"قدس برس" ترصد أساليب مراكز توزيع المساعدات الأمريكية في جذب شباب غزة

أثار إعلان مكتب الإعلام الحكومي في غزة، أمس الجمعة، عن ضبط كميات من الأقراص المخدرة من نوع "أوكسيكودون" (مادّة مخدّرة) تم تهريبها داخل أكياس الدقيق التي تُوزّع عبر مراكز المساعدات "الأمريكية-الإسرائيلية"، صدمة واسعة في الشارع الغزي.
حيث أوضح المكتب في بيانه أنه تم توثيق أربع حالات عُثر فيها على أقراص مخدرة داخل أكياس الدقيق، واعتبر ذلك من "أخطر الحوادث التي تم الكشف عنها"، واصفًا إيّاها بـ"الجريمة البشعة".
وأشار البيان إلى أن "التحقيقات الأولية ترجّح احتمال قيام الجهة المسؤولة بطحن الأقراص أو إذابتها داخل الطحين نفسه، ما يعني إمكانية تعرض شرائح واسعة من السكان للمواد المخدرة دون علمهم، بعد تناولهم لهذا الدقيق".
تهديد أمني وصحي مزدوج
من جانبه أشار مصدر أمني بوزارة الداخلية في غزة، إلى أن "هذا الكشف يعكس حجم الجهود الخبيثة التي تبذلها الجهات (الإسرائيلية والأمريكية) في محاولة لضرب النسيج الاجتماعي داخل القطاع، والعمل على تفكيكه عبر أدوات يبدو ظاهرها إنساني، ولكنها في الحقيقة محاولات تتم بأدوات ناعمة وخبيثة لتدمير عقول الشباب ودفعه نحو الانتحار".
وأضاف المصدر في حديث لـ"قدس برس" اليوم السبت، أننا "في وزارة الداخلية نرى أن هنالك مخاوف جدية من استخدام هذه المراكز لأغراض استخباراتية، لذلك ناشدنا الأهالي بعدم التوجه لهذه المراكز، لما فيها من مخاطر منها الإعدام رميا بالرصاص، أو الإيقاع في شرك العمالة، أو حتى الاعتقال".
وتابع "نحن نتعامل مع هذه القضية كتهديد أمني وصحي مزدوج، حيث نتابع تحقيقاتنا في محاولة لمعرفة ما إذا كانت الكمية التي تم ضبطها تقتصر على بعض الأكياس التي تم ضبطها في الحرز، أم أنها منتشرة بكثرة، أو مذابة داخل الطحين، وكل كشف في حل هذه الألغاز سيفيدنا في كيفية التعامل مع هذه الجريمة".
نقود وسجائر وهواتف داخل الطرود
وتمكن مراسل "قدس برس" في وسط القطاع من الوصول لنقطة توزيع المساعدات المعروفة باسم نقطة "نتساريم" حيث لاحظ أن المسؤولين عن إدارة المركز وتوزيع الطرود ليسوا بأفراد على صلة بالعمل الإغاثي والإنساني، بل تبدو ملامحهم أقرب لضباط المخابرات الغربية والأمريكية على وجه الخصوص.
كما رصد مراسل "قدس برس" كيف تعمل هذه المراكز على جذب الأهالي وفئة الشباب على وجه الخصوص، ففي بعض الطرود تم الزجّ ببعض الأوراق المالية داخلها من فئة 200 شيكل (نحو 60 دولارا)، وفي حالات أخرى تم وضع عدد من علب السجائر داخل الطرود، وهنا تجدر الإشارة إلى أن السجائر في غزة تعتبر نادرة حيث يصل سعر العلبة الواحدة لأكثر من 600 دولار وهو ما يعتبر عنصر جذب للكثيرين للذهاب لهذه المراكز في محاولة للحصول عليه.
كما رصد مراسلنا وضع عبوات "نيكوتين" (مادّة مخدّرة)، وسجائر إلكترونية، وهواتف حديثة، والكثير من المغريات التي كانت حافزا بالنسبة للكثيرين من الشباب للذهاب لهذه المراكز.
ما هي مادة أوكسيكودون؟
تصنف مادة "أوكسيكودون" على أنها ضمن فئة الأفيونات المخدرة، وتستخدم فقط في علاج الآلام الشديدة مثل السرطان، ويتم صرفها وفق رقابة صارمة من قبل الجهات الطبية.
ويسبب تناول هذه المادة خارج الإشراف الطبي الإدمان السريع، والاكتئاب التنفسي، وفقدان الإدراك، والهلوسة، والسلوك العنيف.
يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية تصنف "أوكسيكودون" في الجدول الثاني من المواد عالية الخطورة، والتي لا يمكن صرفها إلا في حالات معينة وبإشراف طبي مشدد.
دعوات للمحاسبة
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي، في ختام بيانه، المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بفتح تحقيق مستقل وشامل في حيثيات الحادثة، ومساءلة الجهات التي تدير هذه المراكز، ووقف ما وصفه بـ"العبث المتعمد بصحة الناس تحت ستار المساعدات".
كما دعا الجهات الفلسطينية والمؤسسات الأهلية إلى "تعزيز الرقابة المجتمعية، وتكثيف حملات التوعية بشأن مخاطر تعاطي الأدوية المخدرة التي قد تُدمج بطرق خفية في المواد الغذائية".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي وبدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عدوانه على قطاع غزة، والذي خلّف حتى الآن نحو 189 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين، وسط دمار هائل في كل أنحاء القطاع.