تقرير: سياسة الاحتلال في "احتجاز جثامين الشهداء" تعاظمت بعد 7 أكتوبر

1500 جثمان في قاعدة "سديه تيمان" وحدها

لم تفلح جهود عائلة "الكوني" طوال العامين الماضيين، في إجبار سلطات الاحتلال على تسليم جثمان ابنها عضو مجموعة "عرين الأسود" الشهيد سائد الكوني، الذي ارتقى برصاص الاحتلال في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، واحتجز الاحتلال جثمانه أسوة بالمئات من الشهداء.

تقول والدته ميس الكوني لـ"قدس برس" إن الأمور بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تعقدت أكثر، "ولم يعد هناك أي تواصل بين العائلة ومحاميها من جهة وسلطات الاحتلال من جهة أخرى، وباتت قضية ابننا رقما لا أكثر" في ظل لجوء الاحتلال بشكل واسع لسياسة احتجاز جثامين الشهداء، سواء من يرتقون في عمليات فدائية أو خلال اشتباكات مسلحة أو الأسرى في السجون.
 
الحال ذاته، مع عائلة القيادي في حركة "حماس" الأسير الشهيد نمر دراغمة من بلدة "طوباس" شمال الضفة الغربية، والذي ارتقى في سجون الاحتلال في نهاية شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي. وتؤكد العائلة إنها وكلت مؤسسات حقوقية، وتواصلت مع محامين من الداخل المحتل بلا جدوى، "فالاحتلال يصر على سياسته من باب العقاب الجماعي للأسرة بأكملها، ويريد أن تكون هذه الجثامين ورقة للتفاوض عليها مع المقاومة".
 
ويقول الناطق الإعلامي لـ "الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء" حسين شجاعية، لـ"قدس برس" إن عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم بلغ 552 شهيداً في مقابر الأرقام والثلاجات، من بينهم 256 في مقابر الأرقام، ومن بين الجثامين المحتجزة تسع سيدات و32 أسيراً و55 طفلاً دون سن 18، وخمسة شهداء من داخل أراضي 1948، وستة شهداء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".
 
وأشار إلى أنه منذ بدء العدوان على غزة، احتجز الاحتلال 149 جثماناً، "وهذا العدد يشكّل أكثر من نصف الشهداء المحتجزين منذ عام 2015، علماً أن هذا المعطى لا يشمل الشهداء المحتجزين من قطاع غزة"، وقدر عددهم بالمئات "إلا أنّه لا يوجد تصريح رسمي من الاحتلال عن الأعداد الحقيقية لعدد جثامين الشهداء من غزة حتّى اليوم" وفق قوله.
 
وكشفت صحيفة /هآرتس/ العبرية، في تقرير لها نشر في تموز/يوليو الماضي، أن السلطات المعنية في دولة الاحتلال تحتجز نحو 1500 جثمان لفلسطينيين لم تعرف هوياتهم، وأن تلك الجثامين كانت تخزن في حاويات مبردة داخل القاعدة العسكرية المعروفة باسم "سديه تيمان"، وصُنِّفُوا بالأرقام وليس بالأسماء. وذكرت الصحيفة أن حالة الجثامين وصلت إلى مرحلة معينة من التحلل، بعضها مفقودة الأطراف وبعضها بلا ملامح.
 
وخلال العدوان الحالي على غزة، سلّم الاحتلال جثامين 428 شهيدا مجهولي الهوية على عدة دفعات، ودُفِنُوا في مقابر جماعية في "خان يونس" و"رفح" جنوب قطاع غزة.
 
تحولات هامة
وشدد الناطق باسم "الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء" على أن "جريمة احتجاز الجثامين التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيليّ، تشكّل إحدى أبرز السياسات التاريخية التي استخدمها كجزء من جريمة (العقاب الجماعي) بحقّ الشهداء وعائلاتهم وكآلية ضبط و(عقاب) للفلسطينيين".
 
وأوضح شجاعية، أن تلك القضية "مرت بعدة مراحل، وارتبطت بشكل أساس مع تصاعد مستوى الحالة النضالية والمواجهة ضد منظومة الاحتلال الإسرائيليّ، فمنذ احتلال فلسطين عام 1948، استخدم الاحتلال هذه السياسة، واستمر في تنفيذها حتى عام 2008، وعاد إلى ممارستها بقرار من الـ "كابينت" الاحتلال عام 2015 مع بداية الهبة الشعبية".
 
وأضاف "لم يكتف الاحتلال باحتجاز الجثامين، بل أيضاً عمل على وضع شروط معينة عند تسليمها، وعمل على فرض سياسة تصنيف ضمن تلك الشروط التي كان تفرض على العائلات، ومسّ ذلك بشكل أساس الشهداء الذين يحملون الهوية المقدسية، من خلال فرض شروطا وتقييدات قاسية ومجحفة، وذلك في إطار رغبة الاحتلال الانتقامية من الأحياء والشهداء" وفق تعبيره.
 
ومر ملف احتجاز جثامين الشهداء، بتحولات قانونية، ففي عام 2017، قررت ما تسمى بالمحكمة العليا للاحتلال تأجيل قرارها المتمثل ببطلان احتجاز جثامين الشهداء، وذلك حتى تتيح الفرصة أمام الجهات الإسرائيلية المعنية بسنّ تشريع واضح وصريح يخوّل القيادة العسكرية والشرطية لاحتجاز الجثامين.
 
وأصدرت المحكمة العليا للاحتلال في أيلول/سبتمبر 2019، قرارا يجيز للقائد العسكري احتجاز الجثامين الشهداء ودفنهم على نحو مؤقت لاستخدام الجثامين أوراق ضغط لغرض التفاوض، وفُرِضَت شروط فضفاضة تخوّل الأجهزة المشار لها سابقاً بإصدار أوامر احتجاز جثامين بعض الشهداء.
 
ويشدد شجاعية في تصريحاته على أن "الغالبية العظمى من الشهداء المحتجزة جثامينهم لا تنطبق عليهم الشروط التي فرضتها المحكمة، لتشكّل هذه القضية محطة جديدة للدور الذي لعبته ما تسمى المحكمة العليا في ترسيخ جريمة احتجاز جثامين الشهداء، وتلا ذلك سعي برلمان الاحتلال (كنيست)، لتشريع قانون يخوّل الشرطة احتجاز جثامين الشهداء".
 
وأكد أن "هذه السياسة تنافي كافة الأعراف والمواثيق الدولية التي تنص على احترام الضحايا وإعادة جثثهم حيث تنص قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بمعاملة قتلى الحرب ورُفاتهم ومقابرهم".
 
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الصليب الأحمر: قلق عميق من تصاعد العدوان "الإسرائيلي" في غزة
يوليو 1, 2025
أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، عن قلقها البالغ إزاء تصعيد العمليات العسكرية لجيش الاحتلال "الإسرائيلي" في مناطق مختلفة من قطاع غزة، في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية وعجز المستشفيات القليلة المتبقية عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى. وقالت اللجنة في بيان إنّها تشعر بـ"قلق عميق من تصاعد الأعمال العدائية في مدينة غزة ومخيم
"الحوثيون" يعلنون تنفيذ عملية بصاروخ فرط صوتي على مطار اللد
يوليو 1, 2025
أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون)، يحيى سريع، الثلاثاء، أن القوة الصاروخية للجماعة نفّذت عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللّد في مدينة يافا المحتلة، مستخدمة صاروخا باليستيا فرط صوتي من طراز "فلسطين 2". وأوضح سريع أن الهجوم حقق هدفه بدقة، وأنه أدى إلى توقف حركة المطار وهروب واسع للمدنيين نحو الملاجئ. وأشار
169 منظمة تطالب بوقف آلية توزيع المساعدات "الإسرائيلية" في غزة
يوليو 1, 2025
طالبت 169 منظمة إغاثية دولية بوقف فوري لآلية توزيع المساعدات الإنسانية التي تقودها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة "إسرائيلية" - أميركية مثيرة للجدل، تتولى منذ أواخر أيار/مايو الماضي إدارة توزيع الإغاثة في قطاع غزة، بدلا من الوكالات الأممية والدولية المعتادة. وفي بيان مشترك، دعت المنظمات إلى العودة للعمل بآلية التوزيع التي كانت تديرها
"القسام" تعلن قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية
يوليو 1, 2025
أعلنت كتائب "القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، الثلاثاء، قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية. وقالت "القسام" في بيان مقتضب، إن الصواريخ التي جرى القصف بها من طراز "Q20" من منطقة تتواجد فيها آليات العدو شمال مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق اليوم، أن "صاروخين أطلقا من قطاع غزة
الصفدي: منع إدخال المساعدات إلى غزة جريمة حرب تستدعي تحركا دوليا فوريا
يوليو 1, 2025
أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الثلاثاء، أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة نتيجة استمرار عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" ومنع دخول المساعدات، يتطلب تحركا دوليا فوريا لفرض إدخال المساعدات الإنسانية من خلال المنظمات الأممية المعنية، بما ينسجم مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وخلال لقائه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)
"الأورومتوسطي": منع الوقود عن مستشفيات غزة أداة قتل مباشر
يوليو 1, 2025
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف)، الثلاثاء، إن منع "إسرائيل" إدخال الوقود إلى مستشفيات قطاع غزة يُمثّل أداة قتل مباشر ووسيلة تهجير قسري بحق السكان المدنيين، ويُحوّل المرافق الصحية إلى أماكن للموت بدلا من الرعاية. وأوضح المرصد في بيان صحفي، أن توقف المولدات الكهربائية وتعطل الأجهزة الطبية الحيوية يعرض حياة آلاف المرضى لخطر