كيف تستغل حكومة الاحتلال تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية؟

في الوقت الذي تتركّز فيه أنظار العالم على المجازر المتواصلة في غزة، تتسارع وتيرة الاستيطان والاعتداءات في الضفة الغربية بهدوء مريب، مستفيدة من حالة التعتيم والصمت الدولي. فالمشهد هناك لا يقل خطورة، حيث تحوّلت الضفة إلى مسرح لعمليات تهجير قسري وضم متسارع، في ظل رعاية مباشرة من حكومة الاحتلال، وغياب أي ردع أممي حقيقي.

وسط هذا التصعيد، يربط محللون ومراقبون بين تغوّل المستوطنين وتفكك الردع الإسرائيلي منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، معتبرين أن نتنياهو يوظف الضفة كورقة بقاء سياسي، بينما تدفع التجمعات الفلسطينية الثمن من أمنها وأرضها ووجودها.

وفيما تُظهر الإحصاءات تصاعدًا خطيرًا في عدد الهجمات الاستيطانية، تؤكد فصائل المقاومة أن ما يجري لن يُواجه إلا بتصعيد المواجهة الشعبية والمسلحة، باعتبارها الرد المشروع على سياسات الاقتلاع والإبادة المستمرة.

 

الحلقة الأضعف

وقال المحلل السياسي محمد القيق إن تصعيد المستوطنين في الضفة الغربية يُعدّ نتيجة مباشرة لغياب الضغط الدولي الملزم لإسرائيل بوقف انتهاكها للقانون الدولي، وسط صمت المؤسسات الأممية.

وأضاف القيق في حديث لـ"قدس برس"، اليوم الثلاثاء، أن الاحتلال يستغل أيضًا استمرار الانقسام الفلسطيني، الذي تحوّل إلى شماعة تعلق عليها كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي عجزهما عن التحرك الفعّال.

وأكد القيق أن تلاشي الهيبة الإسرائيلية وتفكك منظومة الردع منذ عملية طوفان الأقصى، مرورًا بالحرب الأخيرة مع إيران، جعل من الضفة الغربية الحلقة الأضعف، لتصبح مسرحًا لعمليات الضم والاستيطان المتسارع.

وأشار إلى أن الأهم من كل ذلك هو تسريع نتنياهو لعقيدة التوسع الاستيطاني، معتقدًا أن قاعدته السياسية الجديدة تقوم على المتطرفين الذين يمثلون بالنسبة له “قارب نجاة” في ظل اهتزاز حكمه، لا سيما في وقت يسعى فيه دونالد ترامب بدوره إلى قوارب نجاة قانونية، سواء داخل إسرائيل أو في الساحة الدولية

 

إسناد رسمي

من جهته، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، محمود مرداوي، إن اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية ليست سلوكًا فرديًا عابرًا، بل تجري برعاية مباشرة من حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، وبإسناد واضح من جيشه وأجهزته الأمنية.

وأوضح مرداوي، في تصريحات إعلامية، الأحد، أن الجرائم المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة تستدعي تصعيد المقاومة بكل أشكالها، باعتبارها الرد الطبيعي والمشروع على العدوان المنظم.

وأكد أن الشعب الفلسطيني، رغم كل محاولات الاحتلال لكسر إرادته، سيواصل طريقه في مقاومة الاحتلال، مشددًا على أن التنكيل والتعذيب والقمع لم ولن يثنوا المقاومين عن مواصلة نضالهم حتى انتزاع حقوقهم كاملة

 

حصيلة الاعتداءات

وقالت صحيفة عبرية، إن الحكومة الإسرائيلية اليمينية، تغاضت خلال الأشهر العشرين الماضية، عن الاعتداءات التي يشنها مستوطنون متطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وقالت صحيفة/جروزاليم بوست/ العبرية: إن أرقام وزارة الجيش تشير إلى أن الهجمات القومية اليهودية في الضفة الغربية ارتفعت بنسبة 30% هذا العام، من 318 في النصف الأول من عام 2024 إلى 414 خلال نفس الفترة في عام 2025.

وصعد المستوطنون بحماية من قوات الاحتلال، من جرائمهم واعتداءاتهم، ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2023.

وتسببت هذه الاعتداءات في تهجير أكثر من 60 تجمعا فلسطينيا، غالبيتها في منطقة حنوب الضفة الغربية المحتلة، والأغوار الفلسطينية، بالتزامن مع عدوان واسع ومدمر على قطاع غزة أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات آلاف الفلسطينيين معظمهم من النساء والأطفال.

ووفق "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" في السلطة الفلسطينية، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون ما مجموعه 1691 اعتداء، من بينها 415 اعتداء خلال أيار/مايو الماضي، شملت تدمير ممتلكات واقتلاع أشجار وتجريف أراضٍ وهجمات مسلحة، في إطار سياسة تهدف إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم وفرض وقائع ميدانية جديدة.

ومنذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعّدت إسرائيل بشكل متزامن من عملياتها العسكرية في الضفة الغربية.

يأتي ذلك وسط تصريحات متكررة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين برفض إقامة دولة فلسطينية والتوجه نحو ضم الضفة الغربية رسميا.

وحتى الآن، استشهد ما لا يقل عن 986 فلسطينيا وأصيب نحو 7 آلاف آخرين بالضفة، بحسب معطيات رسمية فلسطينية.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الصليب الأحمر: قلق عميق من تصاعد العدوان "الإسرائيلي" في غزة
يوليو 1, 2025
أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، عن قلقها البالغ إزاء تصعيد العمليات العسكرية لجيش الاحتلال "الإسرائيلي" في مناطق مختلفة من قطاع غزة، في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية وعجز المستشفيات القليلة المتبقية عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى. وقالت اللجنة في بيان إنّها تشعر بـ"قلق عميق من تصاعد الأعمال العدائية في مدينة غزة ومخيم
"الحوثيون" يعلنون تنفيذ عملية بصاروخ فرط صوتي على مطار اللد
يوليو 1, 2025
أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون)، يحيى سريع، الثلاثاء، أن القوة الصاروخية للجماعة نفّذت عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللّد في مدينة يافا المحتلة، مستخدمة صاروخا باليستيا فرط صوتي من طراز "فلسطين 2". وأوضح سريع أن الهجوم حقق هدفه بدقة، وأنه أدى إلى توقف حركة المطار وهروب واسع للمدنيين نحو الملاجئ. وأشار
169 منظمة تطالب بوقف آلية توزيع المساعدات "الإسرائيلية" في غزة
يوليو 1, 2025
طالبت 169 منظمة إغاثية دولية بوقف فوري لآلية توزيع المساعدات الإنسانية التي تقودها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة "إسرائيلية" - أميركية مثيرة للجدل، تتولى منذ أواخر أيار/مايو الماضي إدارة توزيع الإغاثة في قطاع غزة، بدلا من الوكالات الأممية والدولية المعتادة. وفي بيان مشترك، دعت المنظمات إلى العودة للعمل بآلية التوزيع التي كانت تديرها
"القسام" تعلن قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية
يوليو 1, 2025
أعلنت كتائب "القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، الثلاثاء، قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية. وقالت "القسام" في بيان مقتضب، إن الصواريخ التي جرى القصف بها من طراز "Q20" من منطقة تتواجد فيها آليات العدو شمال مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق اليوم، أن "صاروخين أطلقا من قطاع غزة
الصفدي: منع إدخال المساعدات إلى غزة جريمة حرب تستدعي تحركا دوليا فوريا
يوليو 1, 2025
أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الثلاثاء، أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة نتيجة استمرار عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" ومنع دخول المساعدات، يتطلب تحركا دوليا فوريا لفرض إدخال المساعدات الإنسانية من خلال المنظمات الأممية المعنية، بما ينسجم مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وخلال لقائه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)
"الأورومتوسطي": منع الوقود عن مستشفيات غزة أداة قتل مباشر
يوليو 1, 2025
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف)، الثلاثاء، إن منع "إسرائيل" إدخال الوقود إلى مستشفيات قطاع غزة يُمثّل أداة قتل مباشر ووسيلة تهجير قسري بحق السكان المدنيين، ويُحوّل المرافق الصحية إلى أماكن للموت بدلا من الرعاية. وأوضح المرصد في بيان صحفي، أن توقف المولدات الكهربائية وتعطل الأجهزة الطبية الحيوية يعرض حياة آلاف المرضى لخطر