وقفة احتجاجية في ساو باولو للمطالبة بقطع العلاقات مع "إسرائيل" ووقف الإبادة في غزة

شهدت مدينة ساو باولو البرازيلية يومي 1 و2 تموز/يوليو وقفة احتجاجية امتدت على مدار 24 ساعة، نظمتها حركات اجتماعية وشخصيات سياسية وثقافية، أمام مقر مكتب التمثيل الرئاسي للحكومة الفيدرالية البرازيلية (ERESP)، للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وقطع العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والتجارية بين البرازيل و"إسرائيل".
الوقفة، التي حملت عنوان "وقفة احتجاجية لمدة 24 ساعة من أجل فلسطين"، جاءت ردًا على استمرار التعاون الرسمي البرازيلي مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم الإدانات العلنية الصادرة عن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والتصريحات المناهضة للعدوان الإسرائيلي على غزة.
ضغط شعبي ورسالة واضحة
في حديثه لـ"قدس برس"، قال تياغو أفيلا، الناشط السياسي البرازيلي البارز وأحد منسقي الفعالية، والذي كان قد شارك سابقًا في "أسطول الحرية" المتجه إلى غزة وتعرض للاعتقال والتنكيل على يد الجيش الإسرائيلي: "نحن الآن أمام مكتب تمثيل الحكومة البرازيلية في ساو باولو. ومن المهم جدًا أن نمارس هذا الضغط، أيها الناس. إن قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني الإجرامي هو ضرورة تاريخية في هذه اللحظة".
وأكد أفيلا أن "الشعب البرازيلي يخرج إلى الشوارع، ينظم المظاهرات، يُطلق حملات المقاطعة، ويطالب بسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، ويعمل جاهدًا على كسر الحصار الإعلامي وكسر سيطرة شركات التكنولوجيا الكبرى على شبكات التواصل. نحن نبذل كل ما في وسعنا، بدافع من قلب الشعب البرازيلي."
وشدد أفيلا: "لم يكن يومًا، ولن يكون أبدًا، هناك ما يبرر دعم الإبادة الجماعية. ونعلم أن الناس لا تقبل بقصف المستشفيات أو المدارس أو الحضانات. ولهذا السبب سنواصل حشد الجهود. من المهم جدًا أن يدعم الجميع قطع العلاقات مع "إسرائيل" — قطع كل الاتفاقيات التجارية، الأكاديمية، والعسكرية — وأن تكون البرازيل في طليعة النضال من أجل وقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني".
وأشاد بتنوع المشاركين واختلاف توجهاتهم السياسية، معتبرًا أن "شعوب العالم بأسره اليوم متحدة لوقف هذه الإبادة الجماعية. وهذه الوقفة اليوم تعكس هذا التنوع — وجه الجميع حاضر هنا. ولهذا من المهم جدًا أن نكون حاضرين".
مواقف داعمة من الداخل البرازيلي
صرّحت فيفيان مينديس، من القيادة الوطنية لحزب "الوحدة الشعبية من أجل الاشتراكية" البرازيلي، بأن وجودهم في هذه الوقفة يهدف إلى تحميل الحكومة البرازيلية مسؤوليتها السياسية، والمطالبة بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني فورًا، مشددةً على أنه "لا يمكن أن يستمر هذا التواطؤ الرسمي في وقت تتواصل فيه الجرائم ضد الإنسانية في غزة".
وأكدت في تصريحات لـ"قدس برس"، أن الوقفة ستُختتم بتسليم رسالة باسم الشعب البرازيلي تطالب بقطع كافة أشكال التعاون مع "إسرائيل".
بدوره، قال ليوناردو بيركليس، رئيس الحزب نفسه: "الاعتصام هنا يعبّر عن التقاء نضال الشعب الفلسطيني مع نضال شعوب أمريكا اللاتينية، وخاصةً الفقراء والسود في البرازيل، الذين يتعرضون هم أيضًا لعنف ممنهج. كثير من الأسلحة المستخدمة من قِبل الشرطة العسكرية البرازيلية مصدرها إسرائيل، وكذلك التدريبات، مما يجعل هذا التضامن ضرورة لا ترفًا".
من جهتها، أكدت رواء الصغير، منسقة شبكة "صامدون للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين"، أن "رسالتنا واضحة: نريد وقف المجازر في غزة، ووقف القمع في الأطراف البرازيلية، وكلاهما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلاقات التعاون العسكري مع الاحتلال".
وشددت في تصريحات لـ"قدس برس" على أن "لا يكفي إدانة الرئيس للإبادة في تصريحاته، بينما تستمر الصفقات العسكرية والتجارية مع "إسرائيل"".
وقال لوكا، وهو طالب يهودي في جامعة "PUC" ساو باولو، وعضو في "جبهة الدفاع عن الشعب الفلسطيني"، بأنه يرى مشاركته في الوقفة موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا يتجاوز الانتماء الديني، "أنا يهودي، وأرفض أن تُستغل ديانتي لتبرير المجازر. الدولة الإسرائيلية لا تمثلني. نحن نرفض الإبادة والدعم الدولي لها، ونطالب الحكومة البرازيلية بالتحرك الفوري".
تضامن شعبي ورسمي متصاعد
تميّزت الوقفة بتنوع المشاركين؛ فقد شارك فيها صحفيون، فنانون، اقتصاديون، ممثلون عن النقابات، منظمات شبابية، فلسطينيون من الجالية، إلى جانب وجوه ثقافية بارزة من بينهم الصحفي برينو ألتمان، والاقتصادي إدواردو موريرا، والناشطة الفلسطينية البرازيلية ثريا مصلح، وآخرون.
وتخلل الفعالية برنامج ثقافي على مدار 24 ساعة، تضمن عروض أفلام، حلقات نقاش، أمسيات موسيقية، تكريمات رمزية، ونشاط تعبوي مستمر. كما دعا المنظمون المشاركين إلى إحضار الشموع والخيام، في لفتة رمزية تعبر عن التضامن مع قطاع غزة.
وأكد المنظمون أن هذه التحركات لن تكون الأخيرة، بل بداية لحملة متصاعدة في عموم البرازيل "لكسر الحصار السياسي المفروض على فلسطين"، بحسب تعبيرهم.
يُذكر أن عشرات النشطاء البرازيليين والمنظمات السياسية والنقابية قد شاركوا، في 27 حزيران/يونيو، في تظاهرة أمام القنصلية الأمريكية في مدينة ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، احتجاجًا على استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والدعم الأميركي اللامحدود لحكومة الاحتلال.
وكان الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قد صرّح، في 5 حزيران/يونيو الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقده في قصر الإليزيه بباريس، أن "ما يحدث في غزة ليس حربًا، بل إبادة جماعية يرتكبها جيش مجهز ضد النساء والأطفال"، مؤكداً أن العالم لم يعد يستطيع التزام الصمت، ومشدداً على أن "الاعتراف بدولة فلسطين هو واجب أخلاقي وضرورة سياسية". ودعا لولا إلى رفع الصوت الدولي لوقف الجرائم الإسرائيلية، وانتقد ازدواجية المعايير في التضامن مع الضحايا، قائلاً:"لا يمكن معاملة الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، فهم يريدون الحياة والحرية مثلنا".