30 عاماً على "أوسلو".. لا مقدس سوى التنسيق الأمني

لم تشفع حالة الرفض الشعبي فلسطينيا وعربيا لتوقيع اتفاقية "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي عام 1993، من وضعٍ حدٍ له، وهو الاتفاق الذي تسبب في إدخال القضية الفلسطينية في أزمة وطنية، بحسب مراقبين تحدثوا لـ "قدس برس" في ذكرى توقيع الاتفاقية التي توافق 13 أيلول/سبتمبر.
وأكد عضو الأمانة العامة لـ "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج"، والقيادي السابق في حركة "فتح" ربحي حلوم أن "السلطة الفلسطينية لا تستطيع، أو لا تريد أن تتحلل من اتفاقية (أوسلو) التي كبّلت نفسها بها".
يشار إلى أن "السلطة الوطنية الفلسطينية" هي أحد أبرز مخرجات اتفاق "أوسلو".
وقال حلوم في حديث مع "قدس برس" في الذكرى الثلاثين لتوقيع الاتفاقية، إن "قيادة السلطة الفلسطينية ملتزمة تماماً بما نص عليه اتفاق أوسلو فيما يتعلق بدورها في حماية وتوفير الأمن للاحتلال، رغم الجرائم التي يرتكبها الإسرائيليون صباح مساء" بحسب قوله.
وأكد حلوم أنّ "سلطات الاحتلال معنية ببقاء السلطة الفلسطينية، وتقديم الدعم لها من أجل خدمتها ومنع انهيارها"، ولفت إلى أن "سلطة (محمود) عباس تستمد قوتها من الاحتلال نفسه، وهي تستقوي به، لارتكاب المزيد من الجرائم بحق المقاومة، والشعب الفلسطيني" وفق ما يرى.
وطالب عضو اللجنة المركزية السابق في حركة "فتح" الشعب الفلسطيني بـ "ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن نفسه، ودعوة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية".
وأضاف حلوم، وهو دبلوماسي فلسطيني أسبق، أنه "من خلال مسار أوسلو، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بحق الاحتلال في الوجود الشرعي والقانوني والرسمي، واعترفت من خلال الاتفاق ورسائل الضمانات المتبادلة بين (رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر) عرفات و(رئيس وزراء حكومة الاحتلال الأسبق إسحاق) رابين، بحق إسرائيل في الوجود، وتعهدت بحماية أمن الاحتلال وملاحقة واعتقال وتسليم كل من يهدد استقرارها".
غطاء سياسي وأمني للاحتلال
وقال الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حازم عياد إن "أوسلو فتحت الباب واسعاً للاستيطان بتوفيرها البيئة الأمنية والسياسية والاقتصادية المواتية لنموه ليبلغ عدد المستوطنين 726 ألفاً موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية مسيطرين بذلك على 40 بالمئة من مساحة الضفة الغربية بعد أن كان تعدادهم 150 ألف مستوطن، يقطنون 144 مستوطنة قبل اتفاق أوسلو في العام 1993".
وقال عياد في حديث مع "قدس برس" "الاتفاق وأن مات، إلا أنه مازال حياً بتوفيره الغطاء السياسي والأمني للاحتلال عبر التنسيق الأمني على الأرض، من خلال الاختراقات الإسرائيلية التطبيعية التي تتجاهل حل الدولتين، والحقوق الفلسطينية، والعربية في فلسطين في الآن ذاته".
وأضاف: "لا تزال أوسلو المرجعية التي يتم من خلالها قمع الشعب الفلسطيني تحت بند التنسيق الأمني والحل السلمي... فالاتفاق الذي مات من مدة غير قصيرة مازال يتحرك من خلال مشروع الجنرال (الأمريكي) كيث دايتون الأمني في العام 2007 بملاحقة المقاومين، وقمع الفلسطينيين والتضييق على حراكهم المشروع ضد الاحتلال".
السيطرة العسكرية على الضفة
من جانبه، قال المسؤول في حركة "حماس" بلبنان، رأفت مرة إن "اتفاق أوسلو سمح للاحتلال بإحكام سيطرته العسكرية على مناطق الضفة الغربية، وربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، واحكم سيطرة الاحتلال على الاستيراد والتصدير والجمارك والعمالة وتنقل المواطنين".
وقال مرة في حديث مع "قدس برس"، إنه "وعلى الرغم من مرور ثلاثين عاماً من كارثة أوسلو، فإن هذا الاتفاق وكل مراحله فشلت في إنهاء القضية الفلسطينية أو وقف المقاومة أو منع الانتفاضة" وفق تقديره.
معتبرا أن "الشعب الفلسطيني من خلال حكمته ووعيه وجهاده ومقاومته الحكيمة، وتضحياته، ما زال يرفض الاحتلال، ويتمسك بالتحرير الكامل والعودة الشامل، ولا تزال أجيال المقاومة التي ولدت بعد أوسلو تدمر بنيان الاحتلال، بينما الاحتلال يعاني أزمات وجودية، والسلطة الفلسطينية التي تنتقم من الشعب تعاني أزمات أكبر".
ولفت إلى أن "اتفاق أوسلو سكت عن الواقع الاستيطاني في الضفة الغربية، وسمح بتأجيل التفاوض عليه للمرحلة النهائية، واستوعبت السلطة الفلسطينية هذا التغول الاستيطاني في الضفة الغربية".
وأضاف أنه "بعد اتفاق أوسلو ارتفع عدد الدول التي تعترف بالاحتلال من 110 إلى 166، وارتفعت نسبة الدول التي تعترف بالكيان الصهيوني في الأمم المتحدة من 60 إلى 88 بالمئة".
وتعتبر اتفاقية "أوسلو" التي تم توقيعها في واشنطن بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 1993، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين دولة الاحتلال ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عرفات.
وشكل إعلان المبادئ والرسائل المتبادلة نقطة فارقة في شكل العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، واستمدت الاتفاقية اسمها من العاصمة النرويجية أوسلو، التي احتضنت منذ عام 1991 مباحثات سرية بين الطرفين أسفرت عن الاتفاقية.