كيف دمر الاحتلال القطاع المصرفي في غزة.. القصة الكاملة؟

سعت دولة الاحتلال منذ شن حربها على غزة في 7 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، لإحداث تدمير ممنهج لجوانب الحياة في القطاع، لاسيما الحياة المعيشية وتلك المتعلقة بدورة النشاط الاقتصادي والمالي، آملا أن يساهم ذلك في زيادة الضغط على الشارع في محاولة لكسر إرادته بسلاح التجويع.

إحدى أشكال هذه الأدوات، تسبب الاحتلال في خلق أزمة السيولة النقدية، التي أجبرت الكثير من المواطنين على خسارة جزء كبير من إدخاراتهم، بعد أن عجزوا عن سحب أرصدتهم المالية من البنوك، بسبب تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي للقطاع المصرفي والمالي في غزة.

تدمير قطاع البنوك

تشير بيانات سلطة النقد في رام الله (وسط الضفة الغربية)، أن عدد البنوك العاملة في قطاع المصارف الفلسطيني، بلغ 13 مصرفا محليا وأجنبيا، بواقع 7 بنوك محلية و5 بنوك أردنية إلى جانب بنك مصري وحيد، أما في غزة فيزيد هذا العدد عن 15 بنكا، بوجود بنكين هما الإنتاج والوطني ترفض "سلطة النقد" الاعتراف بهما، ولكنهما يعملان وكيلان لحكومة غزة.

وفي ذروة الحرب الإسرائيلية على القطاع، سعت دولة الاحتلال لتعطيل القطاع المصرفي في غزة، عبر تدميره وإخراجه عن الخدمة.

يشير مصدر في جمعية البنوك الفلسطينية في حديث لـ"قدس برس" أن "قطاع غزة كان يضم 56 فرعا من البنوك تنتشر في محافظاته الخمس، إلا أن المتبقي هي 5 فروع كلها تعمل في مدينة رفح".

وأضاف المصدر "ومن أصل 91 صرافا آليا (ATM) كان يخدم سكان القطاع بقي في الخدمة حاليا 7 صرفات فقط".

وكشف المتحدث في حديثه الخاص لـ"قدس برس" أن "الاحتلال رفض كل المطالب التي تقدمنا بها لإدخال السيولة النقدية للقطاع لتغذية الصرفات بالسيولة المطلوبة سواء عبره أو عبر البنوك العاملة بالضفة الغربية، ولكنه رفض هذه المطالب".

وتابع "بالنظر لحجم الودائع في غزة الذي لا يتجاوز المليار دولار، فإن حجم الطلب على الودائع تضاعف 5 مرات عما كان عليه قبل الحرب، وهذا ما خلق أزمة في توفر عملة الشيكل الإسرائيلي كونها الأكثر استهلاكا وتأتي بعدها كل من الدولار الأمريكي والدينار الأردني".

ملاحقة الصرافين

كما سعى الاحتلال ضمن سياسة تجفيف مصادر التمويل الداعمة للمقاومة، لملاحقة الصرافين في القطاع، عبر التضييق المستمر على أعمالهم وصولا لاغتيالهم جسديا، كما حدث مع العشرات من الصرافين الذين تلقوا اتصالات وتحذيرات من المخابرات الإسرائيلية من الاستمرار العمل في مكاتبهم، أو تقديم أي نوع من الخدمات تتعلق بإسناد المقاومة.

يشير أحد المدراء التنفيذيون العاملون في مكاتب الصرافة والحوالات المالية، تحفظ عن الكشف هويته، خشية الملاحقة الأمنية، أن المخابرات الإسرائيلية ألزمت قطاع الصرافة بغزة بمنع صرف أي حوالات مالية تأتي من دول بعينها وهي لبنان وقطر واليمن والجزائر وإيران وتركيا، دون الرجوع للمخابرات الإسرائيلية لمعرفة المستفيد من هذه الحوالة.

وأضاف المتحدث في حديث لـ"قدس برس" كما "تم توجيه تحذيرات من أن أي محاولة للتلاعب أو التحايل على هذه المحددات فإن مكتب الصرافة يعرض نفسه لخطر الملاحقة والاستهداف، وهذا ما تكرر مع أكثر من مكتب للصرافة.

أبعاد هذه الأزمة

خلقت أزمة السيولة المتفاقمة في غزة واقعا مأساويا دفعت بالكثيرين من أهالي القطاع لخسارة جزء كبير من إدخاراتهم، جراء عدم قدرتهم على سحب أرصدتهم من البنوك، وتحمل تكاليف مرتفعة لسحب جزء من أرصدتهم بعمولات تتجاوز الـ 20%.

وتتم هذه العملية من خلال توجه المواطنين تحت ضغط الحاجة، لسماسرة وتجار تتوفر لديهم سيولة نقدية على هيئة "كاش" يقومون بسحب أرصدتهم أو رواتبهم من البنوك أو جزء منها مقابل عمولة مرتفعة.

وقد حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الجمعة 3 من مايو/ أيار 2024، من مشكلة عدم توفر السيولة بعد انعدام وشح مصادر النقد في القطاع لأن استمرارها ينذر بكارثة اقتصادية ومالية كبيرة، مطالبة في الوقت ذاته سلطة النقد الفلسطينية بإعادة تفعيل البنوك قدر المستطاع.

وجراء هذه الأزمة حرمت شريحة واسعة من المستفيدين من تلقي مخصصاتهم، منهم فئات الموظفين ومنتفعي الشؤون الاجتماعية، وأسر الشهداء والجرحى والأسرى، وأصحاب التحويلات المالية ممن لهم أقارب في الخارج، لم يتمكنوا من صرفها.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الصليب الأحمر: قلق عميق من تصاعد العدوان "الإسرائيلي" في غزة
يوليو 1, 2025
أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، عن قلقها البالغ إزاء تصعيد العمليات العسكرية لجيش الاحتلال "الإسرائيلي" في مناطق مختلفة من قطاع غزة، في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية وعجز المستشفيات القليلة المتبقية عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى. وقالت اللجنة في بيان إنّها تشعر بـ"قلق عميق من تصاعد الأعمال العدائية في مدينة غزة ومخيم
"الحوثيون" يعلنون تنفيذ عملية بصاروخ فرط صوتي على مطار اللد
يوليو 1, 2025
أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون)، يحيى سريع، الثلاثاء، أن القوة الصاروخية للجماعة نفّذت عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللّد في مدينة يافا المحتلة، مستخدمة صاروخا باليستيا فرط صوتي من طراز "فلسطين 2". وأوضح سريع أن الهجوم حقق هدفه بدقة، وأنه أدى إلى توقف حركة المطار وهروب واسع للمدنيين نحو الملاجئ. وأشار
169 منظمة تطالب بوقف آلية توزيع المساعدات "الإسرائيلية" في غزة
يوليو 1, 2025
طالبت 169 منظمة إغاثية دولية بوقف فوري لآلية توزيع المساعدات الإنسانية التي تقودها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة "إسرائيلية" - أميركية مثيرة للجدل، تتولى منذ أواخر أيار/مايو الماضي إدارة توزيع الإغاثة في قطاع غزة، بدلا من الوكالات الأممية والدولية المعتادة. وفي بيان مشترك، دعت المنظمات إلى العودة للعمل بآلية التوزيع التي كانت تديرها
"القسام" تعلن قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية
يوليو 1, 2025
أعلنت كتائب "القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، الثلاثاء، قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية. وقالت "القسام" في بيان مقتضب، إن الصواريخ التي جرى القصف بها من طراز "Q20" من منطقة تتواجد فيها آليات العدو شمال مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق اليوم، أن "صاروخين أطلقا من قطاع غزة
الصفدي: منع إدخال المساعدات إلى غزة جريمة حرب تستدعي تحركا دوليا فوريا
يوليو 1, 2025
أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الثلاثاء، أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة نتيجة استمرار عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" ومنع دخول المساعدات، يتطلب تحركا دوليا فوريا لفرض إدخال المساعدات الإنسانية من خلال المنظمات الأممية المعنية، بما ينسجم مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وخلال لقائه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)
"الأورومتوسطي": منع الوقود عن مستشفيات غزة أداة قتل مباشر
يوليو 1, 2025
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف)، الثلاثاء، إن منع "إسرائيل" إدخال الوقود إلى مستشفيات قطاع غزة يُمثّل أداة قتل مباشر ووسيلة تهجير قسري بحق السكان المدنيين، ويُحوّل المرافق الصحية إلى أماكن للموت بدلا من الرعاية. وأوضح المرصد في بيان صحفي، أن توقف المولدات الكهربائية وتعطل الأجهزة الطبية الحيوية يعرض حياة آلاف المرضى لخطر