هجوم المستوطنين على "حوارة" الأعنف منذ أربعة عقود

يعتبر الهجوم الذي تعرضت له بلدة "حوارة" جنوبي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ليلة أمس الأحد، أكبر هجوم تتعرض له البلدة منذ حوالي أربعة عقود من الزمن.
وهاجم أكثر من 500 مستوطن مسلحين بالأسلحة النارية والهراوات، ومعززين بقوات من جيش الاحتلال، أمس الأحد، بلدة حوارة التي تبلغ مساحتها اثني عشر ألف دونم، وعاثوا فيها فسادا.
ووصف عضو المجلس البلدي لبلدة "حوارة" صفوت خموس، الوضع في البلدة بأنه "خطير وصعب ومشحون".
وحذر خموس في حديث مع "قدس برس" اليوم الاثنين، من احتمال شن المستوطنين اليوم هجوما آخر على البلدة، مشيرا إلى أن هناك استعدادات من قبل شبان القرية لصده.
وتصنف بلدة "حوارة" والتي يصل تعداد سكانها تسعة الاف نسمة، بأنها من مناطق (ج) حسب اتفاق أوسلو، وهي تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وتقع البلدة على بعد ثمانية كيلومترات جنوب مدينة نابلس، وعلى الشارع الرئيسي الرابط بين شمال الضفة وجنوبها، وعلى المفترقات المحلية الرابطة بين القرى الشرقية والغربية، وتقطع أوصالها ثلاثة حواجز اسرائيلية، هي حاجز حوارة العسكري شمال البلدة، وحاجز يتسهار وسط البلدة، وحاجز زعترة من الجهة الجنوبية.
وأوضح خموس أن بلدة حوارة محاصرة الآن ومغلقة من قبل قوات الاحتلال لمدة ثلاثة أيام، وقوات الاحتلال تغلق حاجز يستهار وسطها.
وقال إن "الهجوم الذي تعرضت له بلدة حوارة أمس هو الأعنف الذي تتعرض له منذ انتفاضة الحجارة عام 1987"، مشيرا إلى أنه تم من ثلاثة محاور، وأن المستوطنين انطلقوا من ثلاث مستوطنات تحيط بالبلدة وهي: يستهار، براخا، وإيتمار.
وأكد أنه خلال الهجوم وصل وزير أمن الاحتلال المتطرف ايتمار بن غفير، إلى وسط البلدة والهجوم مستمر على مرأى منه ومسمع.
وأشار خموس إلى أنهم لا يزالون يحصون أضرار هذا الهجوم، حيث تشير المعلومات الأولية إلى إصابة 100 فلسطيني، وحرق 160 سيارة، و70 منشأة، وتكسير عشرات المنازل الأخرى.
واعتبرت الكاتبة والمحللة السياسية لمى خاطر، أن المستوطنين أرادوا إيصال رسالة من خلال هذا الهجوم، أن الرد على أي عملية أخرى سيكون عنيفا.
وتوقعت خاطر في حديث مع "قدس برس" أن يتكرر الأمر في مناطق أخرى تشابه بلدة حوارة في واقعها الجغرافي من حيث الكثافة الاستيطانية التي تحيط بها، والحواجز العسكرية بشكل أخطر، وزيادة عربدة المستوطنين.
وأضافت: "في ظل غياب السلاح؛ سيصبح سكان الضفة الغربية أقلية لأن الكلمة في النهاية لمن يملك القوة".
وقالت إنه "في ظل وجود حكومة الاحتلال الحالية، كان واضحا تماما أن هناك أوامر مباشرة للمستوطنين، وأنهم أخذو ضوءا أخضر وغطاء لعمل ما يريدون، بحماية ودعم جيش الاحتلال".
وأشارت إلى خشية مسؤولي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن تتحول هذه البلدات الحساسة والمحاطة بالمستوطنين والهادئة نسبيا إلى بؤرة للعمليات الفدائية، مؤكدة أن دولة الاحتلال تعتبر هذا الأمر تطوراً خطيراً.
ويعود تاريخ بلدة حوارة قضاء نابلس، الى العهد الكنعاني وتحتضن الكثير من المواقع الأثرية، بحسب نريمان خلة الباحثة في التاريخ والآثار.
وقالت خلة لـ "قدس برس": "حوارة هي بلدة فلسطينية تقع في المرج الطويل أو (سهل مَخنَا) على المنحدرات الشرقية لجبل جرزيم على طرفي طريق نابلس القدس".
وأضافت: "تعتبر حوارة من أقدم القرى في منطقة نابلس، جنوب تل بلاطة والمعروف باسم (شاكيم الكنعانية)".
وأوضحت أنها سميت حوارة أو (حورون) على اسم إله الزرع والرعيان الكنعاني (حالها كحال قريتَيْ بيت عور قضاء رام الله).
وقالت خلة: "كانت حوارة تشرب من عين البلد وبير قوزة وبير المسقاة، وتحدها: كفر قليل، عورتا، اودلا وبيتا الفوقا والتحتا، وعينبوس ولها خربة قوزة العامرة".
وأضافت: "أن من معالم حوارة الأثرية؛ مقام الشيخ بشارة وخربة الطيرة وبيت الخربة"، وتشتهر بالتجارة، وفيها متحف جميل للتراث الفلسطيني الريفي.
وأشارت خلة إلى أنه يعيش فيها عدة عائلات من أشهرها: عودة، الضميدي، وخموس.
يذكر أن مركزاً حقوقياً أحصى اليوم الاثنين، أكثر من 320 اعتداءً نفذها المستوطنون، منذ أمس، بحق فلسطينيين ضمن محافظة نابلس ومحيطها (شمال الضفة)، أوقعت شهيدا وعشرات الإصابات، وشملت إحراق بيوت ومنشآت ومزارع، وبلغت ذروتها في بلدة حوارة، جنوب المدينة.