مستقبل مفاوضات غزة.. هل تنجح الضغوط الدولية في كسر الصلف "الإسرائيلي"؟

بينما يحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض واقع جديد في قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار، تتزايد الضغوط الإقليمية والدولية لدفعها نحو تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق مع المقاومة الفلسطينية.

وفي ظل مماطلة حكومة بنيامين نتنياهو، تلجأ تل أبيب إلى سلاح التجويع والمساعدات الإنسانية كأداة ضغط على المقاومة، سعيًا لإجبارها على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين دون تقديم التزامات بالانسحاب الكامل أو إنهاء الحصار.

في هذا السياق، تتباين المواقف بين الأطراف المعنية؛ فبينما ترفض المقاومة الفلسطينية أي تنازل دون ضمانات سياسية وعسكرية، تعارض مصر استمرار سيطرة الاحتلال على معبر رفح، وتدفع باتجاه خطة إعمار تمنع أي مخططات للتهجير القسري.

وفي المقابل، يجد نتنياهو نفسه محاصرًا بضغط الداخل الإسرائيلي، الذي انقلب عليه عقب نشر حركة حماس لمشاهد أسرى الاحتلال، فضلًا عن ضغوط الوسطاء الداعين لاستكمال الاتفاق وتنفيذ بنوده بالكامل.

فما هي أبعاد هذه الاستراتيجية الإسرائيلية؟ وهل تنجح المقاومة في إفشالها؟ وكيف يمكن أن تؤثر المواقف الإقليمية والدولية على مسار المفاوضات؟

التجويع كسلاح تفاوضي

يرى الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد، أن "إسرائيل تسعى للحفاظ على الواقع الميداني الذي تشكل عقب وقف إطلاق النار، من خلال إبقاء سيطرتها على معبر رفح ومحور صلاح الدين، إضافة إلى بعض المواقع القريبة من شارع الرشيد وصلاح الدين. وفي الوقت نفسه، تستخدم سلاح التجويع والمساعدات الإنسانية كأداة للضغط على المقاومة لإجبارها على تسليم الأسرى دون تقديم أي التزام بالانسحاب الكامل".

وأوضح عياد في حديثه لـ"قدس برس"، أن "تل أبيب تحاول استثمار سياسة التجويع لتعزيز حضورها السياسي في غزة، وإضعاف قدرة المقاومة على إدارة المشهد الداخلي، وذلك لتجنب الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تتطلب انسحابًا كاملاً من القطاع والشروع في خطة الإعمار، وهو ما لا يرغب بنيامين نتنياهو في الالتزام به".

وأضاف أن "هذه الاستراتيجية الإسرائيلية محكوم عليها بالفشل، نظرًا لصلابة موقف المقاومة والمفاوض الفلسطيني، إلى جانب الرفض المصري لاستمرار سيطرة الاحتلال على معبر رفح، حيث تسعى القاهرة إلى إطلاق عملية إعمار تُبعد شبح التهجير عن الفلسطينيين، وتنقل الأعباء الأمنية إلى الجانب المصري".

وأشار عياد إلى أن "ضغوط الوسطاء الإقليميين والدوليين على إسرائيل والولايات المتحدة ستتصاعد لدفعهما نحو تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تُعتبر المدخل الفعلي لخطة الإعمار المصرية".

الدعم الأمريكي والصلف الإسرائيلي

من جانبه، أكد المختص في الشؤون الإسرائيلية خالد سعيد أن "نتنياهو يحاول عرقلة المرحلة الثانية من الاتفاق، الذي وقعته حكومته مع حركة حماس في 19 يناير الماضي، بعدما أظهرت لقطات الفيديو والصور التي نشرتها المقاومة حول الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، تفوقها السياسي والعسكري، ما أثار استياء الداخل الإسرائيلي وانقلب عليه سياسيًا".

وفي حديثه لـ"قدس برس"، أشار سعيد إلى أن "القمة العربية الطارئة المنعقدة في القاهرة اليوم، تهدف إلى التأكيد على استمرار المفاوضات بين إسرائيل وحماس لضمان إطلاق باقي الأسرى، والعمل على وقف الحرب في قطاع غزة. كما تأتي ردًا على الدعوات الأمريكية لتهجير الفلسطينيين من القطاع، والتي تعزز المخاوف من مخططات التهجير القسري".

وأوضح سعيد أن "التصعيد الإسرائيلي الأخير تزامن مع تولي دونالد ترامب السلطة في البيت الأبيض، ما يعكس دعمًا أمريكيًا ضمنيًا للسياسات الإسرائيلية الرامية إلى تجويع وتشريد الفلسطينيين في غزة، وتدمير الضفة الغربية، وفرض السيادة الصهيونية عليها".

وأشار إلى أن "التصريحات العنترية للقادة الإسرائيليين، التي تصاعدت منذ 20 يناير الماضي، تهدف إلى إفشال المفاوضات مع حماس وإجبارها على قبول ما تسميه تل أبيب بـ “مقترح ويتكوف”، الذي يقضي بالإفراج عن نصف المحتجزين الإسرائيليين دفعة واحدة، دون الالتزام بأي خطوة بشأن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال".

وختم سعيد حديثه "بالتأكيد على أن نتنياهو يسعى لجرّ المجتمع الدولي للضغط على حماس، لإجبارها على الإفراج عن بقية المحتجزين الإسرائيليين، دون تقديم تنازلات تتعلق بانسحاب الاحتلال أو فك الحصار عن غزة".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"حماس" تثمن المواقف العربية المنددة بالعدوان على غزة
مارس 18, 2025
ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، المواقف العربية والإسلامية والدولية المندّدة والرافضة "لاستئناف نتنياهو وحكومته المتطرّفة عدوانها المتوحّش، بعد انقلابها على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة". ودعت "حماس" الدول الصديقة والداعمة لعدالة القضية الفلسطينية إلى "ممارسة الضغوط على الإدارة الأمريكية لوقف هذا العدوان وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزّل". وطالبت الأمم المتحدة، بمختلف مؤسساتها
60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
مارس 18, 2025
أدى 60 ألف مصل صلاتي العشاء والتراويح في اليوم الثامن عشر من شهر رمضان الفضيل، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، في ظل الإجراءات العسكرية المشددة التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الوصول إلى المسجد. وقدّرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس (تابعة للأردن) أن "نحو 60 ألف مصل أدوا صلاتي العشاء والتراويح في رحاب المسجد الأقصى،
غوتيريش: نشهد معاناة لا تطاق في غزة
مارس 18, 2025
قال أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، إننا "نشهد وضعا عانى فيه الشعب الفلسطيني معاناة لا تُطاق مع الغارات الجوية التي أودت بحياة المئات والمساعدات الإنسانية ما زالت محظورة". وأضاف غوتيريش، أن "دور الأمم المتحدة هو بذل قصارى جهدها لإقناع الأطراف، ودفع المجتمع الدولي للضغط من أجل 3 جوانب أساسية". وأوضح أن الجوانب تتمثل
حمدان: الاحتلال واهم إذا ظن أنه سيضغط علينا بتصعيد عملياته العسكرية
مارس 18, 2025
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أسامة حمدان، الثلاثاء، إن الاتصالات مع الأشقاء في قطر ومصر مستمرة للجم العدوان "الإسرائيلي" على الشعب الفلسطيني. وأضاف حمدان، أن الحركة "منفتحة على أي جهد يعيد اللحمة للشعب الفلسطيني لمواجهة العدو الإسرائيلي". وأوضح أن "تهجير آلاف الفلسطينيين في الضفة تم تحت سمع وبصر السلطة دون أن تحرك ساكنا".
عودة الحرب على غزة.. تفاوض بالنار أم تنفيذ لخطة التهجير؟
مارس 18, 2025
استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي بصورة مفاجئة، فجر الثلاثاء، حربه المستعرة على قطاع غزة، ضاربًا ملف التفاوض حول وقف إطلاق النار عرض الحائط؛ حيث شن عشرات الغارات دفعةً واحدة على مناطق متفرقة من القطاع ما تسبب باستشهاد ما يقرب من 500 فلسطيني. ورغم شكل التصعيد المفاجئ، إلا أن محللين عسكريين وسياسيين يرونه متوقعًا وليس وليد اللحظة،
"حماس" توجه نداء للعالم لتجديد وتصعيد الحراك التضامني مع غزة
مارس 18, 2025
وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، نداء إلى الأمة وأحرار العالم، من أجل تجديد وتصعيد الحراك التضامني مع غزَّة، تنديدا باستئناف الاحتلال عدوانه وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. وقالت الحركة في بيان تلقته "قدس برس"، أنه "أمام استئناف حكومة الاحتلال الفاشية عدوانها الهمجي وحرب الإبادة الجماعية ضدّ شعبنا في قطاع غزَّة، وانقلابها على اتفاق وقف