بعد سريان اتفاق التهدئة في غزة.. من الرابح؟ ومن الخاسر؟

إثر سريان اتفاق التهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة في غزة؛ برزت تساؤلات حول الرابح والخاسر في جولة التصعيد الأخيرة، وما إذا كان اتفاق التهدئة سيضمن تحقيق هدنة طويلة الأمد، أم أنه هش إلى درجة أنه لن يصمد طويلا، خصوصا مع استمرار انتهاكات الاحتلال في حق الأرض والإنسان والمقدسات.

وسرى اتفاق لوقف إطلاق النار في تمام الساعة الـ11.30 مساء أمس الأحد، ليسود الهدوء مناطق قطاع غزة والمدن والبلدات في الداخل الفلسطيني المحتل، بعد عدوان إسرائيلي استمر لثلاثة أيام، وأسفر عن استشهاد 44 فلسطينياً، وإصابة 360 آخرين.

وكانت مصر قد توصلت لتفاهمات بين حركة الجهاد الإسلامي و"إسرائيل"، ودعت إلى وقف إطلاق النار بشكل شامل ومتبادل، على أن تبذل القاهرة جهودها للإفراج عن الأسير خليل العواودة ونقله للعلاج، وتعمل على إطلاق سراح الأسير بسام السعدي في أقرب وقت ممكن.

لا ضمانات

ويرى الباحث في "مركز يبوس للدراسات" سليمان بشارات، أن "التجارب السابقة للوساطة المصرية، تدلل على أن الاتفاق الأخير لا يمثل ضمانات طويلة الأمد، كبقية الاتفاقات السابقة التي كانت لحظية، وأقرب للتعامل مع الحدث بموضع زماني محدد".

وأضاف لـ"قدس برس": "لكن الإشكال في الأمر؛ أن الوساطة المصرية هي نتاج دورها التاريخي في القضية الفلسطينية من جانب، وأنها الأكثر مقبولية لدى الاحتلال الإسرائيلي من جانب آخر".

وأوضح بشارات أن "إسرائيل" حاولت من خلال هذه المواجهة "ترميم ما فقدته في معركة سيف القدس، فقد تمكنت من استهداف شخصيات عسكرية من الصف الأول لسرايا القدس، وأعادت لنفسها مفهوم أنها صاحبة الضربة الأولى".

واستدرك أنه "لا يمكن قياس هذه النجاحات بالمستوى الشمولي؛ لأن باقي فصائل المقاومة، وفي مقدمتها حماس، لم تتدخل في هذه المواجهة بالشكل الظاهري، ما يعني أن المقاومة استخدمت إمكانات وإدارة محدودة، وبالتالي فإن (إسرائيل) تدرك أن نجاحها المزعوم مرحلي، وليس استراتيجياً، ولهذا السبب سعت لإنهاء الجولة والذهاب للتهدئة".

وأشار بشارات إلى أن "إسرائيل" بدأت التصعيد بالحديث عن استهداف لحركة الجهاد الإسلامي فقط، بمعنى أنها لم تكن معنيه بمواجهة شاملة مع أذرع المقاومة الفلسطينية، بهدف تسجيل نقاط محددة تعيد للاحتلال بعضا من مفهوم معادلة الردع".

وأوضح أن "حكومة الاحتلال هي الآن على المحك أمام جمهورها الداخلي، فلعنة معركة سيف القدس، وتقرير نتائج الحرب السابقة؛ يدفعانها باتجاه محاولة تغيير هذه الصورة، وهذا ربما جعلها تنأى عن تقديم ضمانات لتنفيذ بنود التهدئة".

المقاومة تفرض المعادلة

من جهته؛ أكد العقيد المتقاعد رفيق أبو هاني، سعي "إسرائيل" لاستعادة نظرية الردع التي فقدتها، لافتاً إلى أن المقاومة الفلسطينية "ترفض تماماً أن تعود (إسرائيل) لسياسة الاغتيالات، وأن تفعل في قطاع غزة ما تشاء، ليأتي الوسيط بعد ذلك بالتهدئة، لتعاود دولة الاحتلال الكرة من جديد".

وأضاف أبو هاني لـ"قدس برس" أن "العدو الصهيوني منذ البداية حدد أسبوعاً لعدوانه، لأنه يعلم أن كل يوم بعد الأسبوع هو بالنسبة لـ(إسرائيل) خسارة وضغط ميداني"، محذرا من أن "الأحداث يمكن أن تتطور بشكل واسع، وتتصاعد في حال لم يلتزم الاحتلال بالتهدئة".

وقال إن المقاومة استطاعت ترميم قوتها بعد معركة سيف القدس، مضيفاً أن "خطابات المقاومة وتحديها للكيان عبر أكثر من مشهد بعد معركة سيف القدس؛ يؤكد على جاهزيتها القتالية، وأنها قادرة على فرض معادلتها على  العدو".

وشن جيش الاحتلال أولى غاراته في عدوانه الجديد على قطاع غزة، الجمعة الماضي، ضمن عملية عسكرية أسماها "الفجر الصادق"، ضد أهداف قال إنها تتبع لحركة الجهاد الإسلامي.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
قراءة في المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة
يوليو 3, 2025
في خضم تسريبات متزايدة حول تفاصيل الورقة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، تتحدث تقارير إعلامية عن مقترح مختلف من حيث الشكل والمضمون، تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصيغة تحمل ملامح تحول سياسي لافت. هذه الورقة، التي يُروّج لها على أنها اتفاق متكامل يمتد لـ60 يومًا، تتضمن بنودًا غير مسبوقة، كوقف شامل لإطلاق النار،
مبادرة ترامب للتهدئة في غزة: مقترح "ملغوم" يفتقر للضمانات ويكرّس الواقع القائم
يوليو 2, 2025
أثار مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوماً، والذي يتضمن ترتيبات جزئية لتبادل الأسرى وتخفيف محدود للحصار، موجة من التحفظات لدى محللين فلسطينيين وعرب، رأوا فيه طرحاً غير متوازن يفتقر إلى الضمانات الحقيقية لوقف دائم للعدوان أو لتأمين الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة في القطاع. واعتُبر المقترح، الذي يأتي قبيل
خبراء يحذرون: الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية ينهار وديون الموظفين قنبلة موقوتة
يوليو 1, 2025
"الاقتصاد الفلسطيني يواجه كارثة مالية وديونًا متراكمة تهدد بالانهيار البنيوي" – بهذه العبارة الصادمة افتتح البنك الدولي تقريره الأخير الصادر في حزيران/يونيو 2025، ليدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الاقتصادية والمالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة. غير أن الأزمة لم تعد في خانة التحذير، بل تحوّلت إلى واقع يومي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية،
"طوفان الأقصى".. سيناريوهات متوقعة وغير متوقعة بعد 630 يوما
يونيو 29, 2025
تُذكّرنا الحروب الكبرى دومًا بما قاله وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت مكنمارا، في وثائقي "ضباب الحرب" إن للحروب نتائج مقصودة، وأخرى غير مقصودة قد تكون أكثر تأثيرًا وخطورة . وهذا يتقاطع ويتصادى اليوم مع ما أحدثه السابع من أكتوبر في حرب غزة. فمنذ صباح طوفان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح الشرق الأوسط يسير بتوقيت
لماذا دعا ترامب إلى إلغاء محاكمة نتنياهو؟
يونيو 28, 2025
في ظل حالة الارتباك التي يعيشها كيان الاحتلال الإسرائيلي بعد أشهر من العدوان على غزة، أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي طالب فيها بإلغاء محاكمة رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أو منحه عفوًا، جدلًا واسعًا واعتُبرت مؤشرًا جديدًا على تعمق الأزمة داخل الاحتلال الإسرائيلي. ورأى مراقبون أن هذه التصريحات جاءت في توقيت
سوريا…ورش تدريبية للشباب الفلسطيني تحت عنوان "القيادة والتأثير"
يونيو 28, 2025
في وقت تتكاثف فيه التحديات أمام الوعي الفلسطيني الجمعي، من حملات التطبيع والتزييف والسطو على الرواية الأصلية، أطلقت مبادرة "قناديل مقدسية" سلسلة من الورش التدريبية في سوريا، تحت عنوان "القيادة والتأثير للشباب"، بهدف تمكين الجيل الفلسطيني الشاب، وخاصة في الشتات، من أدوات التعبير الرقمي والتأثير المجتمعي. إيمان بالشباب… واستثمار في المستقبل في حديثه لـ"قدس برس"،