مركز دراسات: حكومة الاحتلال تسعى لشطب "حل الدولتين" لصالح "أرض إسرائيل"

ذكر التقرير الاستراتيجي لـ "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار" (مستقل) حول المشهد الإسرائيلي لعام 2022 - 2023 ، أن حكومة أقصى اليمين، التي شكّلها بنيامين نتنياهو، تنذر بآثار إستراتيجية على الشعب الفلسطيني وقضيته، وتضع إسرائيل داخليا أمام منعطف غير مسبوق سيؤثر على وجهتها "فهي تنطوي، بتشكيلتها وخططها المطروحة وتوزيع الأدوار داخلها، على إمكانية كبيرة لتفَجُّر الأوضاع الميدانية على جانبي الخط الأخضر" في إشارة إلى مناطق فلسطين المحتلة عام 48 والضفة الغربية.
وحذر التقرير من أن حكومة الاحتلال "تدفع إلى انتقال إسرائيل من مرحلة المناورة، في ما يتعلق بخطاب (حل الدولتين)، إلى مرحلة شطبه لصالح خطاب السيادة على ما يسمى (أرض إسرائيل)، والضم بحكم الأمر الواقع للمناطق المصنفة ج، والانقضاض على الوجود الفلسطيني فيها، وتعزيز التهويد والاستيطان في القدس وعلى جانبي الخط الاخضر".
ويضيف التقرير، الذي أعده نخبة من المختصين في الشأن الإسرائيلي، وأعلن عنه "مدار" في مؤتمره السنوي في رام الله، أن نتائج الانتخابات لبرلمان الاحتلال الخامسة والعشرين، التي جرت في الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر، حسمت الأزمة الانتخابية التي عصفت بإسرائيل منذ 2019 لصالح معسكر بنيامين نتنياهو الحاصل على 64 مقعداً في الكنيست، وشكّل ما يمكن تسميته "حكومة أرض إسرائيل"، على أنقاض "حكومة التغيير".
ويقول التقرير إن حكومة نتنياهو الجديدة تخوض داخليا ومنذ البداية "تخوض معركة متكاملة لفرض هيمنتها الشاملة عبر تفكيك بقايا معاقل النخب الإشكنازية العلمانية المؤسسة، وتشكل خطة وزير القضاء ياريف لافين للإصلاح القضائي أداة مركزية من أجل تحرير الحكومة من أي كوابح وضوابط، يمكن أن تحدّ من قدرتها على إنفاذ ما تراه من مشاريع وخطط وسياسات".
وتناول التقرير الشأن الدولي، معتبراً أن سياسات "حكومة أرض إسرائيل" تجاه الشعب الفلسطيني، وتجاه النظام القضائي الداخلي، قد تدفع نحو رفع غطاء "الديمقراطية" عنها، أو على الأقل إلى خلخلته، إلى جانب دفع مزيد من المؤسسات الحقوقية والأطراف الدولية إلى اعتبارها نظام أبارتهايد.
وأضاف التقرير أن ذلك "سيزيد فرص الفلسطينيين بكسب مزيد من التأييد العالمي، حيث سيتعقّد موقف الأنظمة الغربية التي تبرر دعمها لإسرائيل ومواقفها منها على أساس تقاسم القيم المشتركة وقيم الديمقراطية، ويتعمق الشرخ مع يهود الولايات المتحد،ة والحزب الديمقراطي الأمريكي خاصة بين فئة الشباب".
وحلل التقرير صعود قوة تيارات اليمين المتطرفة، حيث حصل تحالف "الصهيونية الدينية" على 14 مقعداً، وتحول إلى ثاني أكبر قائمة في الائتلاف الحكومي والثالثة في الـ "كنيست" الإسرائيلي، منبهاً إلى أن أهمية ذلك تكمن في ثلاثة مستويات: أولاً: صعود قوة التيار الحردلي (اليهود المتدينين الحريديم والوطنيين)، وهو الأكثر تطرفاً في الصهيونية الاستيطانية، وثانياً: انتقال ثقل تمثيل الصهيونية الدينية الاستيطانية التي مرّت في صراعات داخلية متعددة في السنوات السابقة، إلى التيار الحردلي، وتحوله لممثل المستوطنين المركزي، بعد فشل حزب "البيت اليهودي" في تجاوز نسبة الحسم، ما ينهي فترة صراع داخلي بين تيارات الصهيونية الدينية الاستيطانية على تمثيلها، وثالثًا: تطبيع التطرف، إذ تضم قائمة الصهيونية الدينية شخصيات من غلاة المتطرفين، ومنها من كانت موجودة على قوائم مراقبة جهاز الشرطة و"الشاباك"، وأدين بعضهم بالإرهاب في محاكم إسرائيلية.
ويشدد التقرير على أن معسكري المعارضة والحكومة يتوافقان على المنطلق المركزي الأساسي للصهيونية حول الدولة اليهودية، ويختلفان على طابعها، إذ يرفع تيار المعارضة شعار "إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية"، كما جاء في "قانون أساس: حرية الإنسان وكرامته" الذي سن العام 1992، فيما يرفع أقصى اليمين الجديد الذي يتصدر الحكم، اليوم، شعار “الدولة اليهودية القومية” كما عبر عنه قانون القومية من العام 2018.
ويضيف تقرير "مدار"، في هذا المضمار، منوهاً لفرص التحرك الفلسطيني عالمياً: "مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، فإن تنفيذ خطة الإصلاح القضائي، أو تنفيذ أجزاء، منها سيدفع نحو تصاعد حركة الاحتجاج وتوسعها، ما سينطوي على انعكاسات مختلفة ستكون لها بالضرورة آثار على المسألة الفلسطينية، وعلى فرص العمل الدبلوماسي والدولي".
ويختم التقرير بالتوافق مع المقولة بأن نتنياهو مقيّد في حكومته السادسة من قبل شركائه الحاليين أكثر من أي حكومة سابقة له. موضحا أن ذلك "يعتمد استمرار وجود الائتلاف الحكومي على بقاء أحزابه كافة، ويتقاطع ذلك مع حاجة نتنياهو لتمرير خطة الإصلاح القضائي التي قد توفر له مخرجاً من محاكمته بقضايا فساد، وهو ما يعني أن نتنياهو سيعطي مساحة واسعة للصهيونية الدينية الاستيطانية والكهانية للعمل مقابل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر من أجل استمرار وجود حكومته".