مصدر فلسطيني مطلع: مرونة "حماس" في المفاوضات لا تعني تقديم تنازلات بالملفات الرئيسية

كشف مصدر فلسطيني مطلع على مفاوضات وقف عدوان الاحتلال على قطاع غزة، أن "المرونة التي أبدتها حركة (حماس) بشأن بعض الملفات جعلت إمكانية الوصول إلى صفقة وارد بقوة خلال الساعات أو الأيام القليلة القادمة"، لكنه أكد أن "تلك المرونة لا تعني بأي حال من الأحوال تقديم الحركة تنازلات بشأن الملفات الرئيسية".

وتصف بعض الجهات المراقبة للمفاوضات التي تجري الآن في قطر، بأنها "من أصعب المفاوضات في تاريخ القضية الفلسطينية".

ولفتت إلى أن الصعوبة لا تكمن فقط في النقاط والشروط والطلبات، بل أيضًا في الكلمات المستخدمة، لا سيما أن المفاوض "الإسرائيلي" يتلاعب بالكلمات في محاولة لتجاوز العقبات عبر ما يمكن اعتباره "فخاخًا سياسية".

ووفق المعلومات التي حصلت عليها "قدس برس" فإن "جوهر المرونة التي أبدتها (حماس) تتعلق بملف الأسرى لدى المقاومة من جهة، وبأعداد ونوعية الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم من سجون الاحتلال".

حيث ستشمل المرحلة الأولى "إطلاق سراح عدد من جنود الاحتلال دون توضيح فيما إذا كانوا أحياء أو أمواتا، وهو مطلب تقدم به الوفد الأمني التابع للاحتلال مؤخرا، في محاولة منه لعرقلة الصفقة".

وتابع "اعترض الوفد بالمقابل على عدد من أسرى المؤبدات الفلسطينيين وقد استبدلتهم المقاومة بأسماء أخرى، والنقطة الثالثة وفيها الكثير من التفاصيل، لكنها تتعلق بشكل وآلية انسحاب قوات الاحتلال من المواقع الرئيسية في القطاع".

ويتضمن المقترح انسحاباً كاملاً من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) مع آخر يوم ضمن مراحل الاتفاق، تشمل المرحلة الأولى انسحاباً جزئياً لقوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما تتضمن المرحلة الثانية، بقاء نقاط مراقبة للاحتلال، أما اليوم الأخير من المرحلة الثالثة، فيشمل انسحاباً كاملاً لجيش الاحتلال.

وتشمل البنود الأساسية للاتفاق في مرحلتها الأولى: عودة النازحين، وانسحاب قوات الاحتلال من محور "نتساريم" إلى شرقي طريق صلاح الدين، ومن محور صلاح الدين إلى شرقي معبر رفح جنوب القطاع.

وكانت "حماس" قد قدّمت أمس الجمعة رسالة جديدة عبر الوسطاء لحكومة الاحتلال، طرحت خلالها تفكيك النقاط الخلافية، التي لم يتم التوصل لصيغة نهائية بشأنها، ويستغلها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في تعطيل التوصل لاتفاق.

وارتكزت الورقة على ترحيل الحديث عن بعض النقاط الخلافية للمراحل التالية من الاتفاق، مع التوافق على تواصل تنفيذ المراحل تباعاً دون توقف، عقب تنفيذ استحقاقات كل مرحلة.

تفاصيل التعطيل

ونصت المرحلة الأولى على الانسحاب من المناطق المكتظة بالسكان، ووافق المفاوض الفلسطيني على هذا النص في المرحلة الأولى، لكن تبقى المشكلة في تعريف المناطق المكتظة بالسكان، هل المقصود بها الوضع الحالي أم ما كان عليه قبل الحرب؟ هل تشمل جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا ورفح؟ لذلك، طالب المفاوض الفلسطيني بخرائط واضحة لتجنب الوقوع في هذا الفخ.

كما استخدم المفاوض "الإسرائيلي" عبارة "إنهاء العمليات العسكرية" بدلًا من "إنهاء الحرب"، لذلك طالب المفاوض الفلسطيني بتوضيح، متسائلًا: هل يعني إنهاء العمليات العسكرية أنها ستتوقف بشكل نهائي أم أنها قد تُستأنف تحت مسمى آخر بعد انتهاء فترة وقف إطلاق النار التي قد تكون مؤقتة؟

في بند آخر، تحدث المفاوض "الإسرائيلي" عن "منع عودة المسلحين إلى شمال غزة"، ما دفع المفاوض الفلسطيني للمطالبة بتوضيح المقصود، هل ستحدد قوات الاحتلال من هو المسلح ومن هو غير المسلح وفقًا لمعاييرها الخاصة دون إثبات؟ أم قد تُعتبر فئة عمرية معينة، كالشباب، جميعها مسلحين؟

أما بشأن إعادة الإعمار، أشار المفاوض "الإسرائيلي" إلى السماح به، لكن المفاوض الفلسطيني أوضح أن "القبول شيء، وعدم وضع عراقيل تؤخر عملية الإعمار شيء آخر تمامًا".

عوامل التقدم

من جهته، قال المختص في الشؤون "الإسرائيلية" ياسر مناع إنه "من الواضح أن المفاوضات تشهد تقدمًا ملموسًا، مع وجود رغبة أمريكية واضحة في إنجاز اتفاق، بالتزامن مع مرونة فلسطينية واضحة، يشير هذا إلى إمكانية تنفيذ المرحلة الأولى قريبًا".

وفي حديث لـ"قدس برس" أوضح مناع أن "أسباب هذا التقدم يعود إلى عدة عوامل، أبرزها الرغبة الأمريكية في تحقيق صفقة قبل تولي ترامب مهامه رسميًا، تقديم الفلسطينيين قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وموافقة الاحتلال على مناقشة المرحلة الثانية، بما يشمل وقف الحرب بشكل كامل".

واستدرك قائلا "على الرغم من هذا التقدم، يجب التعامل مع التفاؤل بحذر، حيث تبقى التحديات قائمة وقد تؤثر على مجريات الأمور".

ووفقاً للمصادر المطلعة فإن "رؤية المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال تعتمد على أن الجيش في استطاعته العودة لقطاع غزة في أي وقت يرى معه وجود خطر حقيقي".

وتشير المصادر إلى أن "جيش الاحتلال لا يدعم توجه نتنياهو لسببين رئيسيين، هما رغبتهم في إطلاق سراح المحتجزين العسكريين لدى المقاومة، والذين قد يعرض نهج رئيس الحكومة حياتهم للخطر حال واصل القتال عقب انتهاء المرحلة الأولى، وثاني الأسباب يتمثل في حالة الإنهاك التي لحقت بالجيش بسبب طول مدة القتال المتواصل".

وكشفت المصادر أنه "خلال المفاوضات الأخيرة، أشار وفد التفاوض (الإسرائيلي) إلى أن تقديرات أجهزة الاستخبارات لديه خلصت إلى أن عدد أسراه الأحياء يراوح بين 45 و51 شخصاً، بينهم 15 عسكرياً ذكور برتب مختلفة، بخلاف المجنّدات الخمس الذين ستشملهم المرحلة الأولى من الاتفاق".

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 463 يوما على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وخلّف العدوان أكثر من 155 ألفا و500 شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"صفوة الحفاظ" يختتم فعالياته بمدينة حيفا المحتلة بمشاركة 112 حافظا
يناير 13, 2025
اختتمت مدينة حيفا فعاليات مشروع "صفوة الحفاظ"، الذي شهد إقبالًا واسعًا من مختلف مناطق الداخل الفلسطيني، وتمكن المشاركون فيه من سرد أكثر من 1420 جزءا من القرآن الكريم خلال يوم واحد، ما يعادل أكثر من 47 ختمة. المشروع، الذي انطلق قبل أربعة أشهر، استهدف حفظة القرآن الكريم من مختلف الأعمار والمستويات، ابتداءً من خمسة أجزاء
الصحة بغزة: الاحتلال ارتكب مجزرتين خلال 24 ساعة أدت لارتقاء 19 شهيدا
يناير 13, 2025
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرتين ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 19 شهيدا و 71 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت الوزارة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس" -اليوم الإثنين- إنه "لا يزال عددا من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".
"حماس": ندعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة لحماية الأسرى في سجون الاحتلال
يناير 13, 2025
دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها، للعمل لحماية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ووقف الانتهاكات الفظيعة التي يتعرّضون لها. وقالت الحركة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس" - اليوم الإثنين- إن "الجرائم المستمرة بحق أسرانا في سجون الاحتلال، وعمليات التنكيل والقتل الممنهج التي تنفّذها سلطات الاحتلال الإرهابي بحقهم، والتي كان آخرها
"شعبنا سيحاسبكم"…قياديان فلسطينيان سابقان يرفضان بيان "فتح" ضد المقاومة
يناير 13, 2025
قال الخبير في القانون الدولي، وأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية أنيس القاسم، إن الذي أصدر بيان باسم حركة "فتح" -الأسبوع الماضي- وأدان فيه المقاومة الفلسطينية، يجب أن يكون حذراً لأن فتح المتهم الأول عن توقيع اتفاقية "أوسلو"، التي تعتبر اتفاقية استسلام، ونكبة ثانية بعد نكبة احتلال فلسطين عام 1948. وقال قاسم في تصريحٍ لـ "قدس
أبو عبيدة: مجاهدونا يكبدون العدو خسائر فادحة وسيندحر من غزة خائبا
يناير 13, 2025
أكد أبو عبيدة، الناطق باسم "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" أن الاحتلال مني بخسائر فادحة بفعل ضربات المقاومين، وأنه سيندحر عن شمال قطاع غزة خائبا يجر أذيال الخزي. وقال أبو عبيدة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الإثنين، "بعد أكثر من 100 يوم على عملية التدمير الشامل والإبادة الجماعية التي ينفذها جيش العدو
عائلة الأسير القيادي زاهر الششتري تناشد من أجل علاجه
يناير 13, 2025
ناشدت عائلة الأسير الفلسطيني زاهر الششتري (60 عاما)، الجهات المعنية بشؤون الأسرى والمؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لتقديم العلاج اللازم له خاصة بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير. وقالت عائلته، في بيان صحفي، اليوم الاثنين، إن معلومات وصلتها تفيد بأنه يعاني جدا بفعل إصابته من مرض "التصلب اللويحي" و"العصب السابع"،