تقرير: "القنوت"... أياد متوضئة وقلوب نقية في مساجد الضفة لا تنفك عن الدعاء لغزة

لا يفوت الشيخ حذيفة نور الدين الفرصة قبل السجود الأخير من كل صلاة يؤمها، أن يرفع يديه ويدعو لغزة وأهلها بأن يتقبل الله شهدائهم، ويشفي جراحهم ويلم شمل العائلات، ويؤمن المصلون من خلفه، وهو ما يعتبره "أضعف الايمان"، وأقل ما يمكن تقديمه لهم في وجه آلة القتل الإسرائيلية التي لا تتوقف.
يقول لـ"قدس برس": "ليتنا نستطيع أن نقدم أكثر من هذا. لكننا نؤمن أن الدعاء سلاح قوي، لا يجب أن نستهين به. أرواحنا ترخص لغزة، وأموالنا وأولادنا، لكننا نستغل كل صلاة في بيوت الله لندعو لهم بالثبات والصمود".
ويوضح الشيخ أن الناس اعتادت أن يكون هناك دعاء "القنوت" في صلاة الوتر مثلا، أو الفجر، "لكن نحن ندعو في كل صلاة سرية وجهرية، ومرة أخرى، هذا واجبهم علينا أن نقف معهم بكل جوارحنا ونرفع أكف الضراعة لله وهو القادر على كل شيء، أن يصبّر أهل غزة على مصابهم الجلل، وأن يقويهم ويثبتهم أمام العدو الوحشي الذي لا يرحم".
ينوع الشيخ نور الدين في أدعيته لغزة، فمرة يخص الشهداء وذويهم، ومرة يدعو للمصابين والجرحى، وثالثة للمنكوبين والنازحين، ورابعة للأسرى والأسيرات. يقول "الهمّ واحد في كل فلسطين، في غزة والضفة لأن العدو واحد، لكن ما يجري اليوم في القطاع غير مسبوق على مستوى العالم".
الدعاء للمقاومة
"اللهم صوب رأي المجاهدين وسدد رميهم وأعمي الأبصار عنهم"، هذا الدعاء هو ما يردده الشيخ محفوظ عَلمي في قنوته الجهري، خلال إمامته للمصلين في أحد مساجد مدينة رام الله. يقول "الدعاء مخ العبادة، ونحن مطالبون به في هذه الأيام العصيبة، لذلك أخصص جل دعائي خلال إمامتي للمقاومين والمجاهدين الذين يخوضون معارك العز والكرامة أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يملك أسلحة متطورة جدا، مقارنة بما تملكه المقاومة الفلسطينية، ولكن بفضل الله ثم بفضل جهود المخلصين باتت المقاومة ندا لا يستهان به، بل وتوقع الخسائر الكبيرة في صفوف الأعداء".
ويضيف لـ "قدس برس": "صحيح أننا بعيدون عنهم جغرافيا، لكننا نعيش مع أهلنا في غزة وجعهم ومصابهم، ونتابع كل كبيرة وصغيرة تخصهم. وكذلك نحن نتلقى بكل فرحة وغبطة الأخبار القادمة من ساحات الوغى، حيث تسطر مقاومتنا أروع بطولات الجهاد والانتصار. ومن هنا ندعو لهم في كل صلاة أن يصوب الله رأيهم ويجعلهم قادرين على اتخاذ القرارات الصحيحة، وأن يسدد رميهم ويجعل صواريخهم وابلا على الاحتلال ودباباته".
قلوبنا وعقولنا مع غزة
تقول الداعية أم مؤمن، التي تنشر دوما على صفحتها على "فيسبوك"، دعوات للمشاركة في "قيام الليل" في مساجد بلدتها، وتنشط في استقبال النسوة وتهيئة المسجد للقيام والدعاء: "نحن النساء في الضفة الغربية نشارك في هذه المعركة الايمانية، لذلك ننظم بشكل مستمر جلسات ايمانية نقضيها بأداء صلوات قيام الليل، وفي الثلث الأخير منه نرفع أيدينا بالدعاء بأن ينتهي هذا العدوان بنصر مؤزر لنا على الاحتلال".
وتضيف لـ"قدس برس": "من يعتقد أن الهمة تراجعت فهو مخطئ تماما. فأعداد المشاركات بعد أكثر من 120 يوما من العدوان على غزة أكثر ممن كنّ يشاركن في أول فترة من فترات العدوان. وهذا دليل على أن الناس لم يعتادوا على رؤية مشاهد القتل والدمار، بل يعيشون مع غزة بكل جوارحهم، وكلما زاد العدوان من وحشيته، كانت الأرواح هنا تتجند أكثر في الدعاء والابتهال لله أن يثبتهم وينصرهم".