سوريا…ورش تدريبية للشباب الفلسطيني تحت عنوان "القيادة والتأثير"

في وقت تتكاثف فيه التحديات أمام الوعي الفلسطيني الجمعي، من حملات التطبيع والتزييف والسطو على الرواية الأصلية، أطلقت مبادرة "قناديل مقدسية" سلسلة من الورش التدريبية في سوريا، تحت عنوان "القيادة والتأثير للشباب"، بهدف تمكين الجيل الفلسطيني الشاب، وخاصة في الشتات، من أدوات التعبير الرقمي والتأثير المجتمعي.
إيمان بالشباب… واستثمار في المستقبل
في حديثه لـ"قدس برس"، قال مهند سامر، مدير المبادرة:"أطلقنا سلسلة ورش القيادة والتأثير للشباب ضمن مشاريع قناديل، من إيمان عميق بقدرة الشباب الفلسطيني في الخارج على صناعة التغيير وبناء وعي مجتمعي فاعل تجاه قضاياهم الوطنية".
وأكد سامر أن "الورش تأتي في زمن يتزايد فيه خطر تمييع الهوية الوطنية، وتطبيع العلاقات مع الاحتلال، ومحاولات السيطرة على السردية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن تمكين الشباب بالمعرفة والمهارات المعاصرة هو الرد الأمثل".
أهداف المشروع: من المنصة إلى الميدان
وأوضح سامر أن "الهدف المركزي من هذه السلسلة هو بناء جيل شبابي فلسطيني مثقف رقميًا، واعٍ بقضيته، ومتمكن من أدوات التعبير والتأثير المعاصرة، خصوصًا في الفضاء الرقمي".
وأضاف:"نسعى لتحويل المنصات الرقمية إلى ساحات مقاومة ووعي، تُعبّر عن نبض الشارع الفلسطيني، وتعيد تسليط الضوء على قضاياه العادلة، وتحشد الدعم والتضامن من مختلف بقاع الأرض".
دمشق… حضور فلسطيني رغم الجراح
وفي ما يخص اختيار العاصمة السورية دمشق محطة ثالثة لهذه الورش، بعد لبنان، اعتبر سامر أن "التوجه نحو دمشق يحمل بعدًا وطنيًا وإنسانيًا وتربويًا، لا سيما أن سوريا تحتضن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين الذين عاشوا ظروفًا قاسية خلال الأزمة السورية، دون أن يتخلّوا عن هويتهم وانتمائهم الوطني".
وأضاف:"نحرص في قناديل على الوصول إلى الفلسطيني في كل بقعة، سواء في اللجوء القريب أو البعيد.؛ دمشق كانت ولا تزال من المدن الحاضنة لفلسطين، وشبابها يستحقون هذا النوع من التمكين والدعم".
دعم مستمر… وخطة متابعة متقدمة
وحول ما بعد الورشة، كشف سامر عن وجود خطة متابعة شاملة، قائلاً:"نخطط لإنشاء مجموعة تواصل مستمرة مع المشاركين، بهدف تقديم دعم فني وتوجيهي، ومرافقة أي مبادرات رقمية يطلقونها".
كما لفت إلى "نية قناديل إطلاق برنامج تدريبي أوسع مبني على مخرجات الورش السابقة، يتضمن إنتاج محتوى مشترك وتبادل للخبرات بين المشاركين من مختلف أماكن التواجد الفلسطيني".
تفاعل لافت… رغم التحديات
وعن تفاعل الشباب الفلسطيني في سوريا مع الورشة، قال المدرّب مجد مغربية:"كان التفاعل ملفتًا وملهمًا؛ لمسنا تعطّشًا حقيقيًا لدى الشباب الفلسطيني في سوريا نحو فرص التعلم والتعبير والمشاركة في قضاياهم من خلال أدوات حديثة وفعالة".
وأشار مغربية في تصريح خاص لـ"قدس برس" إلى "وجود بعض التحديات، سواء على المستوى التقني واللوجستي أو المرتبطة بالظروف العامة، لكنه شدد على أن الروح العالية لدى الشباب غلبت على كل العقبات، ما أضفى على الورشة طابعًا تفاعليًا قويًا".
محاور الورشة: من الفكرة إلى التأثير
وأوضح مغربية أن "الورشة ركزت على محاور أساسية، انطلقت من فهم المحتوى المجتمعي ودوره في الدفاع عن القضايا العادلة، مرورًا باستعراض أشكال المحتوى الرقمي المؤثر في دعم القضية الفلسطينية، وصولًا إلى تدريب المشاركين على مهارات إنتاج المحتوى الفعّال والموجّه، وكيفية استخدام استراتيجيات النشر والتأثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل الأمثل، وقد جرى تقديم هذه المحاور بأسلوب تطبيقي عملي، جمع بين التأصيل النظري والممارسة المباشرة، بما يواكب تطلعات الشباب ويعزّز قدرتهم على التأثير الحقيقي في الفضاء الرقمي".
ولفت إلى أن"ما ميّز هذه الورشة هو المزج بين الوعي الوطني والتمكين الرقمي، حيث قدّمنا أدوات تطبيقية واقعية، وفتحنا مساحة شبابية تفاعلية للتعبير والإبداع، جمعت بين التدريب الإعلامي والالتزام الوطني".
مبادرات وُلدت من رحم الورشة
أما عن مخرجات الورشة، فأشار مغربية إلى أن "الاستجابة كانت إيجابية جدًا، حيث شهدت نقاشات حيّة، تمارين تفاعلية، ومشاريع ناشئة قدّمها المشاركون، ومن بين المبادرات التي تبلورت خلال الورشة: فكرة حملة توعوية حول الشركات الداعمة للاحتلال و مشروع صفحة على إنستغرام لتوثيق الحضور الفلسطيني في الشتات".
وبين التمكين الرقمي والوعي الوطني، تفتح مبادرة "قناديل مقدسية" نوافذ الأمل في جدران الشتات، وتمنح الشباب أدوات العصر ليكونوا أكثر من مجرد متابعين، بل فاعلين ومبادرين في معركة الوعي من أجل فلسطين.
وفي ظل محاولات إسكات الصوت الفلسطيني، تُثبت هذه الورش أن الكلمة ما زالت سلاحًا، وأن الصورة قد تُربك سردية احتلال، وأن جيلًا جديدًا من الفلسطينيين في المنفى، بدأ يكتب روايته بنفسه… جيلٌ لا ينسى، ولا يُنسى.