"إسرائيل" تحاكم أمام أعلى هيئة قانونية أممية.. التفاصيل الكاملة؟

بدأت، اليوم الخميس، جلسة المحاكمة في محكمة العدل الدولية في لاهاي غربي هولندا، في إثر دعوى قدّمتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، إذ ستتعامل "تل أبيب" لمدة يومين مع دعوى، بصفتها متّهمةً بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، لأول مرة.

الدعوى التي قدّمتها دولة جنوب أفريقيا إلى المحكمة في 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي، تتهم الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، ويتألّف نص الدعوى من 84 صفحةً تحتوي عشرات الأدلة والبراهين على الجرائم المرتكبة.

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء 23 ألفا و357 شهيدا و59 ألفا و410 مصابين معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
 
ومع بداية المرافعة، قال الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، إن "أفعال إسرائيل في حرب غزة تشير إلى نية ارتكاب إبادة، وإن مئات من العائلات في غزة قتلت بالكامل ولم يبق منها أي فرد على قيد الحياة".
 
وأضاف الفريق القانوني أن "إسرائيل تتعمد خلق ظروف تحرم الفلسطينيين من المأوى والمياه النظيفة، كما أنها فرضت عن عمد ظروفا في غزة لعدم السماح بالعيش والتدمير الجسدي للفلسطينيين".
  • ما هي محكمة العدل الدولية؟ وكيف ستجري عملية المقاضاة؟

بدايةً، محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتسمى أيضاً المحكمة العالمية، هي أعلى هيئة قانونية في الأمم المتحدة، تأسست سنة 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول.

وتتخصص هذه المحكمة بتطبيق القانون الدولي، أي الاتفاقيات الدولية والأعراف، وفقاً للمادة 38 من نظامها، وهي تعالج النزاعات بين الدول وتأخذ قراراتها ضد الدول، وليس الأفراد، إذ تتولى المحكمة الجنائية الدولية مقاضاة الأفراد.

ومن بين الاتفاقيات الدولية المُبرمة "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، وهي أول اتفاقية تبرمها منظمة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إذ جرت الموافقة عليها بالإجماع من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 9 كانون الأول/ديسمبر 1948، أي قبل يوم واحد من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وبما أنّ جنوب أفريقيا كانت من بين الدول الموقّعة على هذه المعاهدة، وكذلك "إسرائيل"، فإنّ ذلك يمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص لبت النزاعات حول الاتفاقية، فجميع الموقعين على "اتفاقية الإبادة الجماعية" مُلزمون بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية ومنعها ومعاقبة الذين يرتكبونها.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الاتفاقية تُعرّف الإبادة الجماعية بأنّها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".

  • فحوى الدعوى

في قضيتها المكونة من 84 صفحة، ضمّنت جنوب أفريقيا أدلة على أنّ "إسرائيل" تقتل الفلسطينيين في غزة، وتتسبب بأضرار نفسية وجسدية شديدة، وتخلق ظروفاً معيشية "تهدف إلى الإبادة الجسدية لمن هم في القطاع".

وتشير القضية إلى "فشل إسرائيل في توفير الغذاء والماء والدواء والوقود والمأوى والمساعدات الإنسانية الأخرى لقطاع غزة في أثناء الحرب"، إضافة إلى شنّها حملة غارات متواصلة أجبرت نحو 1.9 مليون فلسطيني على إخلاء بيوتهم، وقتلت أكثر من 23 ألف شخص، وفقاً للسلطات الصحية في غزة.

وجاء في الملف أيضاً أن "جميع الأعمال تنسب إلى إسرائيل التي فشلت في منع الإبادة الجماعية، والتي ترتكبها في انتهاك صريح لاتفاقية الإبادة الجماعية".

وأضافت جنوب أفريقيا أنّ "إسرائيل" فشلت كذلك في الحدّ من التحريض على الإبادة الجماعية من جانب مسؤوليها في انتهاك للاتفاقية، طالبةً من المحكمة فرض تدابير طارئة لوقف هذ الانتهاكات الإسرائيلية.

  • الرد الإسرائيلي

سارعت "إسرائيل" إلى الإعلان عن موافقتها على المثول أمام محكمة العدل الدولية، مؤكّدةً أنّها "ستكون في المحكمة وستعرض قضيتها بموجب الدفاع عن النفس"، على حد زعمها، في وقتٍ يُعرف عن "إسرائيل" احتقارها المؤسسات الدولية وعدم اكتراثها بأنشطتها أو بقراراتها، ومنها القرارات العديدة المرتبطة بحل القضية الفلسطينية التي لم تلتزم بأي منها، وفق مراقبين.

وقد اختارت حكومة الاحتلال القاضي أهارون باراك لتمثيلها في المحكمة، عملاً بأحكام الاتفاقية، التي تقضي بانتداب قاضيَين إضافيَين لتمثيل طرفَي النزاع، ضمن هيئة المحكمة، إلى جانب القضاة الخمسة عشر، الذين يؤلّفون هيئة المحكمة الأصيلين.

في الواقع، لم يكن أمام "إسرائيل" سبيل آخر سوى المثول أمام هذه المحكمة، فالمادة التاسعة من "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" تنص على "عرض النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة على محكمة العدل الدولية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، وذلك لتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها أو تنفيذها".

هذا الأمر يعني أنّ محكمة العدل الدولية ملزمة قانوناً بالفصل في الدعوى المرفوعة أمامها من جنوب أفريقيا، وكلتاهما طرفان في الاتفاقية، سواء مثلت "إسرائيل" أمام المحكمة أو لم تمثل، فضلاً عن أنّ تغيّبها سوف يُفسّر على أنه تهرب ناجم عن الخوف من الإدانة.

  • ماذا سيجري في الجلسات؟

بحسب صحيفة "معاريف"، فإنّ الجلسات ستُعقد خلال يومي الخميس والجمعة، بحيث سيكون أمام جنوب أفريقيا و"إسرائيل" ساعتان في يومين منفصلين لعرض مواقفهما المؤيدة أو المعارضة لإجراءات الطوارئ، فيما لن تكون هناك شهادة شهود ولا استجواب مضاد.

وفي المقام الأول، سيكون العرض التقديمي عبارة عن حجج قانونية يقدمها موظفو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين.

وستتناول الجلسات في هذا الأسبوع فقط منح إجراءات طوارئ، فغالباً ما يوافق قضاة المحكمة الجنائية الدولية على مثل هذه الإجراءات التي تشمل عادةً مطالبة الطرف المتهم بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء يمكن أن يؤدي إلى تفاقم النزاع القانوني.

ويتوقع أن يصدر الحكم في هذا الشق المستعجل خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، تتراوح بين أسبوعين وشهرين أو ثلاثة على أكثر تقدير، وذلك قياساً إلى القضايا المشابهة المنظورة حالياً أمام المحكمة نفسها.

أحكام المحكمة الجنائية الدولية نهائية وغير قابلة للاستئناف، لكن ليس لديها وسيلة لفرضها، غير أنّ "الحكم ضد إسرائيل يمكن أن يلحق الضرر بسمعتها الدولية ويُشكّل سابقة قانونية"، وفق "معاريف".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"الأغذية العالمي" يحذر من انتقال المجاعة من شمال غزة إلى الجنوب
مايو 5, 2024
حذر "برنامج الأغذية العالمي" (تابع للأمم المتحدة)، الأحد، من مجاعة شاملة في شمال قطاع غزة، موضحا أن "الوضع يتأزم في الجنوب، وقد سقط أطفال قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية". وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن "هناك مجاعة شاملة في شمال قطاع غزة وإن الوضع المأساوي يتفشى ويتأزم في الجنوب". ودعت ماكين، إلى
الاحتلال يمنع المفوض العام لـ"أونروا" من دخول غزة للمرة الثانية منذ بدء العدوان
مايو 5, 2024
منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، من دخول قطاع غزة، للمرة الثانية منذ بدء العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2023. وقال لازاريني في تغريدة له على منصة "إكس": "في هذا الأسبوع، رفضوا للمرة الثانية دخولي إلى غزة، حيث كنت أعتزم أن أكون
ملكة الأردن: غزة مثال عن انهيار المعايير الدولية وعودة "البقاء للأقوى"
مايو 5, 2024
أكدت ملكة الأردن رانيا العبد الله، أن "فشل العالم بوقف الفظائع الإسرائيلية في غزة يشكل سابقة خطيرة للغاية لبقية العالم". وقالت العبد الله خلال مقابلة تلفزيونية بثت الأحد: "لقد حان الوقت أن يستخدم المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة نفوذه السياسي لإجبار إسرائيل على إنهاء الحرب والسماح بدخول المساعدات". ونبهت إلى أن "تصرفات إسرائيل ليست
الهيئة العالمية لـ"نصرة فلسطين والأمة" تطلق حملة "لن نترك غزة وحدها"
مايو 5, 2024
أطلقت "الهيئة العالمية لنصرة فلسطين والأمة"، حملة دولية تحت شعار "لن نترك غزة وحدها"، تضامنا مع أهالي قطاع غزة "ورفضا لحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من سبعة أشهر". وقالت الهيئة في بيان لها، إنه "يشارك في هذه الحملة العديد من المفكرين والسياسيين والعلماء والناشطين من أكثر من ثلاثين دولة حول العالم". وأشار مسؤول
ارتفاع عدد جنود الاحتلال المصابين جراء قصف "كرم أبو سالم" إلى 14
مايو 5, 2024
ارتفع عدد جنود الاحتلال المصابين جراء قصف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة موقع "كرم أبو سالم" في غلاف غزة الجنوبي إلى 14 مصابا. حيث أعلنت وسائل إعلام عبرية إصابة 14 جنديا وصفت جراح عدد منهم بالخطرة، إثر سقوط قذائف صاروخية في موقع "كرم أبو سالم". وقالت القناة /12/ الإسرائيلية إن "طواقم الإسعاف نقلت 14 جرحى
مدير "CIA" يتوجه لقطر للقاء رئيس وزرائها بشأن محادثات الوساطة
مايو 5, 2024
ذكرت وكالة /رويترز/ الأميركية، الأحد، أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، وليام بيرنز، توجه إلى العاصمة القطرية الدوحة، لعقد اجتماع طارئ مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ونقلت الوكالة عن مسؤول مطلع على محادثات الوساطة بشأن الحرب على غزة، أن "مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، في طريقه إلى الدوحة، لعقد