قيادي في "حماس" لـ "قدس برس": المقاومة في شمال الضفة غيّرت "قواعد الاشتباك" مع الاحتلال

قال قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشمال الضفة، -طلب عدم كشف اسمه لخطورة الوضع الأمني-، إن "المقاومين في شمال الضفة الغربية، وإن كانوا في مقتبل العمر، لكنهم استطاعوا تغيير قواعد الاشتباك مع الاحتلال، وانتقلوا من مجرد إطلاق الرصاص من مسافات بعيدة وغير مؤثرة، إلى الالتحام المباشر معه والاشتباك من نقطة الصفر، حيث باتت تلك القوات الغازية تواجه مقاومة عنيفة تزداد قوة مع تطور وسائلها".
وأضاف خلال حديثه لـ"قدس برس"، اليوم السبت، أن "الاحتلال كان يتوقع أن تنتهي المقاومة في الضفة الغربية بعد حملة الاعتقالات غير المسبوقة التي شنتها بعد 7 اكتوبر وطالت نحو 10 آلاف فلسطيني من القيادات والمؤثرين والناشطين، بالتزامن مع حملات مداهمة موسعة للضفة والمناطق المشتعلة فيها واجتياحات مركزة في جنين وطولكرم ومخيمات أخرى مثل بلاطة ونور شمس والفارعة".
وتابع "لكن الفعل المقاوم رغم هذا تطور من عيارات نارية وبنادق إلى عبوات ناسفة شديدة الانفجار، زرعت بداية داخل المخيمات، باتت تنفجر بآليات الاحتلال في كل مكان".
وأكد أن "العبوات الناسفة أصبحت السلاح الأكثر فتكاً في يد المقاومة الفلسطينية التي تعمل على سلب الاحتلال حريته بالحركة في الضفة، وهي المعادلة التي حاول ترسيخها بعد عملية (السور الواقي) عام 2002، فلا يكاد يمر اقتحام لمدن شمال الضفة الغربية إلا ويكلف جيشه خسائر مادية في المعدات العسكرية، وخسائر بشرية في صفوف جنوده، جراء العبوات الناسفة التي تصنعها المجموعات المقاومة هناك".
بدوره قال "مصدر مقرب" من المقاومة في جنين لـ "قدس برس"، إن "القصف من الجو أسلوب باتت يتبعه الاحتلال بشكل متزايد خلال الآونة الأخيرة، وقد تمكن من قتل عدد كبير من المقاومين، وآخرهم أربعة في مخيم جنين يوم أمس الجمعة، وأربعة في طولكرم خلال الأسبوع الماضي، وقبل ذلك الشهيد سعيد الجابر من طولكرم أيضا، مستخدما الأسلوب ذاته في قصف سيارة تقل مقاومين قرب مخيم بلاطة في نابلس قبل شهرين".
وأكد المصدر أن "الاحتلال لجأ لاستخدام طائراته الحربية من طراز أف 16 وكذلك الاستطلاعية المُسيّرة في ملاحقة واستهداف المقاومين، بعد تعرّض قواته على الأرض لخسائر فادحة مؤخرا، بعد اعتماد المقاومة الفلسطينية على العبوات الناسفة محلية الصنع شديدة الانفجار، فقد أقرّ الاحتلال مؤخرا بمقتل ضابطين وإصابة 17 آخرين في جنين وطولكرم، بعد استهدف ناقلات الجند من نوع (نمر) بعبوات زرعت في طريقها".
وعن الشهداء التسعة الذين ارتقوا في ثلاث عمليات قصف في جنين وطولكرم، أكد المصدر أنهم "كانوا جميعا على قائمة الاغتيالات والتصفية لدى جيش الاحتلال، الذي كان يلاحقهم ويداهم منازلهم ويهدد ذويهم بقتلهم حال لم يسلموا أنفسهم".
ولفت إلى أنهم "كانوا نشيطين في نصب الكمائن وتفجير العبوات الناسفة وإطلاق الرصاص على حواجز الاحتلال ومعسكراته والمستوطنات، والاشتباك مع قوات الاحتلال خلال اقتحاماتهم لمدينتي جنين وطولكرم".
ويقود الفعل المقاوم في شمال الضفة الغربية والمخيمات عدّة تشكيلات، أبرزها كتيبة طولكرم التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، وكتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، وكتائب "شهداء الأقصى" (مجموعات عسكرية فلسطينية تابعة لحركة فتح).
ومن أبرز العمليات إضافة لتلك الأخيرة التي وقعت في جنين وطولكرم، وأسفرت عن مقتل ضابطين كبيرين وإصابة نحو 17 آخرين، تلك التي وقعت في 8 أيار/ مايو الماضي، حيث أعلن الاحتلال مقتل جندي من وحدة "اليمام" الخاصة متأثرا بإصابته خلال اشتباك مع مقاومين فلسطينيين في قرية دير الغصون قرب طولكرم.
أما في 8 آذار/ مارس الماضي، فقد استدرجت "كتيبة جنين" جنود الاحتلال إلى كمين من العبوات الناسفة في قرية السيلة الحارثية غربي جنين، وفجروا بهم عبوات أدت إلى إصابة سبعة جنود، اثنان منهم إصاباتهما خطيرة.
وفي 7 كانون الثاني/ يناير الماضي، فجّر المقاومون عبوات ناسفة في حي الجابريات المحاذي لمخيم جنين، ما أدى إلى مقتل مجندة في جيش الاحتلال، وإصابة أربعة آخرين، وصفت جراح اثنين منهم بالخطيرة.
وفي 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أطلق مقاومون النار في اتجاه مركبة جندي في جيش الاحتلال، وقتلوه بالقرب من مفرق بيت ليد شرقي مدينة طولكرم، ثم قام المقاومون بإحراق المركبة التي نُفذت فيها العملية قرب قرية بلعا شرق طولكرم، لاستدراج جيش الاحتلال، ليفجروا بعدها عبوات ناسفة بجنوده حال وصولهم إلى المكان، وقام المقاومون بنشر فيديو يوثق العملية المركبة.
وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن الاحتلال مقتل جندي وإصابة عشرة آخرين خلال اشتباكات المقاومين مع الاحتلال في مخيم نور شمس بطولكرم.
وبحسب ما نشره الإعلام العبري، فإن "تكثيف القصف الجوي بالطائرات المسيرة جاء بعد تزايد استهداف آليات الاحتلال بالعبوات الناسفة".
حيث قالت صحيفة /يسرائيل هيوم/ العبرية، إن "قيادة الجيش تدرك أنها أمام معضلة، وأن المقاومين في شمال الضفة يُراقبون أداء الجيش، ويُحسّنون من أدائهم، مستخدمين عبوات ناسفة أكبر حجمًا، وأشد تأثيرًا، ما يجعلها تشكل خطرًا مميتًا على الجنود".
ويستعين جيش الاحتلال بآليات ثقيلة من أجل الكشف عن العبوات الناسفة، بالإضافة إلى قيامه بعمليات مسح لبيوت ومواقع، من أجل جمع الأسلحة والمتفجرات على أنواعها.
ووفق قناة /كان/ العبرية، فإن "جيش الاحتلال يستعين بجرافات مصفحة من نوع (D9) لتجريف الشوارع قبل اقتحام الآليات الأخرى، وذلك حتى تنفجر هذه العبوات بالجرافات، ولكن هذا لا يكفي أحياناً، فالمقاومون يستخدمون طرقاً أكثر تطوراً لزرع العبوات، ما يسبب صعوبة في اكتشافها وتفجيرها قبل وصول الآليات التي تحمل الجنود".
وتشهد مناطق الضفة الغربية المحتلة، اقتحامات مستمرة من جانب قوات الاحتلال، يتخللها مواجهات ميدانية بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن اعتقال الآلاف وارتقاء مئات الشهداء، بالتزامن مع حرب مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 274 يوما، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى استشهاد 38 ألفا و98 شهيدا، وإصابة 87 ألفا و705 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.9 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.