مراقبون ومحللون: المبادرة المصرية لوقف العدوان على غزة بلا ضمانات حقيقية
شكك الكاتب والمحلل السياسي، عريب الرنتاوي بجدوى المبادرة التي طرحتها مصر على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لديها، مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار.
وتساءل عن الضمانات التي من الممكن أن يقدمها المصريون للمقاومة الفلسطينية، والتي يجب على الاحتلال تنفيذها فيما يتعلق بنص المقترح المصري الذي يتحدث عن مراحل يُنْتَقَل إليها، وقُدِّمَت مؤخراً من قبل السلطات المصرية لوفد حركة "حماس" الذي زار القاهرة مؤخراً برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية.
وأضاف الرنتاوي في حوار مع "قدس برس" أن "المرحلة الأولى في المقترح المصري كما هو واضح، مطلب إسرائيلي بامتياز، عمره عدة أسابيع".
وقال إن "عبارات من نوع (تراجع الدبابات) في المرحلة الأولى أو انسحابها من مراكز المدن في مراحل لاحقة، لا تجيب عن سؤال انسحاب الجيش الإسرائيلي من كل قطاع غزة".
وتساءل أيضا "هل ننتهي إلى اقتراح قبول منطقة آمنة إسرائيلية داخل القطاع؟، حتى وإن على صورة أمر واقع أو ترتيب مؤقت، لأن كل مؤقت يصبح دائماً وحقاً مكتسباً في العرف الإسرائيلي" وفق قوله.
وحول المقترح المصري بأن تتولى هي وقطر والولايات المتحدة مسؤولية التنسيق لتشكيل حكومة غير فصائلية وسياسية (تكنوقراط) تتولى إدارة القطاع والضفة الغربية حال الإعلان عن وقف إطلاق النار بصورة كاملة، علق الرنتاوي قائلا إن تلك الحكومة مهمة "وحماس لا مانع لديها بقيامها، ولكن ما هي مرجعية التكنوقراط هؤلاء، السلطة الفلسطينية في رام الله؟، أين حماس والجهاد الإسلامي والفصائل التي دفعت ضريبة الدم من هذه المرجعية؟".
واعتبر الرنتاوي، أن المبادرة المصرية، تأتي في سياق "سباق مبادرات وتنافس وساطات"، متسائلا "هل ثمة رغبة مصرية في احتكار دور الوسيط، على حساب الدور القطري؟".
ودعا الرنتاوي لتوسيع نطاق الوساطة لتصبح من عدة دول عربية وإسلامية تضم مصر، والأردن، وقطر، والسعودية، وتركيا"، وقال "لا أشتم رائحة مريحة فيما يجري".
بدوره أشار الكاتب والباحث السياسي، ماجد أو دياك، إلى أن المبادرة المصرية "أتت بعد تلقي جيش الاحتلال ضربات موجعة في شمال غزة وجنوبها، وتصاعد المطالبات من أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى حماس بالإفراج عنهم".
وقال في حوار مع "قدس برس" إنه "من المؤسف أن تأتي المبادرة من طرف عربي يضع نفسه كوسيط بين المقاومة والاحتلال، وبعد ما رأيناه من تحكم للطرف الإسرائيلي في معبر عربي- عربي" في إشارة إلى معبر "رفح" بين مصر وغزة، والذي لم تتمكن مصر من فتحه بسبب ضغوط إسرائيلية.
وأضاف يقول "أما عن المبادرة نفسها، فهي رهنت وقف إطلاق النار بالطرف الإسرائيلي دون الحديث عن ضمانات عربية محددة، وبالاشتراك مع أميركا التي تستمر في إعطاء الغطاء للعدوان الإسرائيلي".
وتحدث عن تقسيم المبادرة المصرية إلى مراحل، وقال إن ذلك "يذكرنا باتفاق أوسلو (بين منظمة التحرير والاحتلال عام 1993) فهي (المبادرة المصرية) تتحدث عن مراحل، ولا تلزم الطرف الإسرائيلي بعدد معين لإطلاق سراحه من الأسرى مقابل عدد محدد من الإسرائيليين".
مشددا على أنه "لا يوجد أي ثقة بالطرف الإسرائيلي ولا بوعوده، فالمجرب لا يجرب أبدا، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين" على حد تعبيره. مشيرا بالصدد هذا إلى أن المبادرة المصرية لم تقدم أي ضمانات لانسحاب الاحتلال.
وتطرقت المبادرة المصرية، إلى تشكيل حكومة فنية فلسطينية "تكنوقراط"، وقال أبو دياك معلقا على هذا البند إن "الحديث عن حكومة تكنوقراط، فهذا شأن فلسطيني خالص لا دخل للاحتلال أو غيره فيه، ولا علاقة للمبادرة به".
واستبعد الكاتب والباحث السياسي، أن يكون لدولة قطر "دور حقيقي في المبادرة المصرية، ويبدو أنها تدخل في إطار المنافسة في الوساطة... وكان يجدر بالطرف المصري كونه ليس محايدا أن يصيغ هذه المبادرة بالتشاور مع الفلسطينيين لا مع الإسرائيليين، وهذا إن دل فإنما يدل على حجم الخذلان والتخاذل العربي" على حد تقديره.
وتوقع أبو دياك أن ترفض "حماس" المبادرة المصرية "فهي تصر (حماس) على صفقة شاملة مع انسحاب إسرائيلي وانتهاء العدوان، وإغاثة الشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار ما تهدم".
ووصل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية قبل أيام إلى القاهرة على رأس وفد من قيادات الحركة، لبحث وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى مع الاحتلال.
وشددت مصادر "حماس" و"الجهاد الإسلامي" على أن المقبول من جانبهما هو "صفقة تبادل واحدة على قاعدة الكل بالكل، إضافة إلى المباشرة فوراً بإعادة الإعمار".