مصادر لـ"قدس برس": استنكاف المئات من عناصر أمن السلطة احتجاجاً على الحملة في جنين

كشفت مصادر أمنية وتنظيمية عن خلافات عميقة وتباينات غير مسبوقة تعيشها السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية التي شهدت وحداتها الأمنية المختلفة حالة من التمرد الكبير، رفضا للأوامر العسكرية بالمشاركة في عملية جنين.

وأكد مصدر أمني في السلطة الفلسطينية لـ"قدس برس" أن ما لا يقل عن 150 عنصرا من مختلف الأجهزة الأمنية، بما فيها "حرس الرئيس"، موقوفون في عدد من المقرات الأمنية التابعة لأجهزتهم بعد رفضهم الانصياع للأوامر العسكرية والمشاركة في الحملة التي تشنها السلطة ضد مخيم جنين.
 
وأشار إلى أن الرقم قد يكون أكبر من ذلك، وقد يصل إلى ضعفيه، لكن جهاز "الاستخبارات العسكرية" المعني بمتابعة هذا الملف، إضافة إلى اللجنة الأمنية العليا يرفضون الإفصاح عن الرقم الفعلي، خشية من إحداث انقسام أكبر وشرخ فعلي داخل المؤسسة الأمنية.
 
وقال إنه "مع كل حالة يلقى فيها عنصر أمني حتفه، فإن الكثير من رفاقه يستنكفون عن مواصلة المهمة، على عكس ما تروج له السلطة والناطق باسمها أنور رجب"، وتابع "اضطروا في أكثر من مرة للاستعانة بوحدات أمنية فلسطينية خاصة مكلفة بالبقاء في رام الله لحماية مقر المقاطعة وبيت الرئيس والمنشآت الحيوية، وهذه الكتائب تلقت تدريبات في الأردن على مدار أشهر طويلة".
 
وتعاملت السلطة مع المستنكفين بوسائل عدة، فبعضها جرى اعتقاله وزجه بالسجن فورا، خاصة في بداية الحملة على جنين، حيث كانت قيادة الأمن تعتقد أن هذا سيكون رادعا لمن يفكر بمخالفة الأوامر، فقد اعتقل خلال الأسبوع الأول وحده 37 عنصرا أمنيا، ومع هذا فقد جرت لقاءات لمحاولة إقناعهم عن العدول عن قراراتهم برفض المشاركة، ولتدارك الأمر عقدت قيادة الأجهزة الأمنية عشرات اللقاء مع بقية الوحدات العسكرية المشاركة لحثها على إنجاز المهمة.
 
ويضيف المصدر قائلا "الصدمة الكبرى أن أعداد الرافضين للانصياع للأوامر بالذهاب إلى جنين تتضاعف سريعا، وبعضهم استغل إجازته للسفر، ومن كان خلال دوامهم يذهب في إجازته المعتادة لا يعود أيضا، وآخرون قدموا حججا كثيرة، كالمرض والانشغال بمشاكل عائلية وغيرها.
 
وتعتبر السلطة الفلسطينية أن "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" بأنها "خارجة عن القانون"، رغم أنها وافقت على إنهاء أي مظاهر مسلحة في المخيم وعدم الوجود بالسلاح في الحارات أو الشوارع أو جنازات الشهداء، مع حقهم بالاحتفاظ بأسلحتهم لمواجهة الاحتلال عند أي اقتحام للمخيم، لكن السلطة تركتهم بين خيارين، إما الخروج من المخيم ليسهل اصطيادهم من الاحتلال، أو تسليم سلاحهم.
 
من جهته، قال ضابط في جهاز شرطة السلطة الفلسطينية تواجد في جنين لأسبوعين لـ"قدس برس" إن قادة الأمن المشرفين على حملة جنين متوترين للغاية، وتشهد اجتماعاتهم مناقشات حادة تصل حد الصراخ على بعضهم، نظرا للإخفاقات المتتالية وعدم قدرتهم على تحقيق أي إنجاز فعلي على الأرض.
 
وتابع "حضرت بصفتي الرسمي اجتماعاً لقادة الأمن مع شخصيات تمثل جنين، حيث شنت تلك الشخصيات هجوما كاسحا على الأمن، رغم أنهم من حركة فتح أو مقربين منها، لكنهم عبروا طيلة الاجتماع عن رفضهم لسياسة السلطة تجاه المخيم، وطالبوا بإقالة كبار الضباط المسؤولين عن الحملة، وبضرورة تغيير النهج الإعلامي الذي تسير وفقه السلطة وأجهزتها الأمنية التي صورت جنين والمخيم أنه بؤرة للفساد ووكرا للمخدرات، وهذا بنظرهم مرفوض رفضا قطعيا.
 
وكشف أن ممثلي السلطة في الاجتماع لم يملكوا شيئا لقوله، بل اكتفوا بمحاولة رمي الكرة والاتهامات على المسلحين في المخيم، دون تقديم أي حجة أو برهان مقنع، وهو ما أظهرهم بموقف الضعيف والفاقد للبوصلة.
 
وعن استنكاف العشرات من عناصر الأمن، أكد الضابط على المعلومة، وقال إن الكثيرين يرفضون الذهاب للمخيم، ومن يقبل يشترط أن لا يشارك في العمليات الميدانية.
 
ورغم هذا أكد المصدر الأمني والضابط الشُرطي على وجود المئات من عناصر الأمن الذين يصرون على إكمال المهمة، ويضغطون على قيادتهم لعدم الرضوخ للمطالب الشعبية والحقوقية بوقف الحملة على جنين، لأن ذلك يعني بنظرهم انكسار السلطة وضياع هيبتها إلى الأبد.
وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
تحذيرات من ترويج الاحتلال شائعات لاختراق الجبهة الداخلية وكشف منفذ كمين خان يونس
يونيو 26, 2025
حذرت منصة "الحارس" الأمنية التابعة للمقاومة، الخميس، من استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" وأجهزته الاستخبارية في بثّ الشائعات ونشر أسماء شهداء وتفاصيل مغلوطة عبر الإعلام العبري، في محاولة لـ"اختراق الجبهة الداخلية، واستدراج الرأي العام الفلسطيني". وأكدت المنصة أن هذه الحملة الدعائية تستهدف كشف هوية منفّذ كمين خان يونس الأخير، بهدف الوصول إليه أو إفشال عمليات مستقبلية للمقاومة.
قمة أوروبية تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ورفع الحصار عن القطاع
يونيو 26, 2025
أعرب قادة الاتحاد الأوروبي، الخميس، عن قلقهم العميق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، مطالبين بـ"وقف فوري لإطلاق النار". جاء ذلك في بيان صادر عن القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل، حيث وصف القادة الأوروبيون الوضع في غزة بأنه "كارثي"، في ظل تفاقم المجاعة وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين. ودعا البيان "إسرائيل" إلى رفع الحصار المفروض
شرطة غزة: إحباط اعتداء إجرامي على مستشفى ناصر تحت غطاء طيران الاحتلال
يونيو 26, 2025
أعلنت المديرية العامة للشرطة في قطاع غزة، مساء الخميس، عن تعرض مستشفى ناصر الطبي في مدينة خانيونس لاعتداء مسلح نفذته "فئة خارجة عن القانون والصف الوطني، ومتساوقة مع الاحتلال"، مستغلة الظروف الأمنية الصعبة الناتجة عن العدوان الإسرائيلي المكثف على المدينة. وقالت الشرطة في بيان، إن "مجموعة من المخرّبين أقدمت على إطلاق النار داخل المستشفى، وتخريب
"القسام" تعلن قنص جندي "إسرائيلي" بمدينة غزة
يونيو 26, 2025
أعلنت كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" اليوم الخميس، أن مقاتليها شرق حي الشجاعية، بمدينة غزة، قنصوا جنديا "إسرائيليا" قرب "تلة المنطار" الاثنين الماضي. كما أكدت "القسام" تدمير دبابتي "ميركافا"، وناقلة جند، وجرافة دي 9 عسكرية، بعبوات أرضية شديدة الانفجار معدة مسبقا، يوم الجمعة الماضي شرق جباليا، شمالي قطاع غزة. من جانبها بثت "سرايا القدس"
الصحة العالمية: أول شحنة طبية تدخل غزة منذ آذار.. وما وصل "قطرة في محيط"
يونيو 26, 2025
أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الخميس، عن دخول أول شحنة طبية للمنظمة إلى قطاع غزة منذ الثاني من آذار/مارس الماضي. وحذر غيبريسوس في منشور عبر منصة "إكس"، من أن "الكميات التي وصلت لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة في القطاع". وقال إن الشحنة تضمنت تسع شاحنات محمّلة بـ"إمدادات طبية
البرلمان العربي يدعو لتشريعات إنسانية طارئة وإنشاء صندوق دولي لدعم الفلسطينيين
يونيو 26, 2025
دعا البرلمان العربي، اليوم الخميس، برلمانات العالم إلى إقرار تشريعات إنسانية طارئة تهدف إلى إغاثة الشعب الفلسطيني، وتوفير الاحتياجات الأساسية له، والاستجابة الفورية للأزمة الإنسانية المتفاقمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد البرلمان، في بيان صدر عقب اجتماع لجنة فلسطين، أهمية تنفيذ هذه التشريعات بشكل عاجل، إلى جانب المطالبة بإنشاء صندوق دولي خاص لإغاثة الفلسطينيين تحت