30 عاماً على الإبعاد إلى "مرج الزهور".. كيف خرجت "حماس" منتصرة؟

لم يكن يوم 17 كانون أول/ديسمبر 1992، يومًا عاديًا في تاريخ الشعب الفلسطيني، وذلك بإقدام سلطات الاحتلال على إبعاد 415 قياديًا بارزًا في حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي، إلى بلدة مرج الزهور، جنوب لبنان.
وجاءت عملية الإبعاد الجماعي، إثر أسر “كتائب القسام”، الذراع العسكري لحركة المقامة الإسلامية “حماس” الضابط الإسرائيلي نسيم طوليدانو، ومطالبتها بإطلاق سراح زعيم ومؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين.
وقال الباحث في الشأن الفلسطيني، أسامة سعد، إن "الاحتلال سعى من خلال عملية الإبعاد إلى القضاء على حركة حماس، وخصوصًا أن عدداً كبيراً من قياداتها وكوادرها كانت رهن الاعتقال".
وأضاف لـ”قدس برس” أن "محاولات الاحتلال خابت، وتمكنت الحركة عبر قياداتها الشبابية من اجتياز المرحلة بكل كفاءة".
ولفت سعد إلى أن “حماس حولت عملية الإبعاد إلى أكبر مهرجان إعلامي لها، حيث رصدتها مختلف وسائل الإعلام العالمية، التي أجرت مقابلات مع قيادة الحركة على مدار أكثر من عام؛ ما نقلها من المحلية إلى العالمية”.
ورأى أن "عملية الإبعاد، أهّلت قيادة حماس المبعدة، للإطلاع على كثير من الخبرات، وذلك من خلال الالتقاء بكافة الشرائح التنظيمية والفعاليات الرسمية والشعبية في الخارج، حيث حول مخيم الإبعاد بمرج الزهور إلى مزار لكل الأحرار في العالم".
وتابع أن “الإبعاد ساهم في رفع الروح المعنوية لدى الشعب الفلسطيني، بشكل كبير، على عكس ما كان يخطط له الاحتلال، وتمثل ذلك في التضامن الشعبي والرسمي العربي مع قضية المبعدين والمعتقلين”.
وأكد “بروز قيادة شبابية واعدة، قادت حركة حماس فيما بعد، عبر اكتسابها الخبرة من صعوبة العمل في ظل الاحتلال، وغياب القيادات التاريخية”.
واعتبر الباحث أن "عملية الإبعاد مهدت الطريق لحماس، أن تتولى قيادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، من خلال مشروع المقاومة الذي تبنته، ودفعت لأجله ثمناً كبيراً”.
إغلاق ملف الإبعاد
ومن جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، إياد حمدان، إن “حماس نجحت في إغلاق ملف الإبعاد إلى خارج فلسطين، حينما تمترس قادتها برفقة قيادات من حركة الجهاد الإسلامي، في مخيم مرج الزهور، ورفضوا مغادرته إلا إلى فلسطين”.
وأضاف حمدان لـ”قدس برس” أن “قرار الإبعاد أظهر مدى إجرام حكومة الاحتلال في التعامل مع الانتفاضة، التي كانت في أوجها، وسعيها بكل الطرق للقضاء عليها”.
ولفت إلى أن "توقيت عملية الإبعاد كان صعباً، من حيث شدة البرودة في مخيم مرج الزهور، حيث كانت تصل درجة الحرارة إلى الصفر أحيانًا".
وبين أن "الاحتلال تعمد ذلك، بهدف دفع المبعدين إلى القبول بأي عرض، ومغادرة المكان إنقاذاً لحياتهم”.
وتابع أنه “بعد مرور شهر على صمود المبعدين وثباتهم في مخيم مرج الزهور، وتنظيم أمورهم الحياتية والمعيشية، وتوزيع الأدوار، وتعيين ناطق رسمي باسمهم، وتشكيل لجان؛ أدرك الاحتلال أن هؤلاء القادة لن يغادروا المخيم إلا إلى الأرض التي أُخرجوا منها، وبالفعل كان لهم ما أرادوا”.
وأكد حمدان أن “الإبعاد أظهر قوة التنظيم الهرمي العنقودي لحركة حماس"، مشيرًا إلى أن “هذه الفترة شهدت أكثر العمليات الفدائية قوة للحركة، والتي تمثلت في حرب العصابات التي قادها الشهيد عماد عقل ورفاقه آنذاك”.
وأوضح أن “عملية الإبعاد كانت فرصة لالتقاء قادة حماس في الضفة وغزة لأول مرة، والعيش سوياً في مكان واحد، ورفع مستوى التنسيق والانسجام بينهم”.
ودعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اليوم السبت، إلى وحدة الشعب الفلسطيني، والتمسك بالمقاومة سبيلاً للتحرير والعودة، في الذكرى الثلاثين للإبعاد إلى مرج الزهور (جنوب لبنان).
وقالت “حماس”، في بيان صحفي، تلقته “قدس برس”، إن “الاحتلال الصهيوني أقدم على تنفيذ أكبر عملية إبعاد جماعي، استهدفت 415 من خيرة أبناء وقادة شعبنا من الضفة الغربية وقطاع غزَّة، إلى مرج الزهور بالجنوب اللبناني، في مثل هذا اليوم من عام 1992”.
وشددت على أن “إبعاد تلك الثلة من أبناء شعبنا وقادته إلى مرج الزهور، محطة من محطات الانتصار على العدو الصهيوني، ونموذج من نماذج الوحدة الوطنية في مشروع المقاومة، رسم بكل إصرار معالم انتزاع الحرية والعودة”.
وبينت أن “جماهير شعبنا التفّت حول الانتفاضة والمقاومة، واستطاع مبعدو مرج الزهور بثباتهم وصمودهم رغم الأوضاع القاسية، تعزيز حضور القضية الفلسطينية أمام الرَّأي العام العربي والإسلامي والدولي، وأحبطوا محاولات الاحتلال لإخماد ثورة شعبنا المتجدّدة، والمتأصلة جذوتها حتى تحقيق تطلعاته في التحرير والعودة”.
وأكدت أنَّ “سياسة الاحتلال الصهيوني في القتل والإبعاد والتهجير، لن تُرهب شعبنا، ولن تكسر إرادته وصموده، وسيواصل مقاومته الشاملة في كل ساحات الوطن، دفاعاً عن أرضه وقدسه وأقصاه حتى انتزاع حقوقه وتحرير أرضه وتقرير مصيره”.