تصريحات العالول حول حركة "فتح".. كيف يمكن قراءتها وما هي دلالاتها؟

رغم محاولة مكتب نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" (أكبر فصائل منظمة التحرير)، محمود العالول، التخفيف من حدة تصريحاته الأخيرة، بشأن مستقبل الحركة، والقول إنها "مجتزأة وأخرجت عن سياقها"، إلا أن محللين ومراقبين أكدوا أنه لم يتحدث من فراغ، بل من "واقع حقيقي تعيشه الحركة في ظل تراجع كبير في شعبيتها، وخسارتها لمواقع متقدمة في معظم الانتخابات التي جرت مؤخرا في النقابات المهنية والجامعات".

وأضافوا أن "العالول يعلم تماما الخلافات الحادة التي تعيشها الحركة، ورغبة العديد من قياداتها التاريخية الجلوس على مقعد الرئاسة، بعد غياب الرئيس الحالي محمود عباس".  

وكان العالول، وهو الرجل الثاني في "فتح"، وأحد المرشحين لخلافة عباس، التقى نهاية الأسبوع الماضي في مكتبه في مدينة رام الله (وسط الضفة) مع عدد من رؤساء المكاتب ومندوبي محطات التلفزة ووكالات الأنباء والصحف العربية والأجنبية العاملة في فلسطين.

ونسبت للعالول تصريحات إعلامية، حذر فيها من تراجع شعبية حركة "فتح"، نظرا لعدم وفائها بالوعود التي قدمتها للفلسطينيين، قائلا "استطيع أن أقر بتراجع حضور فتح بين الجماهير".

وأضاف "فتح تبنت خيارات السلام ووعدت الشعب بها ولم تتمكن من تحقيقها.. (هذا كان) سببا أساسيا في تراجع شعبيتها".

واستبعد العالول أن يكون هو من سيخلف الرئيس عباس، قائلا "سنبحث عن أحد من جيل الشباب".

وقال الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات، لـ"قدس برس" إن: "تصريحات العالول تعد استشعارا حقيقيا منه، وهو السياسي الفتحاوي المخضرم بخطر داهم يواجه فتح، فهو من القيادة التاريخية التي عاصرت الحركة منذ عقود وعبر محطات طويلة، وهو يدرك أنها تعرضت في كل محطة لهزات شديدة داخلية ومجتمعية وأثرت على قوتها ومستقبلها، كأكبر تنظيم سياسي على الساحة".

وتابع: "حديث العالول يأتي في سياق أن ما تتعرض له فتح وما تمر به في هذه الأيام، هو ربما يعبر عن مرحلة أخرى تمر بها الحركة". 

وأوضح بشارات، أن "كلمات العالول وإن كانت قليلة، لكنه يريد أن يرسل رسائل متعددة إلى قيادة الحركة ومؤسساتها وهيكليتها، أولا، بأن الأمر بات يشكل خطرا عليهم". 

ورسالة للأجيال الجديدة في فتح، أن "هناك خطرا يداهم الحركة كحركة تحرر وطني، من باب التحفيز للحرص أكثر على الحركة وتماسكها بعيدا عن المصالح الشخصية والضيقة".

وأشار بشارات إلى أن "فتح باتت تعاني اليوم من عينة انتمت إليها نظرا لما تقدمه من امتيازات، وهذا هو الإشكال الأكبر الذي بات يواجهها، فالحركة تحولت من تنظيم سياسي إلى حركة تقدم امتيازات للمنضمين لها وانصهرت في منظومة السلطة، وهذا سبب انقسامات كبيرة داخلها وأدى إلى تراجع قوتها".

ووفق المحلل السياسي بشارات، فإن "العالول يقرع الجرس، بأن الأمر حقيقي وليس مجرد تخويفات، فالحركة تعيش في مرحلة حساسة غير مسبوقة".

وفيما يخص خليفة عباس، فـ"العالول أراد أن يقطع الطريق على بعض التحالفات الداخلية، فأعين الجميع ترصد تراقب مرحلة ما بعد عباس ومن هو خليفته، وكأنه يقول بأن من يطمح بالقيادة يجب أن يخرج من رحم الحركة وعليه إجماع من مؤسساتها الشعبية قبل العليا"، وفق بشارات.

ويواصل بشارات قراءته لما صدر عن العالول، قائلا إن "تصريحاته واقعية، خاصة بعد خسارة فتح والشبيبة وهم الجيل الشاب في انتخابات الجامعات مؤخرا، وهو لا يريد منهم فقدان الأمل بالتغيير داخل الحركة، ويريد أن يعزز من دوره كشخص ناصح ويقوي علاقته بالجيل الجديد".

مصدر مقرب من حركة "فتح"، طلب عدم ذكر اسمه "نظرا لحساسية المرحلة" كما قال، أشار إلى أن "هذا الحديث وإن كان جديدا على العالول بهذه الطريقة، لكن كثيرا من قيادات فتح سبقته وحذرت من انقسام وتراجع بالحركة".

وتابع "الانتقاد ظاهرة إيجابية بأي حركة، خاصة إذا اُتبع بأمور عملية واجراءات ملموسة يشعر بها أبناء التنظيم، خاصة من القاعدة وليس فقط القيادات العليا".

وأضاف "كلامه (العالول) إشارة إلى فشل كبير، بل خطيئة المراهنة على إحداث أي اختراق سياسي، فقد كانت قيادة فتح والتي أصبحت لاحقا قيادة السلطة تروج أن اتفاق اوسلو، الخطوة الأولى لإقامة دولة بالحد الأدنى المقبول به، لكن ما جرى أن هذه المسيرة توقفت وتعثرت وفشلت".

وبشأن موضوع خلافة عباس، قال "أؤمن بأن تصريحات العالول، تؤكد وجود خطر حقيقي يواجه فتح، وهي تقطع الطريق على الطامعين بمكانة عباس، فالاحتلال استطاع أن يصنع هذه البهرجة الإعلامية ويجعلها قضية تشغل الجانب الفلسطيني".

وتابع: "الأفضل أن لا نتحدث بهذه القصة، لأن الآليات لما بعد عباس لن تكون بنظري بهذا التعقيد، ولن يكون هناك فراغ، بل السعي للوصول إلى حل معين لتجاوز الحالة". 

وختم بقوله: إن "تصريحات العالول بأن خليفة عباس من الجيل الشاب، دليل على أنه نأى بنفسه على ما يبدو عن هذا الملف، ويريد أن يقطع الطريق على غيره من الجيل القديم، لأنه فعلا لم يقدم شيئا".

والعالول (72 عامًا) من كبار القيادات الفلسطينية، ومن أهم المرشحين المتوقعين لخلافة الرئيس الحالي عباس (87 عامًا)، خاصة وأنه من المقربين منه، ويمكن أن يملأ الفراغ بشكل مؤقت.

وتعتبر تصريحات العالول، اعترافًا نادرًا من مسؤول كبير في حركة "فتح"، التي تمسك بزمام الأمور في الضفة الغربية، منذ توقيع السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، اتفاقية أوسلو للتسوية في العام 1993.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
ترامب: وقف إطلاق النار في غزة "وشيك"
يونيو 27, 2025
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة "بات قريبا"، مرجحا أن يتم إبرامه خلال الأسبوع المقبل. وأضاف ترامب خلال فعالية في البيت الأبيض احتفالا باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، أنه تحدث أخيرا مع عدد من الأطراف المعنية بالمفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في قطاع
فيدان: "إسرائيل" ليست قوية بما يكفي للقضاء على البرنامج النووي الإيراني
يونيو 27, 2025
قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الجمعة، إن التطورات الأخيرة في المنطقة لم تكن مفاجئة لأنقرة. وأضاف فيدان في تصريحات صحفية: "كنا نتوقع أن الحرب لن تظل محصورة في غزة، بل ستمتد إلى جغرافيا أوسع، وهو ما حدث بالفعل مع إيران". وأوضح أن ما قامت به إيران أخيرا يُعد "دفاعا مشروعا عن النفس"، لافتا إلى
"القسام" تعلن تفجير نفق مفخخ شرق خان يونس ومقتل ضابط "إسرائيلي"
يونيو 27, 2025
أعلنت كتائب "القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، الجمعة، تنفيذ عملية تفجير نفق مفخخ استهدفت قوة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بتاريخ 16 حزيران/يونيو الجاري. وذكرت الكتائب، في بيان مصوّر نشرته، أن العملية أسفرت عن مقتل نائب قائد كتيبة في جيش الاحتلال، وإصابة عشرة جنود بجروح متفاوتة. وأشار البيان
عنف المستوطنين يتواصل.. إطلاق نار وسرقة وتخريب في رام الله والخليل
يونيو 27, 2025
شهدت مناطق عدة في الضفة الغربية، الجمعة، سلسلة اعتداءات عنيفة نفذها مستوطنون "إسرائيليون" مسلحون بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، تخللتها أعمال ترويع وتخريب متعمد. ففي بلدة "شقبا" غرب رام الله، هاجم عدد من المستوطنين مجموعة من المواطنين أثناء تواجدهم في أراضيهم الزراعية شمال غرب البلدة. وقام المستوطنون بطرد أصحاب الأرض تحت تهديد السلاح، حيث أظهر مقطع
البرازيل.. مظاهرة حاشدة أمام القنصلية الأميركية في ساو باولو رفضا للعدوان على غزة
يونيو 27, 2025
شارك العشرات من النشطاء البرازيليين والمنظمات السياسية والنقابية، اليوم الجمعة، في تظاهرة جماهيرية أمام القنصلية الأمريكية في مدينة ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، احتجاجا على استمرار العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، والدعم الأميركي اللامحدود لحكومة الاحتلال. وجاءت التظاهرة بدعوة من قوى يسارية وحركات اجتماعية، بينها الحزب الشيوعي الثوري (P.C.O)، ومركز النقابات الشعبية  (CSP Conlutas)، ومجموعة
لازاريني: نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة تحوّل إلى "ساحة قتل"
يونيو 27, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الجمعة، إن نظام توزيع المساعدات الجديد في قطاع غزة، الذي بدأ تطبيقه قبل نحو شهر، أدى إلى "مقتل أكثر من 400 شخص من المدنيين الجوعى". وأضاف لازاريني في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن هذا النظام أصبح "ساحة قتل" بدلا