المستشفى الميداني الأردني في نابلس... الدوافع والأسباب

وصلت فجر الجمعة الماضية، عشرات الشاحنات الضخمة إلى مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، قادمة من الأردن، حاملة المعدّات اللازمة لإقامة مستشفى ميداني، بالتزامن مع إصدار القوات المسلحة الأردنية بياناً أعلنت فيه تنفيذ توجيهات العاهل الأردني عبد الله الثاني في هذا السياق.

وتضمنت التوجيهات الملكية الأردنية المذكورة، إقامة مستشفى ميداني عسكري لتقديم الخدمات الطبية للمرضى والمصابين في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدة استمرار العمل في المستشفى الميداني الأردني في غزة والمحطة الجراحية في جنين (شمال الضفة الغربية) والمحطة الجراحية في رام الله (وسط الضفة الغربية).

ومن المزمع أن يقدّم المستشفى الميداني العسكري الأردني خدماته إلى محافظات شمال الضفة الغربية كلها، وهو يضمّ فريقاً من 120 كادرا، من بينهم طاقم طبي يُقدَّر عدد أفراده بما بين 60 و70 طبيباً وممرضاً، منهم 18 طبيباً جراحاً في التخصصات المختلفة، إلى جانب إداريين ورجال أمن.

ويتألّف المستشفى الأردني من سبع قاطرات، تضمّ غرفتَي عمليات جراحية وغرفتَين للعناية المركّزة و15 سريراً لتغطية التدخّلات الجراحية الخاصة بالأشخاص المحوّلين إلى المستشفى، بالإضافة إلى مختبر وصيدلية وقسم أشعة وعيادة أسنان وغرفة تعقيم.

وسوف يُقام المستشفى الميداني العسكري على مساحة سبعة دونمات (الدونم ألف متر مربع)، في الجهة الغربية لحدائق "جمال عبد الناصر"، المتنزّه الترفيهي الأكبر في مدينة نابلس، بجوار مدرستَين تابعتَين لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومبنى تابع لبلدية نابلس.

وقد خُصّصت الطبقة الأرضية من مبنى البلدية لمبيت الطواقم الإدارية والطبية العاملة في المستشفى. ويفصل شارع واحد المستشفى الأردني عن ملعب كرة القدم الوحيد في نابلس، والذي قد يُستفاد منه ليكون مهبط طائرات في حال لزم الأمر.

وراح الناس يتناقلون روايات كثيرة حول المستشفى الأردني، وسط مخاوف من اجتياح عسكري إسرائيلي للضفة الغربية المحتلة شبيه بما جرى في عام 2002.

أمّا آخرون فيرون أنّه سوف يخصّص لاستقبال مصابين من قطاع غزة الذي يتعرّض لحرب إبادة على يد قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ولعلّ أكثر ما عزّز مخاوف الفلسطينيين في الضفة الغربية هو ما صدر عن رئيس بلدية نابلس سامي حجاوي الذي قال أمام الصحافيين في خلال الإشراف على تجهيز موقع المستشفى إنّه لا يعرف السبب الحقيقي لإقامة المستشفى، لكنّه يرى أنّ ذلك يهدف إلى دعم القطاع الصحي في فلسطين عموماً.

ولم تستبعد مصادر فلسطينية تحدث إليها مراسل "قدس برس" إمكانية استقبال هذا المستشفى جرحى من قطاع غزة، "فمع تكاثر أعدادهم سوف تتكفّل دول عدّة باستقبالهم مثل مصر وتركيا، وبالتأكيد الأردن"، وفي إطار "توزيع الضغط، يمكن إرسال مئات منهم إلى الضفة الغربية، ولا سيّما إلى المستشفى الميداني الأردني".

في هذا الإطار، قال القائم بأعمال محافظة نابلس غسان دغلس لـ"قدس برس" إنّ "الأمر يأتي في إطار الدعم الأردني الدائم للشعب الفلسطيني في مختلف المجالات"، مشيراً إلى أنّه سوف يكون لهذا المستشفى "دور كبير في تقديم الخدمات لأبناء الشعب الفلسطيني شمالي الضفة الغربية، وهي لا شكّ مناطق ساخنة منذ أعوام عدّة". أضاف أنّ ذلك لا علاقة له "بإعادة احتلال الضفة الغربية أو نابلس".

بدوره، أكد السفير الأردني في فلسطين عصام البدور، أمس السبت، أن إقامة المستشفى الميداني، جاء بناءً على توجيهات أردنية سامية مباشرة من الملك عبد الله الثاني، من خلال القوات المسلحة الأردنية في رسالة تضامن ودعم وإسناد للشعب الفلسطيني.

مشيراً إلى أن "هذه ليست المرة الأولى التي يأتي نشامى الجيش العربي إلى فلسطين؛ حيث إن هناك محطتين جراحيتين الأولى في رام الله تأسست عام 2000، والأخرى في جنين تأسست عام 2001، والتي كان عملها الأولى في نابلس، وبعد عدة أشهر نُقِلَت إلى جنين لخدمة ونصرة أهلنا في جنين في ظل ظروف استثنائية، وما زالوا هناك".

وأضاف السفير البدور أن المرحلة المقبلة ستكون لإسناد محطة جراحية في جنين تحديداً بالتنسيق مع الخدمات الطبية الملكية الأردنية والخدمات العسكرية الفلسطينية، مشدداً على الحق الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة الدولة المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني بما يشمل غزة والضفة الغربية والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

وكان الأردن قد أنشأ المستشفى الميداني العسكري بقطاع غزة، في كانون الثاني/يناير من عام 2009، في حيّ "تلّ الهوى" بمدينة غزة شمالي القطاع، بسعة 40 سريراً.

وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أعلن الجيش الأردني أنّ سبعة من كوادر هذا المستشفى في غزة جُرحوا عند مدخل قسم الطوارئ في خلال قصف إسرائيلي.

ويرى مراقبون أن الأردن يشعر بالقلق من تفاقم الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، وسط دعوات من مسؤولين إسرائيليين متطرّفين إلى تهجير سكانها إلى الأردن ليكون وطناً بديلاً، وهو ما رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، إلى الإعلان قبل أيام أنّ إقدام إسرائيل على تهجير سكان الضفة إلى الأردن هو "إعلان حرب".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
تحديث.. 18 شهيدا في قصف لجيش الاحتلال على مخيم طولكرم
أكتوبر 3, 2024
استشهد 18 فلسطينينا وأصيب آخرون، مساء الخميس، في غارة شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على منزل في مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وقال مراسل "قدس برس"، إن طائرة حربية تابعة لجيش الاحتلال قصفت منزلا في مخيم طولكرم، ما أسفر عن استشهاد 18 شخصا بينهم أطفال ونساء. وأضاف أن طواقم الإسعاف تواصل
سيناريوهات الرد الأميركي على الضربة الإيرانية لـ"إسرائيل"
أكتوبر 3, 2024
"نحن لا نعطي الإذن لإسرائيل بالانتقام من إيران بل نقدم لها المشورة"، هكذا صرح الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم، حول إمكانية الرد على الضربة الإيرانية للاحتلال مطلع الشهر الجاري. يعتقد الباحث والمحلل السياسي سليمان بشارات، أن الرد "سيكون إسرائيليا أميركيا لأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هما شريكان في هذه المحطة وفي هذه المرحلة من مرحلة
الأردن يعلن دعمه الكامل لغوتيريش في مواجهة حملات الحكومة "الإسرائيلية"
أكتوبر 3, 2024
قالت وزارة الخارجية الأردنية، الخميس، إن "الأردن يدعم بشكل كامل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مواجهة حملات الحكومة الإسرائيلية، التي تسيء له ولدوره الرئيس في تطبيق ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وحماية الأمن والسلم الدوليين". وشدد الوزارة على "ضرورة رفض المجتمع الدولي، الإساءة للأمين العام للأمم المتحدة، وإلزام إسرائيل احترام ميثاق الأمم المتحدة، وتطبيق
لازاريني: الحرب في غزة تستمر في كشف عجز مقلق
أكتوبر 3, 2024
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الخميس، إن "شكل استجابة المجتمع الدولي الإنسانية حتى الآن يطيل أمد الاحتلال الإسرائيلي، الذي قضت محكمة العدل الدولية بأنه غير قانوني". وأضاف لازاريني، في مقال نشرته مجلة /الإيكونوميست/، أن "المجتمع الدولي أصبح في خطر شديد من أن يصبح متواطئا في جرائم دولية
استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في مدينة الخليل
أكتوبر 3, 2024
استشهد شاب فلسطيني، مساء الخميس، عقب إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليلفي الضفة الغربية المحتلة.  وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن الشاب "صلاح زياد عيسى شواهين (23 عاما) استشهد بعد إصابته برصاص الاحتلال قرب الخليل". والشهيد الشواهين من بلدة يطا جنوب الخليل، ويسكن في منطقة "المطينة"، وهو متزوج منذ خمسة أشهر.
قيادي في "حماس": الأداء البطولي للمقاومة في لبنان يؤكد بأس المقاتلين في كل الجبهات
أكتوبر 3, 2024
قال مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن "الأداء البطولي لمجاهدي (المقاومة الإسلامية) في لبنان، يؤكد بأس وقوّة المقاتلين في كل جبهات المقاومة". وأضاف أن "الخسائر المتتالية للعدو الصهيوني تثبت أن الاحتلال أعجز من حسم المعركة على امتداد الجبهات".  وتابع "واثقون بمقاتلي المقاومة الإسلامية في لبنان وأنهم سيحقّقون نصراً تاريخياً جديداً يكسر عنجهية الاحتلال".