نسخ تجربتها كما هي".
وأوضح أنه "من الممكن استلهام روح تجربة غزة، لاختلاف الطبيعة الجغرافية والديمغرافية، حيث الالتصاق والتقارب بين مدن الضفة، وجدار الفصل العنصري".
دايتون وعقيدة أجهزة السلطة
وأشار لافي إلى "خطورة الطبيعة الأمنية لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية"، مؤكداً أن "عقيدتها تختلف اختلافا كليا عما كانت عليه عام 2000".
وبين أنه "مع اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر عام 2000، التحق عدد كبير من عناصر وضباط أمن السلطة، وخاصة قوات الأمن الوطني، بصفوف المقاومة".
واستدرك أن "هذا ما تنبه له الجنرال الأمريكي كيت دايتون، المشرف على تطوير وتدريب أجهزة السلطة آنذاك، فعمل فيما بعد على صياغة العقيدة الأمنية، التي تماهت بدرجة عالية مع المصالحة الإسرائيلية".
واعتبر لافي أن "البيئة الشعبية الموجودة في الضفة بشكل عام، وجنين بشكل خاص، حاضنة جيدة للمقاومة، لكن وجود التنسيق الأمني مدعاة لتسرب العملاء والتخابر من خلال هذه البيئة، مما يضر بهذا العمل بشكل كبير".
وأردف أن "كل العمل المباشر ضد الاحتلال، يجب أن يكون في سرية تامة، وتحت الأرض، وهؤلاء المقاومون يجب أن لا يكونوا مجرد أرقام فحسب، ويجب الاهتمام بالنوع وتطويره".
وأضاف أنه "يجب توقف النزيف، وتقليل عدد الشهداء في حال وجود أي توغل لقوات الاحتلال، والحفاظ على المقاومين، ويجب أن لا يكون العامل الزمني سيفا مسلطا على رقابهم"، مشيراً إلى ضرورة "العمل بهدوء من أجل ترتيب الأمر أكثر مما هو عليه الآن".
وتابع لافي أنه "يجب تأسيس بنية تحتية قوية للمقاومة، تقوم على السرية التامة، وفلترة العناصر وصهرها، لضمان الأمن الشخصي لها قبل كل شيء، كما كانت فصائل المقاومة تفعل سابقا".
إنهاء الاستعراضات العسكرية
وشدد الخبير الأمني على "ضرورة إنهاء ظاهرة الاستعراضات المسلحة بشكل أو بآخر، والعمل على إيجاد رموز مجتمعية معروفة، تكون عنوانا للمقاومة وداعمة لها، ولكن دون أن يكون لها علاقة مباشرة معها، كي تكون بعيدة عن أي اعتقال أو ملاحقة".
وقال لافي إن "الهدف من إيجاد هذه الرموز المجتمعية الداعمة للمقاومة، جذب واستقطاب الشباب الراغبين في العمل المسلح، والتواصل بطريقة أو بأخرى، وبسرية تامة، مع خلايا المقاومة، التي تعمل تحت الأرض؛ لتنظيمهم وتدريبهم وترشيدهم وترشيحهم للعمل".
وأشار الى أن "هؤلاء الرموز سيصنعون حالة ثقافية وإعلامية مساندة للمقاومة، ويكون ذلك من خلال تلك الواجهة المجتمعية والمؤسساتية".
وأكد "ضرورة إيجاد حالة من الهدوء والتريث وتوطئة وترسيخ الأقدام على الأرض، حتى إذا حصل أي اقتحام أو عملية إسرائيلية؛ يكون كل مقاوم يعرف دوره بالضبط، ويوظف بالشكل الصحيح".
وبين لافي أن "هذا الأمر يحتاج إلى عقلية أمنية واعية، فالأمر ليس عفويا أو استعراضيا".
لجان شعبية وخطط محكمة
ودعا الخبير الأمني إلى "ضرورة تشكيل لجان شعبية، لتقوم بدور الرصد الأمني والميداني، بحيث تكون هذه العناصر بالزي المدني، للعب دور في حماية المقاومين وهم في الثغور، ولا يكون خروجهم من هذه الثغور إلا عند الحاجة، حسب إشارات يتم الاتفاق عليها، وذلك لكشف أي قوات خاصة من المستعربين، أو أي تحركات مريبة في الميدان".
وشدد لافي على "ضرورة وضع خطة محكمة متطورة، في حال حدوث أي توغل أو اجتياح لأي منطقة، بحيث تكون هناك عملية استدراج ونصب كمائن، ونشر قناصة".
ونوه إلى أهمية أن "لا يكون التصدي للقوات المتوغلة وجها لوجه، لأن ذلك سيضعف المقاومين في ظل استخدام الطائرات المسيرة"، مشيراً إلى أهمية "العمل على استدراج قوات الاحتلال إلى أماكن يريدها رجال المقاومة، وليس العكس".
ولفت أيضاً إلى "أهمية التسليح والتدريب، وجلب السلاح المتطور، وكذلك التصنيع إن أمكن"، مؤكداً أن "الأمر بحاجة إلى المزيد من البحث والإصرار والتطوير والتعلم من أخطاء الماضي، لرسم طريق المستقبل".