ما هي الانتهاكات "الإسرائيلية" للهدنة التي سبقت استئناف العدوان على غزة

دخلت الهدنة بين حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ يوم 19 كانون الثاني/يناير 2025، وكانت تتضمن ثلاث مراحل.
وأسفرت المرحلة الأولى، التي انتهت في بداية آذار/مارس الجاري، عن إطلاق سراح 33 أسيراً إسرائيلياً وخمسة أسرى تايلانديين كانوا لدى حركة "حماس"، مقابل إطلاق سراح حوالي ألف و700 أسير فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية.
وبينما كان من المقرر أن يلتقي الجانبان في اليوم السادس عشر من الاتفاق للتفاوض حول شروط المرحلة الثانية، لم ترسل "إسرائيل" وفداً للمحادثات وسعت، مدعومة من الولايات المتحدة، إلى تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، بينما أكدت حركة "حماس" أن الهدنة يجب أن تنتقل إلى المرحلة الثانية.
وتتمثل الخطوط العريضة للمرحلة الثانية، التي لم يتم الاتفاق على تفاصيلها بعد، في إطلاق سراح جميع أسرى الاحتلال مقابل الانسحاب الكامل من غزة، حيث يؤكد المسؤولون في دولة الاحتلال أن قواتهم لن تنسحب من القطاع ما لم تتم إزالة القدرات العسكرية والحكومية لحركة "حماس" بالكامل.
كما كان من المتوقع أن يتم مناقشة خطة للحكم في غزة بعد الحرب في المرحلتين الثانية والثالثة، أما المرحلة الثالثة فقد كان من المتوقع أن تتضمن عودة جثث الأسرى الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في غزة، وإعلان خطة لإعادة إعمار تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات للقطاع تحت إشراف جهات دولية.
وفي هذا السياق، صادقت جامعة الدول العربية، يوم 4 آذار/مارس الجاري، على خطة إعادة إعمار غزة التي اقترحتها مصر، بقيمة 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، والتي تسعى لتطوير القطاع دون تهجير سكانه.
وجاءت الخطة العربية كمقترح مضاد لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شباط/فبراير الماضي، الذي قال إنه يخطط للسيطرة على القطاع وتحويله إلى مركز سياحي، مع تهجير سكانه إلى دول أخرى، وهو اقتراح استنكره المجتمع الدولي بوصفه "تطهير عرقي"، وقد حظيت الخطة العربية بدعم من المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا وألمانيا.
ومع ذلك، انتهكت "إسرائيل" بالفعل وقف إطلاق النار في مناسبات عديدة قبل الهجوم الذي وقع اليوم الثلاثاء، وواصلت هجماتها القاتلة على غزة بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، مما أدى إلى مقتل أكثر من 155 فلسطينياً في أنحاء غزة خلال فترة سريان الهدنة.
كما انتهكت "تل أبيب" جوانب رئيسية من الاتفاق، حيث تأخرت عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، وأعاقت تدفق المساعدات الإنسانية، وسمحت بدخول عدد أقل بكثير من الشاحنات مقارنة بالعدد المتفق عليه وهو 600 شاحنة يومياً، فضلاً عن منع دخول المنازل المتنقلة والخيام والآلات الثقيلة اللازمة لإزالة الأنقاض.
ورفض الجيش الإسرائيلي أيضاً الانسحاب من ممر فيلادلفيا، المنطقة العازلة على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، في انتهاك لشروط الاتفاق بالانسحاب بحلول اليوم الخمسين من الاتفاق.
في النهاية، منعت "إسرائيل" دخول جميع المساعدات إلى غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق في الثاني من آذار/مارس، ثم أعلنت أنها قطعت إمدادات الكهرباء عن القطاع في إجراءات أدانها خبراء الأمم المتحدة باعتبارها جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
وشنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الثلاثاء، عدوانا واسعا على غزة، مستأنفة حرب الإبادة مجددا على القطاع، حيث قصفت عدة مناطق، ما أدى لارتقاء 322 فلسطينيا بينهم أطفال وأصيب أكثر من 440 بينها حالات خطيرة.
وقصف جيش الاحتلال خيام النازحين بمنطقة "مواصي" غربي خان يونس، وكذلك مدرسة تؤوي نازحين في حي "الدرج" وسط مدينة غزة، وثلاثة منازل في شارع الصناعة في حي "تل الهوا"، بالإضافة إلى مناطق في البريج ومخيم النصيرات.
وترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.