محلل سياسي: قمة القاهرة "للسلام" فشلت قبل أن تبدأ

اختتمت قمة القاهرة "للسلام"، أمس السبت، والتي دعت إليها مصر في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي راح ضحيته آلاف الشهداء والجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء؛ لمناقشة ما اسمته "تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية" وفقا لوزير الخارجية المصري سامح شكري الذي حدد هدف الاجتماع بالسعي للتوصل إلى "إجماع دولي" لخفض التصعيد وايصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
الكاتب والمحلل السياسي ماهر عبد الرحيم تحدث لـ"قدس برس" حول انعقاد قمة القاهرة للسلام بمشاركة دول عربية وإسلامية وغربية، ورأى أن المؤتمر "خديعة سياسية لا علاقة لها بمجريات الأوضاع على الأرض في قطاع غزّة!". متسائلا عن "الحلّ الذي ينشده المؤتمر بحسب مُستضيفيه؛ هل هو العودة لخيار التسوية والمفاوضات، التي أثبتت الأحداث والسياقات فشلها الذريع منذ توقيع اتفاقية أوسلو (1993)، أم تكرار معزوفة حلّ الدولتين الذي لم يبق له من عناصر الحياة أي شيء؟!".
وأضاف عبد الرحيم بأن "المؤتمر المُشار إليه، لم يُفصح عن أهدافه مُسبقاً؛ مما أفقده الحضور الواسع والمؤثر، وحصاد الخطابات الجوفاء التي لم تُقدّم حلولاً للشعب الفلسطيني الذي يتعرّض للإبادة الجماعية على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني!، فلم يكن من الصعب على المراقبين السياسيين توقّع فشل هذا المؤتمر، وتعنّت الموقف الغربي بمن حضر منهم (إيطاليا-اليونان-قبرص)؛ في الإصرار على إدانة (حماس) بالاسم، وعدم إدانة الكيان الصهيونى، وبالتالي عدم المطالبة بوقف الحرب على المدنيين الفلسطينيين العُزّل!، وكنتيجة لكل ذلك؛ فقد عجزت رئاسة مؤتمر القاهرة للسلام إصدار بيان ختامي، واكتفت رئاسة الجمهورية بإصدار بيانها السياسي المقتضب".
وأشار عبد الرحيم بأن "قواعد الحياة التي تعلّمناها، بأنّ المُقدّمات هي التي تقود إلى النتائج؛ وعالم السياسة لا يخرج عن هذه القواعد!، مؤكدا أن التظاهرة السياسية الضعيفة في القاهرة لمواجهة العدوان الصهيوني على شعب غزّة؛ فشلت قبل أن تبدأ".
وشدد على أنه "طالما بقي القرار العربي الرسمي رهينة التبعية للغرب، وعجزه عن التعبير عن آراء ومصالح شعوبها، والتعامل مع القضية الفلسطينية بكثير من الشعارات وبقليل من الأفعال؛ فإنّ القادم أسوأ على صعيد قدرتها على الاستمرار في السلطة، بينما يمضي الشعب الفلسطيني بإمكانياته الذاتية، وتراكم قُدراته وخبراته، وصدق إرادته، وصموده فوق أرضه جولةً بعد جولة، وصولاً لمعركة التحرير، التي باتت على مقربةٍ من شعبنا وأمّتنا!".
وفيما يتعلق بالموقف المصري من رفض تهجير الفلسطينيين بغزة قال عبد الرحيم: إن "المراهنة على ثبات الموقف الرسمي المصري في رفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى شرق سيناء المصرية؛ يبقى رهاناً ضعيفاً، ما لم تحسم المؤسسة العسكرية المصرية (الطرف الأقوى في مكوّنات الدولة العميقة المصرية) قرارها بتشديد الرفض أو السماح باستقبال المُهجّرين -لبعض الوقت- شريطة إسقاط نصف مديونية مصر على الأقل!".
ونوه بأن "صمود الشعب الفلسطيني الأسطوري في قطاع غزّة فوق أرضه، ورفضه القطعي لأي تهجير جديد؛ هو الفارق الحقيقي في هذه الزاوية من المشهد الفلسطيني وما يخصّ مصر في هذه الآونة!
وتعقيبا على العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا وأوروبيا على قطاع غزة، أشار المحلل السياسي بأنه "لا يُمكن لعاقل أن يتوقّع مُخرجاً سياسياً فاعلاً على صعيد حرب الإبادة التي يشنّها جيش الاحتلال؛ في ظل ثلاث مُعطيات فارقة وهي الدعم اللامحدود من قبل المنظومة الغربية برئاسة الولايات المتحدة وبريطانيا، وتوفير الغطاء السياسي والدولي لآلة الحرب الصهيونية؛ لتفعل في قطاع غزّة ما تشاء (بحرفية اللفظ-كما جاء على لسان بايدن وغيره)، وعجز النظام العربي الرسمي عن استخدام أوراق الضغط التي يمتلكها، وتجيير علاقاته الوثيقة مع الولايات المتحدة (ومع الكتلة الغربية بشكل عام) لدفع البيت الأبيض للتدخل لإيقاف الحرب على غزّة؛ وهو ما لم يحصل!،وبالتالي إيصال رسالة غير مباشرة للاحتلال بالمضي قُدماً في إنهاء مهماته العسكرية ضد الفصائل الفلسطينية المُسلّحة (كما ذكر ذلك الرئيس المصري أمام المستشار الألماني)!.
وكان لقرار الأردن إلغاء القمة الرباعية (الأردن-مصر-السلطة-الولايات المتحدة) في عمّان الأربعاء الماضي (19 أكتوبر 2023)، في أعقاب مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة؛ الدافع للنظام المصري المُسارعة في توجيه الدعوة لمؤتمر القاهرة للسلام.
وشارك في قمة القاهرة "للسلام" أكثر من ثلاثين دولة بينهم قادة ورؤساء وزارات ووزراء خارجية ومسؤولون من قطر وتركيا واليونان وفلسطين والأردن والإمارات والبحرين والكويت والسعودية والعراق وروسيا وإيطاليا وقبرص وغيرهم.