اغتيال هنية يجتاح منصات التواصل الاجتماعي

منذ لحظة الإعلان عن الحادثة، وحتى الآن، سيطرت التعليقات والأخبار المتعلقة بعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، على كافة منصات التواصل الاجتماعي، ليس فقط في فلسطين بل على مستوى عالمي وبعدة لغات.
وقد رصد مراسل "قدس برس" تفاعل مئات آلاف النشطاء، مع استشهاد هنية، وتسابقوا في ذكر صفاته ومحاسنه، وإعادة نشر كل ما يتعلق بمواقفه السياسية والاجتماعية، من تصريحات وصور ومقاطع مصورة، إضافة لنشر سيرته الذاتية أو مقتطفات منها، ما يؤكد حجم الخسارة التي لحقت بالقضية الفلسطينية بفقدانه، لا سيما أنه أحد أهم الشخصيات المحورية خلال العقدين الأخيرين وله بصمات في مسار الأحداث في فلسطين بشكل خاص، وعلى المستوى الإقليمي والعالمي بشكل عام.
ومع أن الحادثة الأليمة شكلت صدمة كبيرة لدى الجمهور في العالمين الواقعي والافتراضي، إلا أن الغالبية العظمى من المنشورات والردود عليها، تؤكد أن "غياب الرجل عن الساحة بفعل الاغتيال لا يعني على الإطلاق توقف مشروع المقاومة من أجل التحرير، بل سيشكل دافعا لمواصلة الطريق حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي".
يقول الإعلامي المختص في رصد الاعلام الاجتماعي أمين أبو وردة لـ"قدس برس"، إن "كثيرين عبروا من خلال منشوراتهم عن صدمتهم الحقيقة لما جرى، خاصة أن هنية كان يتمتع بصفات القائد الحقيقي المتواضع القريب من الناس والمحبوب حتى من أشد المعارضين له، وأنه كان رجلا وحدويا بامتياز".
وتابع "غصت منصات التواصل الاجتماعي بالمنشورات التي تشيد بالفقيد الكبير وبدماثة أخلاقه وتواضعه، إضافة لذكر مناقبه وكيف أنه قدم معظم أفراد أسرته شهداء ومن ثم لحق بهم، وهذه صفات القائد الحقيقي الذي لا يبخل على وطنه وقضيته بروحه وبأرواح ابنائه وأفراد أسرته".
في حين، اهتم نشطاء بالاتهامات التي سيقت للشهيد هنية خلال مسيرته في العمل السياسي، وقالوا: "كما ينبغي للقادة الكبار، الذين يزيلون من صفحاتهم كل الاتهامات، بخطوة واحدة نحو السماء"، وطالبوا بتحقيق الوحدة الوطنية وخيار المقاومة التي كان يدعو لها الشهيد هنية على الدوام.
وأعاد نشطاء، نشر أبرز مقولات الشهيد إسماعيل هنية التي حدد بها خط سيره وصار يعرف بها، أبرزها: "لن نعترف بإسرائيل"، "لن تسقط القلاع، ولن تخترق الحصون"، "سنأكل الزعتر والملح والزيتون ولن نطأطئ الهامات ولن نهون ولن نتراجع".
ونشرت الناشطة نور أحمد فيديو لإيناس زوجة حازم نجل اسماعيل هنية الذي استشهد برفقة ابنتيه في عيد الفطر الماضي، وهي ترثي حماها. تقول "عندما تستمع إلى كلماتها "خسرتك الأرض وكسبتك السماء"، تدرك أن "مشروع المقاومة ليس عملا عسكريا معجزا بقدر ما هو تربية وبناء الإنسان وإعطاء الحياة معنى وهدف وغاية".
من جهته، استعان الناشط أدهم أبو سلمية بمقولة الشهيد غسان كنفاني: "تسقُطُ الأجسادُ لا الفِكرة، والمقاومة فكرة والفكرة لا تموت!"، معلقا عليها: "هنية يلحق بأفراد أسرته شهيدا إثر عملية اغتيال جبانة! قَالَ القائدُ إسماعيّل هَذا النّهجُ ولا تَبّديل له حتى لو خَضعت كُلُ الدُنيّا. لَنْ نَعترف بإسرائيل"!
كما تصدر وسم "#قائد_الأمة" مواقع التواصل الاجتماعي عقب اغتيال هنية، وشارك العديد من النشطاء من مختلف دول العالم في نشر ومشاركة وسم "#قائد_الأمة" نعيًا للقائد إسماعيل هنية، حيث تم استخدامه للتعبير عن مشاعر الحزن والفخر أيضًا بعد اغتياله.
يقول منجد عبد الله الشامي في منشور له عبر "فيسبوك": "الوفاء للرجال ليس ببكائهم. إنما بالسير على دربهم وطريقهم. اللهم انتقم لهذه الدماء التي تراق في سبيلك واقبل جهادهم".
وعلق وجدي عناني في منشور عبر منصة "إكس": "#قائد_الأمة رحل ليلتحق بشيخه وحبيبه الشيخ الشهيد أحمد ياسين. طريقنا طويل، ودربنا صعب، والشهادة أجمل خاتمة للرجال الصادقين، لن نبكي رحيلك أبو العبد بل سيمضي كل الأحرار على درب جهادك ومقاومتك".
وكتب الصحفي مجاهد مفلح على صفحته على فيسبوك: "لعمرك هذا مماتُ الرجال"، صعد هنية ومن رافقه ومن سبقه إلى العلياء بعد انتظار طال؛ ذهبوا إلى حيث تمنّوا، أمّا أنتم فعليكم أن تستعدّوا للآتين من بعدهم. سيكونون "أشدّ بأسًا، وأعظم خطرًا".
وأضاف "ثلاث مقولات ظلّ يرددها "الشيخ اسماعيل" حدد بها خطّ سيره في الحياة، صار يُعرف بها، وتُعرف به، وطبعًا استخدمها خصومه للسخرية والتندّر:"لن نعترف بإسرائيل"، "لن تسقط القلاع، ولن تخترق الحصون"، "سنأكل الزعتر والملح والزيتون ولن نطأطئ الهامات ولن نهون ولن نتراجع".
وفي وقت مبكّر الأربعاء، أعلنت "حماس" اغتيال هنية إثر "غارة صهيونية غادرة" على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته أمس الثلاثاء، في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
كما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني باستشهاد هنية في طهران، موضحًا أن "التحقيق جار في عملية الاغتيال وأنه سيتم إعلان النتائج قريبا".
وكشفت الحركة في بيان صحفي، عن أنه ستجري "للقائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية مراسم تشييع رسمي وشعبي في العاصمة الإيرانية طهران، يوم غد الخميس، وسينقل جثمانه الطاهر إلى العاصمة القطرية الدوحة عصر يوم غد الخميس".
وأضافت أنه "ستقام صلاة الجنازة على روح الشهيد القائد في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدوحة بعد صلاة الجمعة المقبل، وبعد ذلك سينقل جثمانه الطاهر إلى مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل، شمال مدينة الدوحة".
وبالتزامن مع ذلك، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد 39 ألفا و400 شهيدا وإصابة 90 ألفا و996 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.