مصدر في أمن المقاومة: ضباط مخابرات الاحتلال يزودون العملاء بمواقع شاحنات المساعدات

كشف مصدر في أمن المقاومة بقطاع غزة، الخميس، عن توجيه مخابرات الاحتلال "الإسرائيلي" عددا من العملاء لمهاجمة شاحنات المساعدات التي تصل إلى القطاع، تحت غطاء جوي.
وقال المصدر في تصريحات صحفية، إن ضباط مخابرات الاحتلال يزودون العملاء بمواقع شاحنات المساعدات ضمن خطة لنشر الفوضى في القطاع.
وأوضح أنه جرى تكليف العملاء على الأرض، من قبل الاحتلال، بدفع المواطنين المجوّعين إلى "المناطق الحمراء" لقتلهم وخلق حالة من الفوضى.
وأفاد مراسل "قدس برس" في جنوب القطاع نهاية حزيران/يونيو الماضي، أن أكثر من 50 شاحنة مساعدات تم توقيفها بعد نصب كمين لها، أثناء مرورها من معبر "كرم أبو سالم" عبر طريق صلاح الدين، في طريقها إلى مخازن وكالة "أونروا" والمنظمات الإنسانية.
ورصدت "قدس برس" تحرّكات مكثفة للمسلّحين في مواقع قريبة من خطوط التماس مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتحديداً في مناطق "التحلية"، و"دوار بني سهيلا"، و"مفترق جاسر"، حيث انتشر المسلّحون بحرية رغم تصنيف المنطقة عسكرياً كـ"منطقة عمليات نشطة".
ويُقدّر عدد المسلّحين بالعشرات، وهم مزوّدون بأسلحة رشاشة، من بينها بنادق أمريكية من طراز M-16 ورشاشات MK-47، ويستخدمون مركبات دفع رباعي للتنقل. كما تم رصد وجود عدد من مكعبات الباطون الضخمة وُضعت وسط الطريق، ما أجبر الشاحنات على التوقّف.
ووفق إفادات شهود عيان تحدّثوا لـ"قدس برس"، فإن عملية الاعتراض غالباً ما تحدث في ساعات الفجر الأولى، بعد حصول المسلّحين على معلومات مسبقة، من سلطات الاحتلال، حول توقيت تحرّك القوافل. وفور وصول الشاحنات، يتم إطلاق النار في الهواء لإجبارها على التوقّف، وفي حال الرفض، يتم استهداف العجلات أو السائق بشكل مباشر.
ويضيف الشهود أن عملية السطو لا تستغرق أكثر من دقائق، حيث يتم تفريغ الحمولة بسرعة إلى عربات محلية مجهّزة مسبقاً، ثم تُنقل إلى مستودعات خاصة يسيطر عليها هؤلاء المسلّحون، قبل أن تُطرح في الأسواق بأسعار مضاعفة.
ويبيع هؤلاء المسلّحون كيس الطحين للمواطنين في الأسواق بأسعار تتراوح بين 230 - 600 دولار أمريكي للكيس الواحد، رغم أنه من المفترض أن يُوزّع مجاناً.
ومنذ تجدّد العدوان الإسرائيلي على القطاع في 18 آذار/مارس الماضي، عمل جيش الاحتلال على خلق واقع أمني جديد، من خلال تقويض الجهاز الشرطي في القطاع واستبداله بميليشيات مسلّحة، على غرار نموذج ميليشيات "ياسر أبو شباب" و"شادي الصوفي" في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع.
ويُعتبر هؤلاء المسلّحون بمثابة خط دفاع متقدّم لحماية جنود جيش الاحتلال من ضربات المقاومة، حيث يقومون برصد والإبلاغ عن أي تحرّكات من قبل نشطاء المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي. كما أنهم يوفّرون معلومات مجانية عن تحرّكات منتسبي الجهاز الشرطي والأمني، ما يُسهّل على الجيش استهدافهم وملاحقتهم.
وقبل أيام، أثار إعلان مكتب الإعلام الحكومي في غزة، عن ضبط كميات من الأقراص المخدرة من نوع "أوكسيكودون" (مادّة مخدّرة) تم تهريبها داخل أكياس الدقيق التي تُوزّع عبر مراكز المساعدات "الأمريكية-الإسرائيلية"، صدمة واسعة في الشارع الغزي.
حيث أوضح المكتب في بيانه أنه تم توثيق أربع حالات عُثر فيها على أقراص مخدرة داخل أكياس الدقيق، واعتبر ذلك من "أخطر الحوادث التي تم الكشف عنها"، واصفًا إيّاها بـ"الجريمة البشعة".
وأشار البيان إلى أن "التحقيقات الأولية ترجّح احتمال قيام الجهة المسؤولة بطحن الأقراص أو إذابتها داخل الطحين نفسه، ما يعني إمكانية تعرض شرائح واسعة من السكان للمواد المخدرة دون علمهم، بعد تناولهم لهذا الدقيق".
وأوضح مصدر أمني بوزارة الداخلية في غزة في تصرحيات لـ"قدس برس"، أن "هذا الكشف يعكس حجم الجهود الخبيثة التي تبذلها الجهات (الإسرائيلية والأمريكية) في محاولة لضرب النسيج الاجتماعي داخل القطاع، والعمل على تفكيكه عبر أدوات يبدو ظاهرها إنساني، ولكنها في الحقيقة محاولات تتم بأدوات ناعمة وخبيثة لتدمير عقول الشباب ودفعه نحو الانتحار".
وتمكن مراسل "قدس برس" في وسط القطاع من الوصول لنقطة توزيع المساعدات المعروفة باسم نقطة "نتساريم" حيث لاحظ أن المسؤولين عن إدارة المركز وتوزيع الطرود ليسوا بأفراد على صلة بالعمل الإغاثي والإنساني، بل تبدو ملامحهم أقرب لضباط المخابرات الغربية والأمريكية على وجه الخصوص.
كما رصد مراسل "قدس برس" كيف تعمل هذه المراكز على جذب الأهالي وفئة الشباب على وجه الخصوص، ففي بعض الطرود تم الزجّ ببعض الأوراق المالية داخلها من فئة 200 شيكل (نحو 60 دولارا)، وفي حالات أخرى تم وضع عدد من علب السجائر داخل الطرود، وهنا تجدر الإشارة إلى أن السجائر في غزة تعتبر نادرة حيث يصل سعر العلبة الواحدة لأكثر من 600 دولار وهو ما يعتبر عنصر جذب للكثيرين للذهاب لهذه المراكز في محاولة للحصول عليه.
كما رصد مراسلنا وضع عبوات "نيكوتين" (مادّة مخدّرة)، وسجائر إلكترونية، وهواتف حديثة، والكثير من المغريات التي كانت حافزا بالنسبة للكثيرين من الشباب للذهاب لهذه المراكز.
وتواصل قوات الاحتلال وبدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.