ماذا تريد السلطة الفلسطينية من "نظام الحوكمة" الجديد.. وما علاقة الاحتلال؟

أصدر مجلس الوزراء في السلطة الفلسطينية نظامًا جديدًا للشركات غير الربحية يفرض فيه على المنظمات الأهلية المسجلة كشركات غير ربحية تصويب أوضاعها وفقا للنظام في غضون شهر.

تلت نشر النظام الجديد في صحيفة الوقائع الفلسطينية الرسمية، الأحد الماضي، حالة من الغضب العارم في أوساط منظمات المجتمع المدني في فلسطين، والتي ينضوي معظمها تحت وصف "الشركات غير الربحية" التي صدر بحقها القرار.

واعتبرت هذه المنظمات، التي في معظمها هي مؤسسات حقوقية، النظام الذي أُقرّ دون التشاور معها، ودون مراعاة طبيعة عملها، حلقة من حلقات التضييق لاستكمال حملة الاحتلال عليها، فيما يعرف باسم "مكافحة الإرهاب".

ولخطورة النظام، عقدت منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، أمس الأول، الثلاثاء، اجتماعًا موسعًا لها، شارك فيه ممثلون عن شبكة المنظمات الأهلية ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وعدد من المنظمات الأهلية المسجلة كشركات غير ربحية، لمناقشة التداعيات.

وأكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية، أمجد الشوا، أن المشاركين في الاجتماع "عبروا عن صدمتهم من إصدار هذا النظام دون عرضه للتشاور ودون مشاركة منظمات المجتمع المدني".

وأضاف الشوا لـ"قدس برس" أن هؤلاء "انتقدوا الإسراف في سَن السلطة الفلسطينية للتشريعات والقرارات بقانون، في غياب المجلس التشريعي، صاحب الاختصاص الأصيل بالعملية التشريعية".

وبيّن أن ذلك "يعكس التغول من قبل السلطة التنفيذية وإحكام سيطرتها على المجتمع الفلسطيني ومكوناته".

وقال الشوا: "جاء هذا النظام كأحدث حلقة من حلقات تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني، ومساعي الهيمنة عليه، وتدميره، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، ووضعه في دائرة الشبهة بتمويل الإرهاب والفساد المالي".

واعتبر أن ذلك "يتساوق مع ادعاءات الاحتلال الزائفة بربط المنظمات الأهلية الفلسطينية بالإرهاب، الأمر الذي فشلت (إسرائيل في تسويقه) وترويجه على المستوى الدولي، حتى لأقرب حلفائها".

وشدد الشوا على "الدور الهام والفاعل لمنظمات المجتمع المدني في خدمة قضايا الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده، وفي مواجهة انتهاكات الاحتلال"، مشيرًا إلى أن "نظام مجلس الوزراء المذكور من شأنه القضاء على الفلسفة من وجود مجتمع مدني".

وأكد أن المشاركين في الاجتماع "قرروا الشروع بحملة واسعة في مواجهة هذا النظام، والعمل على إلغائه، لأن استمرار العمل به سيكون له تأثيرات خطيرة نحو إلغاء وجود المجتمع المدني".

بدوره، رأى نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان (غير حكومي مقره غزة)، سمير زقوت، أن "الأصل أن تكون هناك حرية في تأسيس الجمعيات الحقوقية والمؤسسات الأهلية، والتي تعتبر أحد أهم الضمانات المهمة في هذا العهد".

وأشار زقوت لـ"قدس برس" إلى أن "دولة فلسطين انضمت للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية، ما يوجب عليها كدولة طرف في الاتفاقية الموافقة على حرية تأسيس المنظمات الأهلية".

وأضاف أن "تاريخ صدور النظام في رام الله (وسط الضفة) كان قبل 3 أيام من قرار جيش الاحتلال إغلاق سبع مؤسسات الفلسطينية (بتهمة الإرهاب)، وذلك يعني أنه أتى في أُتون المشكلة التي تواجه هذه المؤسسات".

تجدر الإشارة إلى أن قرار مجلس الوزراء المنشور في "الوقائع الفلسطينية" بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر الجاري، حول نظام الشركات غير الربحية، أقرّه المجلس في 15 آب/أغسطس الماضي، وفق الجريدة ذاتها.

وفي 18 من الشهر ذاته، أغلقت قوات الاحتلال سبع مؤسسات فلسطينية حقوقية (منظمات مجتمع مدني)، بعد مداهمة مقارها في محافظة رام الله والبيرة، ونهب محتوياتها، بتهمة "مكافحة الإرهاب".

وتابع زقوت: "هذا النظام لا يراعي طبيعة عمل المؤسسات من عدة زوايا لأنه حدد أن الموازنة والمصاريف التشغيلية لا يجب أن تتجاوز 25 في المائة من إجمالي موازنة المؤسسة".

وأشار الى أنه "من الصعب على مؤسسات حقوق الانسان الالتزام بهذا المعيار، لأن كل شغلها هو خدمة المجتمع فقط، دون أن يكون لها إنتاج على الأرض".

وشدد زقوت على أن "المجتمع المدني هو جزء من المجتمع الفلسطيني، رغم كل ما يثار حوله، وذلك من أجل تعزيز صمود المواطن في وجه المحتل حتى قبل وجود السلطة عام 1994".

واعتبر نائب مدير "الميزان" أن "النظام يسعى إلى تحويل مسجل الشركات لسلطة المندوب السامي، والذي يعطيه الحق وفق القانون بتصفيتها وإغلاقها دون ذكر السبب".

وأكد أن النظام الجديد "يطلب من المؤسسات تزويد السلطة بتقارير مالية وإدارية وتحليل دوري لنشاطها كل ثلاثة أشهر"، مشيرًا إلى أن هذا "إشغال للمؤسسة التي لا تضمن النتائج التي تعمل عليها، نظرًا للبيئة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار والتضييق".

وكشف الحقوقي الفلسطيني أن مؤسسات المجتمع المدني "بصدد رفع مذكرة لرئيس الوزراء، للمطالبة بإلغاء القانون أو تنظيمه، بعد المناقشة فيه، بما لا يخالف القانون وبما يحقق الهدف والغاية للمجتمع الفلسطيني من وجود هذه المؤسسات على الأرض".

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
لازاريني: "مؤسسة غزة الإنسانية" لا تقدم سوى التجويع والرصاص للفلسطينيين
يوليو 1, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن عشرات المنظمات الإنسانية دعت لإنهاء نشاط "مؤسسة غزة الإنسانية" كونها "لا تقدم سوى التجويع والرصاص" للمدنيين بالقطاع. وأوضح لازاريني، في تدوينة على منصة /إكس/ اليوم الثلاثاء، أن "أكثر من 130 منظمة إنسانية غير حكومية دعت إلى استعادة آلية تنسيق وتوزيع موحدة
"أحرار فتح" في لبنان: نرفض استبدال السفير أشرف دبور وسنواجه أي عبث سياسي يهدد استقرار الساحة
يوليو 1, 2025
قالت مجموعة تطلق على نفسها "أحرار حركة فتح في لبنان" إنها ترفض بشكل قاطع أي قرار يُتداول بشأن استبدال السفير الفلسطيني في لبنان، أشرف دبور، معتبرة أن هذه الخطوة – إن صحت – لا تخدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في الساحة الفلسطينية، وتفتح الباب أمام فراغ خطير في التمثيل الوطني. وأكدت المجموعة، في بيان تلقّته "قدس
"الإعلام الحكومي في غزة": وفاة شاب بسوء التغذية منعطف خطير بمسار كارثة التجويع
يوليو 1, 2025
اعتبر "المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة"، وفاة شاب فلسطيني نتيجة إصابته بسوء تغذية حاد "منعطفا خطيرا في مسار الكارثة الإنسانية بما يشير إلى بدء مرحلة أكثر قسوة"، جراء سياسة التجويع الإسرائيلية منذ آذار/مارس الماضي. وأمس الإثنين توفي الشاب أيوب أبو الحصين بمدينة خانيونس جنوب القطاع، متأثرا بإصابته بـ"سوء تغذية حاد" جراء التجويع الإسرائيلي بمنع دخول
إدارة ترامب توافق على صفقة أسلحة بقيمة 510 ملايين دولار لصالح دولة الاحتلال
يوليو 1, 2025
وافقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صفقة أسلحة لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 510 ملايين دولار. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها، إن الصفقة التي تمت الموافقة عليها تشمل أكثر من سبعة آلاف مجموعة توجيه للقنابل من نوع “ذخائر الهجوم المباشر المشترك” بنوعين مختلفين. وجاء في بيان الوزارة: “الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل،
صحة غزة: تسجيل 337 إصابة بمرض السحايا بينها 259 حالة فيروسية والأعداد في ارتفاع سريع
يوليو 1, 2025
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة تسجيل 337 إصابة بمرض السحايا، من بينها 259 حالة فيروسية، محذّرة من ارتفاع مقلق في عدد الإصابات اليومية في ظل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية في القطاع المحاصر. وأوضحت الوزارة أن هذا التفشي الخطير يأتي في وقت يعاني فيه القطاع من اكتظاظ شديد في مراكز الإيواء، ونقص حاد في المياه
أمن المقاومة: تمديد المهلة 24 ساعة لمعتدي مجمع ناصر.. ولا تهاون بعد ذلك
يونيو 30, 2025
أعلن أمن المقاومة في قطاع غزة، مساء الاثنين، عن تمديد المهلة الممنوحة للمجرمين المتورطين في الاعتداء على مجمع ناصر الطبي لمدة 24 ساعة إضافية فقط، "احتراما لجهود بعض الوجهاء، وبناء على طلب مباشر من وزارة الداخلية". وأكد أمن المقاومة في بيان، أن هذه الفرصة هي الأخيرة، وأنه لن يكون هناك أي تهاون بعد انقضاء المهلة