"سيف القدس".. معركة فاصلة بين زمنين

معركة وصفت بالحاسمة دارت رحى أحداثها في صيف عام 2021، وشكلت إضافة نوعية ورافعة مميزة للمقاومة ضدّ المحتلّ الإسرائيلي، حيث كانت في كل جزئياتها وتفاصيلها تطورا نوعيا في طبيعة الصراع مع الاحتلال…إنها معركة "سيف القدس".
المختص في الشأن الفلسطيني نجيب مفارجة، قال إن "معركة سيف القدس شكلت إضافة نوعية ورافعة مميزة للمقاومة ضدّ المحتلّ، وكانت في كل جزئياتها وتفاصيلها تطورا نوعيا في طبيعة الصراع".
وأضاف في حديث خاص لـ"قدس برس"، إن المعركة "تعدّت حتى الدائرة العربية في الصراع مع المحتل، فقد أعادت الصراع إلى أصله وردّته إلى أساسه وهو صراع إسلامي - إسرائيلي، خصوصا مع اطلاق تسمية "سيف القدس" قضية المسلمين الأولى والأهمّ والمجمع عليها بلا منازع".
أخذ زمام المبادرة
ولفت مفارجة إلى أنه "لأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو يكون للمقاومة اليد العليا ابتداءا وانتهاءا، فهي التي حددت الضربة الأولى زمانا ومكانا، وبعد أن أخذت وبقرار زمام المبادرة وقررت المواجهة بكل تفاصيلها، بنك الأهداف، عدد الصواريخ التي تطلق في كل مرة، إدخال مديات جديدة لدائرة الصراع، إخضاع دولة بكاملها وإجبارها على النزول للملاجئ، تحديد ساعات التجوال والشراء – وحتى النوم – للمحتل".
المقاومة والقدس: سيمفونية
وأشار مفارجة إلى أن "ضرب مدينة القدس وقصفها بالصواريخ منذ بداية معركة منفردة باسمها ولأجلها، إذ كان ذلك بقرار المقاومة وحركة "حماس" تحديدا، لتقول للعالم أجمع وفي مقدمتهم المحتل ومن يهرولون نحو التطبيع أن القدس خط أحمر، وأن ما كان قائما سابقا لن يكون على حاله مستقبلا".
ويعتبر أن الزمن بعد سيف القدس ليس كما قبله، وكل المحاولات لفرض وقائع على الأرض "التقسيم الزماني والمكاني" ستبوء بالفشل، فالحديث يجري عن صلب عقيدة المسلمين : آية من كتاب ربهم ووصية رسولهم وقبلة أجدادهم، فلا غرابة أن تكون التسمية "سيف القدس" .
وينوه مفارجة إلى أن "سيف القدس" لم تشكل انتصارا للقدس وحدها، إنما لأهلها الذين وضعتهم المقاومة أمانة في رقبتها، ليس منذ اليوم ، إنما منذ أربع سنوات في معركة البوابات الحديدة، حيث أكدت المقاومة مرارا وتكرارا، تحديدا في الذكرى الأولى للمعركة أن "سيف القدس ما زال مشرعا وسيبقى".
ويتابع، "الاحتلال سيواجه حربا دينية تحرق الأخضر واليابس حال أصر على ممارساته ونقل طبيعة الصراع إلى صراع ديني في القدس، في مقابل ذلك اعتبر أهالي القدس المقاومةَ – وفي مقدمتهم "حماس" – ملهم ثورتهم وبايعوها ورفعوا صور قادتها – الأحياء قبل الشهداء – فوق أسوار المسجد الأقصى في اصطفاف مطلق خلفها، مقابل معاداة مطلقة لأرباب التسوية".
توحيد الجغرافيا
ويرى مفارجة بأنه "لأول مرة في تاريخ الصراع تنجح المقاومة في توحيد الجغرافيا الفلسطينية بساحاتها الخمس، القدس والضفة وغزة وأراضي ال 48 والشتات، هذا التوحيد الذي ما كان ليتم لولا القرار الشجاع بـ"امتشاق سيف القدس"، التي تنتفي أمامها كل الجغرافيا والحدود والتقسيمات السياسية، حتما ندم المحتل أشد الندم وهو يرى ما عمله منذ سبعة عقود ينهار أمام ناظريه بضربة صاروخ وخطاب ملثم يعلن بداية مرحلة جديدة".
ويتوقع أن أكثر ما أزعج الاحتلال هو "أن يصبح عدوه اللدود "حماس" الحاكم الفعلي والمحرك الحقيقي لكل من يعتبرهم مواطني دولته بمواليهم للكيان ومعاديهم، وأن يتحول الشباب المقدسي والفلسطيني في الـ48 من شباب ضائع حائر إلى شباب وطني ثائر، ينتصر لدينه ومقدساته، معلنا فشل كل محاولات التطبيع و"التطويع" وطمس الهوية وصياغة فلسطيني جديد على مدى 70 عاما".
معركة الوعي وانتصار الرواية الفلسطينية
وبحسب مفارجة فإن معركة "سيف القدس" جعلت الاحتلال "يقر بانتصار الرواية الفلسطينية في معركة الوعي، بكل الجزئيات والتفاصيل، كعملية "الإعماء" التي استهدفت كاميرات الاحتلال على طول حدود قطاع غزة الشرقية، والطائرات المسيّرة التي حلّقت فوق العدو، بجنوده وآلياته، تصور مواقعه وتجهيزاته، دون استطاعته اسقاطها بل وحتى كشفها".
ويتوقع مفارجة بأن المعركة القادمة ستكون "معركة تحرير مع محور المقاومة لا مع المقاومة فحسب، ورأينا ارهاصات هذه المعركة في وحدة الساحات التي توحدت فيها جميع الساحات خدمة للقدس والدفاع عن المرابطين فيه".
وختم مفارجة بالقول "الثابت الوحيد أنّ المعركة شكّلت معركة فاصلة بين زمنين، ولذلك أسماها أهلها بروفا التحرير؛ وفق إعلان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الذي أبقى نهاية المعركة مفتوحة"، مؤكّدين على "امتشاق دائم لسيف القدس ، وحتى ذلك يبقون في مرحلة إعداد" ، ولربّما بدا ذلك واضحا من خلال شعار معركتهم : "حط السيف قبال السيف.. احنا رجال محمد ضيف".