منظمة إسرائيلية: عام 2024 عام بداية "ضم الضفة الغربية"

قالت حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية المناهضة للاستيطان: إن العام الثاني لحكومة نتنياهو - سموتريتش - بن غفير هو العام الذي بدأ فيه فعليا تنفيذ خطة الضم التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية، كما نص عليها اتفاق الائتلاف نهاية عام 2022.
وذكرت الحركة في تقرير لها، أنه في عام 2023 تم إنشاء مديرية الاستيطان في وزارة الجيش برئاسة سموتريش، كجزء من تنفيذ اتفاقيات الائتلاف بين حزبي الليكود والصهيونية الدينية.
وفي الوقت نفسه، أدى تولي إيتمار بن غفير لمنصب الوزير المسؤول عن الشرطة إلى قيام الشرطة في الضفة الغربية بالحد بشكل كبير من تطبيق القانون على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.
تقليص المساحة الفلسطينية
وأضافت أن عام 2024 يتميز أيضا بسياسة تقليص المساحة الفلسطينية في مناطق (ج) و(ب)، وتوسيع الوجود الإسرائيلي في هذه المناطق، مؤكدة أنه لم يكن هناك عام قلص فيه تواجد وحقوق الفلسطينيين في أراضي الضفة الغربية إلى هذا الحد، بينما كان ضعيفا في تطبيق القانون ضد المستوطنين في مناطق مخالفات البناء والإضرار بالفلسطينيين. ويجب أن تضاف إلى ذلك تحويلات الميزانية، وموافقات البناء وشرعنة البؤر الاستيطانية، والتي هي أيضا غير مسبوقة في تاريخ المشروع الاستيطاني وإنشاء عدد قياسي من البؤر الاستيطانية غير القانونية، وكسر الطرق بشكل غير مسبوق، وزيادة حادة في حجم وكثافة عنف المستوطنين، الذي وصفه رئيس الشاباك بأنه إرهاب، وإغلاق الطرق، كما سجل رقم قياسي في تبييض وتمويل البؤر الاستيطانية غير القانونية.
وأشارت "السلام الآن" إلى أنه منذ تشكيل الحكومة الحالية، تستكمل إسرائيل إنشاء البنية التحتية الإدارية للضم الفعلي للضفة الغربية إلى إسرائيل، مع مصادرة صلاحيات الإدارة المدنية ونقلها إلى هيئة مدنية سياسية تابعة للوزير سموتريتز.
59 بؤرة استيطانية:
وأكدت الحركة أنه تم إنشاء ما لا يقل عن 59 بؤرة استيطانية جديدة، معظمها بؤر استيطانية زراعية، تشارك في الاستيلاء على الأراضي وطرد الفلسطينيين من المنطقة بشكل منهجي.
وأضافت أن هذا عدد غير مسبوق من البؤر الاستيطانية الجديد، لافتة إلى أنه منذ عام 1996 وحتى بداية عام 2023، تم إنشاء ما معدله السنوي أقل من 7 بؤر استيطانية في السنة.
وكشفت أنه لأول مرة منذ اتفاقيات أوسلو، تم إنشاء 8 بؤر استيطانية على الأقل في المنطقة (ب) الخاضعة إداريا للسلطة الفلسطينية، وهذا يعني أنه من بين جميع البؤر الاستيطانية التي تم إنشاؤها في الضفة الغربية في عام 2024، تم إنشاء ما لا يقل عن 13% منها في المناطق المصنفة (ب).
كما تم الترويج لخطط لبناء (9884) وحدة استيطانية في المستوطنات من قبل مجلس التخطيط الأعلى الإسرائيلي .
وتم نشر عطاءات جديدة لما مجموعه (1,399) عطاء في جميع أنحاء الضفة الغربية، باستثناء شرقي القدس.
كما تم الإعلان عن 24,258 دونماً "أراضي دولة" - أي ما يعادل حوالي نصف كامل المساحة التي تم إعلانها أراضي دولة منذ أوسلو حتى اليوم.
إضافة لذلك قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي، إنشاء خمس مستوطنات جديدة: أفيتار، وجفعات وأساف، وسدي أفرايم، وأدوريم، ومستوطنة ناحال تشالتز . وجميعها بؤر استيطانية غير قانونية من المقرر أن تصبح مستوطنات رسمية.
كما بدأت عملية شرعنة 5 بؤر استيطانية إضافية باعتبارها "أحياء" للمستوطنات القائمة، فيما أعلنت الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، عن نيتها توسيع نطاق المستوطنات لتشمل البؤر الاستيطانية أهايا وبيت إلياهو وبنيدما، وبالإضافة إلى ذلك، تمت الموافقة على إيداع برامج تدريب في معسكر جيدي وبؤر جفعات حنان الاستيطانية .
ووفق "السلام الآن"، تم الاعتراف بـ 70 بؤرة استيطانية غير قانونية مؤهلة للموازنة والبنية التحتية، حيث أمر الوزير سموتريتس الوزارات الحكومية والسلطات الأخرى بالبدء في موازنة 70 بؤرة استيطانية غير قانونية، وإقامة مباني عامة فيها وتوصيلها بالمياه والكهرباء وغيرها من البنى التحتية، كما تم نشر خطة لإقامة مستوطنة جديدة كمنطقة جيب في مدينة الخليل تضم 234 وحدة سكنية شمال كريات أربع في مدينة الخليل للإيداع.
المالية والميزانيات:
وأكدت "السلام الآن"، أن حكومة الاحتلال، ضاعفت ميزانية وزارة الاستيطان والأموال المخصصة لدائرة الاستيطان والمستوطنات، بإضافة 302 مليون شيكل (الدولار= 3.6 شيكل) .
وقالت إن حكومة الاحتلال خصصت 7 مليار شيكل للطرق بين المستوطنات، كما تم الترويج لشق العديد من الطرق بهدف زيادة المستوطنات وعدد المستوطنين بشكل كبير.
كما جرى تخصيص 409 مليون شيكل لمشاريع فريدة في المستوطنات، كمشاريع الحفاظ على الآثار في الضفة، وترميم حديقة سبسطية، وتعزيز حوض البلدة القديمة (مستوطنة سياحية في القدس الشرقية)، ومشاريع تابعة لجمعية إلعاد الاستيطانية.
كما تم تخصيص 75 مليون شيكل للبؤر الاستيطانية غير القانونية، منها حوالي 39 مليون شيكل تم تخصيصها لمزارع الرعاة غير القانونية، وبعضها عنيف ضد الفلسطينيين.
وكشف فريق مراقبة المستوطنات أن حكومة نتنياهو خصصت 75 مليون شيكل في عام 2024 لتمويل البؤر الاستيطانية غير القانونية، منها 39 مليون شيكل مخصصة للمزارع غير القانونية. وتبين أيضًا أن بعض هذه الأموال مخصصة أيضًا لبناء الطرق.
وإلى جانب الدعم المالي، يستفيد مستوطنو البؤر الاستيطانية العنيفة أيضا من الدعم السياسي الذي تقدمه الحكومة.
فالوزير سموتريتش، الذي تسلم من نتنياهو مسؤولية التعامل مع المستوطنات اليهودية في وزارة الجيش، يملي سياسة الوقف شبه الكامل لإخلاء البؤر الاستيطانية وتطبيق القانون على المستوطنين.
من جانبه، قاد الوزير المستقيل بن غفير شرطة الاحتلال لضمان عدم تجنب أعمال العنف، ومنع اعتقالات المستوطنين اليهود الذين ينفذون عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين.
تحركات الضم:
وقالت الحركة إنه في إطار تحركات الضم، تمت مصادرة الصلاحيات المتعلقة بالمستوطنات من الجيش ونقلها إلى مسؤول تحت قيادة الوزير الاستيطاني سموتريتز، والذي قام بتعيين مستوطن في المنصب المعروف باسم "النائب المدني" لرئيس الإدارة المدنية، وهو في الواقع حاكم المستوطنات، وهو ليس تابعا للإدارة المدنية بل للوزير سموتريتش مباشرة.
كما انتقلت المشورة القانونية للإدارة المدنية من الجيش إلى مجموعة من المحامين تحت قيادة سموتريتز .
عنف المستوطنين
ووثّقت منظمات حقوق الإنسان ما لا يقل عن 1,420 حالة من حالات عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين؛ حيث أصيب ما لا يقل عن 356 فلسطينيًا وقتل 3 فلسطينيين على يد المستوطنين.
وتم طرد حوالي 47 مجتمعًا فلسطينيًا منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 بسبب عنف المستوطنين، بما في ذلك ما لا يقل عن 300 عائلة فلسطينية (حوالي 1,762 شخصًا) فقدت منازلهم.
كما يُمنع الفلسطينيون من الوصول إلى مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي الزراعية، حيث يمنع الجيش والمستوطنون الفلسطينيين من زراعة مساحات واسعة حول المستوطنات.
ويتم ذلك من خلال مئات الحواجز المادية على الطرق الترابية والطرق التي أقامها جيش الاحتلال أو المستوطنون، ومن خلال الترحيل من قبل المستوطنين أو الجنود، وهم عادة جنود الاحتياط الذين هم من سكان المستوطنات كجزء من الدفاع الإقليمي.
تراخيص البناء
وبحسب "السلام الآن" لم يوافق مجلس التخطيط الأعلى الإسرائيلي على أي خطط للحصول على تراخيص بناء للفلسطينيين في المنطقة (ج)، موضحة أنه من أصل 138 طلبًا للحصول على تصاريح بناء، تم رفض 137 طلبًا.
هدم أكثر من 1200 مبنى فلسطيني
وأشارت الحركة إلى أن سلطات الاحتلال، هدمت 1,065 مبنىً فلسطينيًا في الضفة الغربية بحجة عدم الحصول على تراخيص بناء، 17 منها في المنطقة (ب)الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية.
وأضافت أنه نتيجة لذلك، فقد 857 فلسطينيًا منازلهم، مشيرة إلى أن عام 2024 يعتبر عام قياسي في عدد منازل الفلسطينيين التي هدمت بسبب عدم الحصول على تصاريح. وللمقارنة، قالت الحركة إنه في العام القياسي السابق 2016، تم تدمير 870 مبنى. بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير 452 مبنى آخر يسكنها 2,704 ساكنًا خلال العمليات العسكرية، خاصة في منطقتي جنين وطولكرم.
وفي القدس المحتلة، هدمت قوات الاحتلال في عام 2024، 215 منزلاً في شرقي القدس بسبب عدم وجود تصريح بناء.
وفي حي البستان ببلدة سلوان، بدأت البلدية عمليات التدمير الممنهج للمنازل ضمن خطة لتدمير الحي بالكامل بغرض إقامة متنزه استيطاني حيث تم تدمير أكثر من 15 منزلاً من أصل نحو 100 منزل صدرت بحقها أوامر هدم.
ولفتت إلى أن قرار الجيش بإغلاق مئات المداخل والمخارج إلى المستوطنات والقرى الفلسطينية في المنطقتين (أ) و (ب)، بالإضافة إلى مئات الحواجز في جميع أنحاء الضفة الغربية، مباشرة بعد بدء الحرب، أدى إلى إضعاف حركة الفلسطينيين بشكل كبير في المنطقة (ج) وجعلها غير آمنة. وسهل على المستوطنين العمل بحرية في جميع أنحاء الضفة الغربية. وبسبب الحصارات العديدة، أصبحت حركة الفلسطينيين برمتها في جميع أنحاء الضفة الغربية أطول بكثير وأكثر تكلفة ومتناثرة للغاية.
وأصبحت الطرق الرئيسية طرقا للمستوطنين فقط، مثل "طريق ليبرمان" الذي يمر ببيت لحم من الشرق، وتم إغلاق جميع مخارج ومداخل القرى الفلسطينية على طوله.
وقالت الحركة المناهضة للاستيطان: إنه ليس من المستغرب أن يكون عام 2024 هو عام الذروة بالنسبة للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، وعام منخفض بالنسبة لحالة حقوق الإنسان للفلسطينيين، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالممتلكات والخنق الاقتصادي والضرر غير المسبوق لحرية حركة الفلسطينيين.
وأضافت أنه إلى جانب هذا، فإن تفرد عام 2024 وخطورته يكمن في السابقة التي تم إنشاؤها في الضفة الغربية، حيث تعمل الحكومة الإسرائيلية بكل الطرق لضم المستوطنات إلى إسرائيل وتوسيع مناطق الضم قدر الإمكان، حتى في عمق المنطقة (ب).
كما أنه من الواضح أن إسرائيل تعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية والإضرار بمكانتها السياسية. ومن مظاهر ذلك إقامة 8 بؤر استيطانية في مناطق (ب) وهدم منازل فلسطينية في مناطق (ب).
واختتمت "السلام الان" تقريرها قائلة: إنه يمكن القول أن الواقع القانوني والإداري والمادي هو أوضح تعبير عن ضم الأراضي إلى إسرائيل. وبهذه الطريقة، فإن عام 2024 ليس فقط عام الذروة للمشروع الاستيطاني، بل هو أيضًا عام الضم الذي تجعل فيه الحكومة الأراضي المحتلة جزءًا لا يتجزأ من دولة إسرائيل، وتحول إسرائيل إلى دولة فصل عنصري.
وتقول معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي.
وقد قضت قرارات الأمم المتحدة في عامي 1979 و2016 بعدم قانونية المستوطنات، كما أعلنت محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز الماضي أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية يخالف القانون الدولي، وذلك في رأي استشاري هام.
وقالت محكمة العدل الدولية إنه يجب على إسرائيل أن توقف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، وأن تنهي احتلالها "غير القانوني" لتلك المناطق وقطاع غزة في أقرب وقت ممكن.