الشاب "الشعيبي" يوثق جمال الحياة البرية في فلسطين بعدسة متواضعة
يتنقل الشاب محمد الشعيبي بين محميات وبراري وغابات المناطق الطبيعية في فلسطين؛ وهو يتحين الفرصة لالتقاط صورة لطائر مهاجر أو مقيم، أو حيوان نادر، خلال مواسم التكاثر والهجرة.
يسكن الشعيبي (36 عاما) قرية "دير غسانة"، شمال غرب رام الله، وقبل ثمان سنوات بدأ رحلته بتوثيق وتدوين الحياة البرية في فلسطين بمحض الصدفة، بعد أن لفتت انتباهه طيور تصل قريته، التي تعد جزءا من محمية طبيعية، ويطلق عليها اسم "وداي الزرقاء".
وقال الشعيبي لـ"قدس برس" إن بدايات تصويره كانت عبر هاتفه المحمول، الأمر الذي لقي إعجابا كبيرا لدى أصدقائه، وشجعوه للاستمرار في طريق موهبته.
وأضاف "لم اختر هواية توثيق أو تصوير الحياة البرية، بل هي التي اختارتني، حينما وجدت نفسي فيها يوما بعد يوم، ولم أكن أعرف معلومات عن هذه الطيور والحيوانات، كوننا نفتقر فلسطينيا لهذه الثقافة".
وتابع "زاد اهتمامي وشغفي أكثر في هذا المجال، ودهشت حينما شاهدت بعض الطيور التي لم أكن أعلم أو أتوقع وجودها، حيث وثقت طيورا مائية".
وأشار الشعيبي إلى أنه أطلق العديد من الوسوم والنشرات التعريفية، مثل (فلسطين جنة الأرض، وجمال الأشياء بمكانها الطبيعي) "ولقيت تفاعلا كبيرا".
وأعرب عن أمله بزيادة الوعي لدى المواطنين الفلسطينيين، ونشر ثقافة عدم المساس بالحيوانات والطيور.
وينشر الشعيبي ما يوثقه من صور وفيديوهات على حسابه الشخصي في "فيسبوك"، دون أن تكون له أي مدونة خاصة به، أو ينفذ أو يشارك في أي معارض تمكنه من مشاهدة الجميع أعماله، أو حتى دون أن يتلقى أي دعم من أي جهة حكومية أو خاصة لتشجيعه.
وزاد "بالمقارنة مع المستوى العربي، أكاد أكون من أوائل الموثقين من ناحية الكم والمتابعة مع الهجرات، من حيث توثيق الحياة الفطرية كاملة، سواء حيوانات أو طيور".
وأكد أن مهنته تجارة المجوهرات التي يعتاش منها، لا تمنحه الوقت الكافي لممارسة هوايته بشكل كامل، حيث يخرج في الصباح الباكر حوالي ساعة ونصف، قبل الذهاب إلى عمله، أو استغلال عطلة الجمعة.
وقال إن "أبرز المخاطر التي يتعرض لها، تتمثل في قوات الاحتلال الاسرائيلي، وكذلك هجوم من الحيوانات والأفاعي".
ويطمح أن يوسع مجال عمله في توثيق الحياة البرية، ويتفرغ لهوايته مع تطوير المعدات، التي يستخدمها بما يستلزم ذلك.
وأشار إلى أنه وزملاءه في مجال التوثيق، لا يزيد عددهم عن 20 هاوٍ في فلسطين، ولا توجد لهم نقابة أو رابطة تجمعهم، ويلتقون خلال الرحلات البرية.
وأوضح الهاوي الفلسطيني أن الصور والمشاهد التي يلتقطها تظهر أوراق زعتر البلاط، ونبته الزعيتمان، وأشجار البلوط، والبطم ، والقيقب، والفيجم، والزعرور، والميرمية، واللبيد، والكتيلا، ورجل الحمام، بالإضافة الى أشجار الزيتون الروماني القديم، والحيوانات مثل الوبر الصخري، والغزلان، والخنازير البرية، والثعلب، والواوي، والنسناس، والنيص.
وأشار إلى أنه تمكن مؤخرا من توثيق طائر يسمى "أبو ملعقة"، وهو من الطيور المائية النادرة كبيرة الحجم، ويمتاز بشكل منقاره الشبيه بالملعقة، ويستخدمه للبحث عن الأسماك والقشريات في المياه الضحلة، ويعتبر زائرا شتويا في فلسطين، ويتواجد عند المسطحات المائية وبرك تربية الأسماك.
كما أنه تمكن من تصوير طائر "قبّرة عربية"، الذي لم يتم توثيقه على مستوى الوطن العربي، وقليل جدا من استطاعوا توثيقه عالميا، وهو طائر مهاجر، ويتواجد في الأردن، وجنوب سوريا، وشبه الجزيرة العربية.