مراقبون: الاغتيالات سياسة إسرائيلية فاشلة لن تعيد صناعة الردع المفقود
تمكّن جهازي الأمن الخارجي والداخلي التابعان للاحتلال الإسرائيلي "موساد" و"شاباك" من اغتيال العشرات من قادة المقاومة الفلسطينية، والمفكرين وصناع الرأي العام، خلال العقود الماضية، بطرق كثيرة منها المباشرة وغير المباشرة، إلا أن هذه السياسية برغم مقدرتها على تغييب قامات فلسطينية وازنة، إلا أنها لم تنجح في هدفها من الاغتيال، وهو إخماد جذوة المقاومة. بحسب كتاب ومحللين فلسطينيين.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن ما يخطط ويفكر فيه الاحتلال من تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة العمل الفلسطيني المسلح، ليس بعيداً عن أعين المقاومة.
وقال الصواف لـ "قدس برس" إن "المقاومة تتخذ تدابيرها الأمنية اللازمة للحيلولة دون تمكين الاحتلال من تنفيذ أي عملية اغتيال لقادتها سواء في الداخل او الخارج، وفق إمكانياتها وقدراتها" على حد تقديره.
وتابع "إن نجح الاحتلال في تنفيذ عملية اغتيال لن يكون رد المقاومة ردا تقليديا كما يظن، فالمقاومة تعد مفاجآت لهذا الاحتلال.. وهذه المفاجآت ستكون خارج الحسابات".
وقال إن "عملية الاغتيال قد تربك الفصيل المستهدف لساعات قليلة، ولكن سرعان ما يستفيق من حالة الإرباك إلى حالة الإعداد والتطوير بشكل أكبر مما كان عليه سابقا" على حد تعبيره.
ومن جهتها، قالت تمارا حداد الباحثة السياسية الفلسطينية في الشأن الإقليمي، إن الاغتيالات "إحدى سياسات الاحتلال التي لم تتوقف.. بالرغم أن هذه السياسة تعتبر من الجرائم ذات البعد العنصري وغير قانونية، تؤدي حرمان الإنسان من حياته حرمانا تعسفيا" على حد تعبيرها.
وشددت حداد في حديثها لـ "قدس برس" على أن "الإعلان عن العودة لسياسة الاغتيالات ليست بالأمر الغريب على الاحتلال عند نفاد الخطط الأخرى، والتي هدفها ردع المقاومة عن القيام بمهامها، إلا أن الواقع العملي والميداني أثبت فشل تلك السياسية، حيث أن لكل فعل ردة فعل، وكلما زاد العنف تسارع الرد المقاوم" على حد تقديرها.
وأكد أيمن الرفاتي، المختص في الشأن الإسرائيلي أن المتغيرات تدفع المستوى الأمني في دولة الاحتلال إلى العودة لسياسة الاغتيالات "لكن من النوع النظيف الذي لا يوجه فيه الاتهام المباشر بأن إسرائيل هي من تقف خلفه".
وقال الرفاتي لـ "قدس برس" إنه "بعد كل ضربة كبيرة تتعرض لها دولة الاحتلال، يلوّح قادتها والمستوى الأمني لديها بالعودة إلى سياسة الاغتيالات لقادة المقاومة، سواء داخل فلسطين المحتلة أو خارجها".
ورأى أن "المستويان العسكري والأمني الإسرائيليان يدركان جيداً أن العودة لسياسة الاغتيال لن تجدي نفعا ولن تعيد صناعة الردع المفقود، بل إن الحسابات معقدة اليوم والإقدام على عملية اغتيال ليس أمرا سهلاً، فمعضلة الثمن وطبيعة الرد وفرص تفجر مواجهة وتفاعل مختلف الجبهات مطروح على طاولة صانع القرار الإسرائيلي بقوة".
وأشار الرفاتي إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ضجّت مؤخراً بالحديث عن تسريبات من اجتماع المجلس الوزاري المصغر "كابينت"، الذي اتخذ فيه قرارا بالعودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة المقاومة، حتى لو على حساب التصعيد، في حين برز اسم يحيى السنوار قائد حركة حماس في غزة، وصالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة المقيم في الخارج.
وقال إن "حجم التحريض الكبير الذي يقوم به الاحتلال تجاه العاروري والسنوار ليس جديداً، وبرغم أنه يحمل لهجة تحريضية وتهديدات أكبر خلال هذه الفترة" وفق تقديره.
واعتبر الرفاتي على أن عمليات الاغتيال لم تعد بالأمر السهل بالنسبة إلى إسرائيل، إضافة إلى أن "اغتيال شخصيات وازنة في المقاومة داخل قطاع غزة أو خارجه بات يعد من الخطوط الحمراء التي رسمتها المقاومة بتضحياتها الكبيرة".
ورجح المختص في الشأن العبري ان الرد على هذه العمليات سيأخذ منحيين استراتيجيين في الصراع مع الاحتلال، الأول يتمثل بتغيير كبير قد يطرأ على فكرة العمل العسكري خارج فلسطين المحتلة، واستهداف مصالح العدو في مناطق مختلفة".
وأشار الى ان المنحى الثاني يتعلق برد فعل قيادة المقاومة "التي ربما لن تتردد في تكرار ما حدث خلال معركة (سيف القدس)، وهو ما يعني فتح مواجهة عسكرية جديدة على جبهة غزة، الأمر الذي تعدّه إسرائيل مكلفاً أكثر من عمليات الاغتيال ذاتها".
وكشفت وسائل إعلام عبرية، السبت الماضي، أن إسرائيل تنوي إعادة تفعيل سياسة الاغتيالات في الفترة المقبلة، حتى لو تطورت الأمور وذهبت باتجاه التصعيد.
ونقلت القناة /12/ العبرية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى إمكانية العودة لسياسة الاغتيالات في قطاع غزة، في حال تدهور الأوضاع الأمنية.