مخيما طولكرم ونور شمس.. ظروف حياتية لا توصف

بعد جهد جهيد، تمكنت طواقم الطوارئ هذه الليلة من الوصول وإدخال المساعدات إلى بعض المنازل الفلسطينية المحاصرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي في حارة "المنشية" في مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة.
وقال الناشط أوس فقها لقدس برس إن عشرات العائلات الفلسطينية ترفض النزوح ومغادرة المخيم رغم الخطر الشديد على حياتها جراء التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بقتل كل من يتحرك في المخيم أو على الأقل اعتقاله والتنكيل له.
ويلفت إلى أن هذا جعل الصامدين في المخيم يعانون الويلات جراء نقص الطعام والماء والدواء، وانقطاعهم الكامل عن محيطهم سواء الحارات الأخرى في المخيم أو مع خارجه، لذلك كان لا بد من المخاطرة والوصول إليهم وإيصال بعض المساعدات الغذائية والدوائية لهم.
يقول: "ننسق مع المحافظة ولجان المساندة لإمداد الصامدين في المخيم بالمواد الغذائية الأساسية، مثل الخبز والطحين وبعض الخضروات، لكن المطلوب أكبر بكثير من المتوفر، إضافة إلى وجود حاجة ماسة للفرش المنزلي، والملابس".
ويشير إلى أن "إدخال المساعدات بات مخاطرة كبيرة، ويتم عبر إجراءات معقدة، وعمليات تنسيق مرهقة تكاد تكون أشبه بالسرية، إذ نتسلل بين البيوت ليلاً خشية انكشاف أمرنا، ويزيد انقطاع الكهرباء من الصعوبات، مع عدم القدرة على استخدام السيارات أو حتى الدراجات النارية، ونضطر إلى حمل المعونات والسير بها لمسافات طويلة".
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مخيمي طولكرم ونور شمس، وسط عمليات تدمير واسعة، ضمن عملية "السور الحديدي" التي انطلقت في جنين في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، ثم توسعت إلى عدة مدن ومخيمات في شمالي الضفة الغربية.
ومع كل هذا، يرفض المسن عبد المجيد شعبان (68 سنة) كل محاولات أولاده لإقناعه بمغادرة المخيم طولكرم أسوة بآلاف السكان الذين غادروه مجبرين نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل الذي يتعرض له منذ نحو خمسين يوما تقريبا.
وينتشر القناصة على أسطح البنايات المجاورة لبيت شعبان، ويسيطر جنود الاحتلال على عشرات المنازل في الحارة التي يقطنها، إلا أنه يصر على عدم النزوح، أو تكرار التهجير الذي عاشه والده وأجداده.
يقول حفيده الذي يحمل اسمه إن جده يكرر يوميا عشرات المرات أنه لن يموت إلا في بيته داخل مخيمه، وأنه لن يسمح لنفسه ولا لعائلته أن تعيد من جديد مشهد التهجير.
أما الحاجة بدرية سالم، فلم تغادر بيتها هي الأخرى، وتصر على الصمود في مخيم نور شمس الملاصق لمخيم طولكرم. تقول لقدس برس "أنا عشت نكسة عام 1967، كنت في العاشرة من عمري واليوم لدي أكثر من 40 ابنا وابنة وأحفاد، ودوما ازرع فيهم حب الوطن والتحدي. كنت في شبابي من الناشطات في المخيم إضافة لعملي مديرة لمدرسة الاناث لنحو عشرين عاما. ولا أقبل أن أظهر أمام أبناء وبنات مخيمي بالضعيفة".
تحتاج الحاجة بدرية يوميا لتناول خمسة أقراص من الأدوية المخصصة للسكري والنقرص، لكنها لم تشرب حبة واحدة منذ أكثر من شهر بعدما نفد الدواء. تقول "أصبر ع المرض ولا اصبر على النزوح. ومن نزح يعاني اليوم الأمرين".
ويفتقد الصامدون داخل المخيمات لأجواء رمضان، فلا توجد صلوات في المساجد ولا زيارات بين الأقارب والجيران، وكل المحلات التجارية مغلقة.