أحد رفاق الشهيد العاروري في سجون الاحتلال يكشف أسرار شخصيته الفريدة
أول من أدخل الهاتف المحمول إلى السجن
رام الله (فلسطين) - قدس برس
|
يناير 2, 2025 4:30 م
كشف أسير محرر، رافق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، الشيخ صالح العاروري، في سجون الاحتلال لمدة 6 سنوات، جملة من الأسرار حول مواقف الشهيد الاستثنائية داخل السجون، وعلى رأسها قرار "تسريب الأجهزة المحمولة إلى السجون"، وهو ما عدّ الإجراء الأخطر في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة.
وأضاف الأسير المحرر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"قدس برس": "كان العاروري يشرف بنفسه على هذا الملف الحساس جدا، فوجود الهواتف المحمولة خدم الأسرى إلى حد بعيد، وجعلهم على تواصل مع العالم الخارجي".
وتابع يقول حول هذا القرار: "مجرد التفكير بالخطوة كان أمرا خارقا بنظرنا، لذلك عكف الشيخ لأيام وليال طوال على التفكير بالسبل التي يمكن من خلالها إدخال أول جهاز محمول، وكان ذلك قبل عام 2000، ومن ثم الاحتفاظ به وإخفاؤه عن أعين السجانين، فضلاً عن البحث في آلية شحنه وتوفير شريحة الاتصال له".
وأضاف "كان أمراً معقداً للغاية، حتى نجح في ذلك، وكان كلما جرى نقله لسجن آخر ينقل الفكرة معه، ويبلغ بها من وثق بهم من الأسرى، حتى انتشرت الهواتف بين الأسرى، وكانت وسيلتهم الوحيدة لمعرفة ما يجري خارج الأسوار".
ويصادف، اليوم الخميس، الذكرى السنوية الأولى لاغتيال العاروري، في ضربة إسرائيلية، استهدفت مكتبا لحركة "حماس" في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، بعد 88 يوما على بدء العدوان في قطاع غزة.
فكر وطني شمولي
وفي السياق ذاته، أوضح الأسير المحرر أن "الشيخ صالح رفض أن تكون الأجهزة المحمولة بيد أسرى حركة حماس حصراً، إذ كان يحرص على إتاحتها لسائر الفصائل"، مضيفاً على لسانه "لهم أمهات وزوجات كما لدينا"، لافتاً إلى أن "هذه النقطة رفعت من قدره، وجعلته المرجعية الأولى للحركة الأسيرة من جميع الفصائل والتوجهات".
كشف المشبوهين بين الأسرى
ولفت الأسير المحرر إلى مهارة العاروري في كشف بعض المشبوهين المدفوعين من الاحتلال للانخراط بين الأسرى لغايات متعددة، وزاد لـ"قدس برس": "يُحسب للشيخ صالح أنه أول من فتح ونقاش (الملف الأمني)، حيث نجح في إسقاط بعض الأسرى من أصحاب النفوس الضعيفة؛ ولذلك كان يقود هذا الملف بنفسه، ويجلس مع هؤلاء الأسرى، ولا يتردد في إعلان براءة بعضهم في حال ثبت ذلك".
قيادة الإضرابات الكبرى
وكان الشهيد العاروري المخطط الرئيسي لمعظم الإضرابات الكبيرة، التي كانت تعم السجون، وأشهرها إضراب "هداريم" عام 2000، كما كان يقود فريق التفاوض ممثلاً عن الحركة الأسيرة التي كانت تُجمع عليه وتقبل قراراته.
وتولى الشهيد متابعة قضايا الأسرى اليومية، فيما يتعلق بمشاكلهم الشخصية والاجتماعية ومتابعة ملفاتهم مثل الرواتب وغيرها، كما كان مبادرا داخل السجن، إذ يعمل بنفسه على جلي الأواني وتنظيف الغرف، ويرفض أن يخدمه رفاقه من الأسرى، "بل هو يخدمهم حتى لو كانوا أصغر منه سنا".
ويتابع الأسير المحرر "أنا على سبيل المثال أحمل شهادة بالإسرائيليات من الجامعة العبرية ومثلي العشرات من الأسرى، ولكن عندما كان يتحدث هو بهذا المجال ننصت له، فثقافته الواسعة من جهة واطلاعه على مختلف التخصصات ورؤيته بشأنها كانت تجعل منه متحدثا لبقا وواعيا وصاحب رؤية وفكر. كان صاحب نكتة وقادر على رسم الابتسامة على وجوه من محياه، حتى في أحلك الظروف".
ويضيف "كان يمتلك "كاريزما" وقوة شخصية، بـ"حيث يستطع أن يقنعك بالفكرة وضدها، وبالحجة والبرهان، ولا أذكر أنه مرة تحدث عن ذاته أو عن أفعاله وجهاده"، وكان دائما يقول "نحن جنود الله في الأرض، ولسنا طلاب حياة".
وفي وصف خصال الشهيد العاروري، قال الأسير المحرر الذي رافقه في عدة سجون مثل "هداريم" و"النقب" وبئر السبع: إن العاروري كان "إنساناً ذا أخلاق عالية جدا، وكانت تظهر عليه صفات القائد، وأثناء وجوده في السجن، مر بمحطات عززت هذا التوجه، وكان من القادة الاستثنائيين المتميزين بالقدرة على اتخاذ القرارات الجريئة، سواء في العلاقات مع إدارات السجون، أو على مستوى القرارات الداخلية فيما يرتبط بالحركة الأسيرة"
وأضاف أن "الشهيد كان قريبا جدا من الجميع، وتجمعه علاقات قوية وتفاهمات مع كل الفصائل الوطنية"، لافتاً إلى أنه "وبمجرد دخوله إلى أي سجن يجري تنصيبه (الأمير العام) فورا".
ويتابع: "ما زال رفاق الدرب يعيشون على ذكراه العطرة، ولا ينسون مواقفه الخالدة وخاصة في الحقبة التي أمضاها أسيرا لأكثر من 16 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بتهمة تأسيس كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بالضفة الغربية".