الضربات الأمريكية على اليمن.. الأهداف والنتائج

في ظل التصعيد العسكري المتواصل في البحر الأحمر، باتت الضربات الأمريكية على اليمن محل جدل واسع، وسط تساؤلات حول أهدافها الحقيقية وإمكانية تحقيقها لأي إنجاز ميداني أو سياسي.
فبينما تروج واشنطن لعملياتها باعتبارها "حربًا على التهديدات البحرية"، يرى محللون أنها تأتي في سياق أوسع يهدف إلى حماية المصالح الإسرائيلية وكسر الحصار الذي فرضه الحوثيون على السفن المرتبطة بالاحتلال.
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء ومحللون يمنيون وعرب أن هذه الضربات "لن تغيّر المعادلة العسكرية"، مشيرين إلى أن "واشنطن تعاني من مأزق استخباراتي واستراتيجي في التعامل مع الأزمة".
حماية "إسرائيل"
أكد الكاتب والمحلل السياسي اليمني أحمد الحسني أن "الغارات الأمريكية، رغم شدتها، لا تستهدف إسقاط حركة الحوثيين أو احتلال اليمن، وإنما تأتي في سياق دعم إسرائيل الحصار المفروض من قبل اليمن على العدو".
وأوضح الحسني، في حديثه لـ"قدس برس"، أن "الهدف من هذه العمليات هو تكثيف القصف الجوي للضغط على الحوثيين، تمهيدًا لفتح قنوات تفاوض مع صنعاء"، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة لن تتمكن من تغيير موازين القوى في مواجهة الحوثيين لسببين رئيسيين".
وأضاف أن "السبب الأول يتعلق بالوضع المحلي، حيث تعاني القوى التابعة للسعودية والإمارات من حالة ضعف وانقسام، مما يجعلها غير مؤهلة لخوض مواجهة عسكرية مع قوات صنعاء".
أما السبب الثاني، وفق الحسني، فيرتبط بـ"الموقف الإقليمي، إذ تسعى الرياض وأبوظبي إلى تجنب الانخراط في حرب مباشرة على غرار ما حدث عام 2015، نظرًا للتكلفة الباهظة لأي تصعيد عسكري".
وأوضح الحسني وهو الناطق باسم "المجلس الاعلى للحراك للثوري الجنوبي"، أن "صواريخ صنعاء والطائرات المسيّرة قادرة على استهداف مواقع حساسة في العمقين السعودي والإماراتي، كما أن البلدين لا يريدان انهيار الهدنة الموقعة مع صنعاء، لأن ذلك سيؤدي إلى مواجهة جديدة قد تغير المعادلة في الداخل اليمني لصالح صنعاء".
فشل إستراتيجي
أكد الباحث اليمني أنيس منصور أن "الغارات الأمريكية على اليمن تأتي في سياق موقف الحوثيين من غزة وحصار البحر الأحمر".
وأوضح منصور، في حديثه لـ"قدس برس"، أن "البحر الأحمر يشكل ملفًا حساسًا للولايات المتحدة، ويريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقديم نفسه كمنقذ للشركات الغربية، مدعيًا تحقيقه انتصارًا في هذا الملف".
وأضاف أن "هذه الضربات لن تحقق أي انتصار حاسم، إذ لا يمكن للطيران وحده أن يغير مسار المعركة".
كما شدد الباحث اليمني على أن "القدرات العسكرية للحوثيين لن تتأثر بشكل جوهري، في حين أن المتضرر الأكبر من القصف هم المدنيون، نظرًا لافتقار الولايات المتحدة وحلفائها، إسرائيل وبريطانيا، إلى معلومات استخباراتية دقيقة على الأرض، وفقًا لاعترافاتهم".
وأشار منصور إلى أن هذه العمليات العسكرية "قد تنقلب إلى مكسب سياسي للحوثيين، إذ ستبدو واشنطن في موقف الفشل والعجز".
كما أكد أن "طبيعة التضاريس الجبلية في اليمن، إلى جانب صمود الشعب اليمني، تجعل من المستحيل تحقيق أي إنجاز حقيقي"، مضيفًا أن "القصف استهدف مناطق سكنية دون أي تأثير استراتيجي يُذكر".
عجز دبلوماسي
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد أن "الهجوم الأمريكي على اليمن يعكس حالة الانسداد السياسي والدبلوماسي التي تواجهها الإدارة الأمريكية، التي كانت تعوّل على الدبلوماسية والصفقات لخفض التصعيد، لكنها وجدت نفسها متورطة في صراع مسلح بعد أقل من أربعة أشهر على تولي الرئيس الأمريكي منصبه".
وأوضح عياد، في حديثه لـ"قدس برس"، أن "العمليات الأمريكية تعاني من ضعف استخباراتي حاد، ما دفعها لاستهداف محطات طاقة ومنازل مدنيين وقيادات وسطى دون التأكد من إصابتهم".
كما أشار إلى أن "الضربات الأمريكية أدت إلى شبه إغلاق لمضيق باب المندب، حيث غيرت نحو 60% من سفن الشحن مسارها نحو أفريقيا، ما يعني أن الحوثيين نجحوا في تحقيق أحد أهدافهم الاستراتيجية من خلال عملياتهم العسكرية".
وأكد عياد أن هذه العمليات "محدودة زمنيًا وتفتقر إلى أهداف استراتيجية واضحة، ما يجعلها غير قادرة على تحقيق حسم عسكري حقيقي".
واعتبر أنها "مجرد محاولة أمريكية للهروب من حالة الجمود الدبلوماسي، عبر إحداث ضجيج عسكري دون نتائج ملموسة على أرض الواقع".