"الفلسطينية المستقلة": ما يجري في جنين تهجير طوعي

أكد رئيس "تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة" بالضفة الغربية، خليل عساف، أن "الأحداث التي يشهدها مخيم جنين والاقتتال المؤسف ما بين الأجهزة الأمنية والمقاومين في داخل المخيم، يبعث على الحزن والإحباط ويشير إلى ترهل وانعدام الحالة الأمنية هناك، ما ينذر بحالة هجرة طوعية في المستقبل ".
وقال عساف خلال حديث خاص لـ "قدس برس"، اليوم الاثنين، إن "ما يجري في جنين انتهك كافة الخطوط الحمراء وتجاوزها ولم يكن أحد يتخيل حتى في الكوابيس أن يرى هذا المشهد من الاقتتال والتجرؤ في المواجهة بين الأخوة الأشقاء ولن ولا يمكن استيعاب ارتقاء الشهداء والجرحى ولا يمكن وصفه إلا بالجنون".
وشدد على أنّ "ما يجري الآن كان بالإمكان منعه أو التقليل من نتائجه دون أن يكون هناك مشهد لإراقة الدماء وسفكها وكان الأمر يحتاج فقط العقلاء والحكماء للحيلولة دون الوصول إلى هذه النقطة من التصادم".
وتابع "ألا يكفي ما يعيشه شعبنا الفلسطيني من قتل وتهجير ودمار في قطاع غزة بل أيضا في كافة مناطق الضفة الغربية، لعدم الانجرار نحو مسلسل ومربع الاقتتال الداخلي ومن هو المستفيد من هذا المشهد".
وأضاف أن "مخيم جنين مشهود له ببطولاته ويسكنه المهجرون وارتقى من أبنائه المئات، والعشرات مطاردون للاحتلال، وهؤلاء المطاردين هم أنفسهم هم جيل اجتياح المخيم عام 2002 وهم الذين ولدوا تحت زخات الرصاص ومشاهد الهدم والدمار وهم من حفر في أذهانهم حب الانتقام من هذا الاحتلال".
واستهجن عساف الأوصاف التي أطلقت على المطلوبين والمقاومين في مدينه جنين، قائلا: "ما سمعناه من أوصاف للمطلوبين محيرة إلى درجه كبيرة وتحتاج إلى قواميس خاصة لتفسيرها في ظل المنظومة الوطنية الفلسطينية".
وتابع عساف، "نحن نعيش تحت ظل احتلال يقهر ومستوطنون يتجبرون ويتحكمون بهوائنا ومائنا وشرابنا وتنقلنا وهذا لوحده كاف لأن تتوحد الرايات وتلتئم الجراح وليتفرغ الجميع لمواجهه هذه التحديات".
وأشار إلى أن "ما يحصل في جنين هو ازدواجيه ومزاجية في التعامل فلا يجوز أن نوهم الرأي العام بأن ملاحقه الشرفاء والمقاومين هو تحت إطار فرض الأمن بينما لا يأمن الفلسطيني على نفسه من مشاهد العربدة سواء من الاحتلال أو من أصحاب الأجندات وتجار السلاح والعربدة والمعروفون بشكل جلي وواضح لدى السلطة".
وأكّد على أنّ "ما يحصل في جنين من مشاهد اقتتال واستهداف المقاومين لا يخدم سوى الاحتلال، وخيانة للشهداء وخذلان للأسرى وتنكر لتضحيات هذا الشعب الفلسطيني العظيم".
وكشف عساف عن "فشل كافة محاولات الوساطة ووأد الفتنة في المخيم، حيث قال إن "السلطة لا تسمع من أحد وتصر على فعل ما تريد وفي حال انتقدنا ما يجري أنا وغيري فأننا نتهم بأننا أصحاب أجندات وخارجين عن الإرادة الفلسطينية".
وللأسبوع الثالث على التوالي تواصل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله حملة في مخيم جنين تستهدف من تصفهم بـ"الخارجين على القانون".
وتقول السلطة إن الحملة "تهدف لفرض الأمن وإنهاء الفلتان الأمني"، في حين تؤكد الفصائل الفلسطينية أن "هذه الحملة تستهدف مقاومين ضد الاحتلال الإسرائيلي".
تزامن ذلك مع اقتحامات مستمرة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين لمناطق عدة بالضفة الغربية، يتخللها مواجهات ميدانية، ما أسفر عن اعتقال الآلاف الفلسطينيين وارتقاء مئات الشهداء، بالتزامن مع حرب مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.